"الجاني مجهول".. من يحرق عيدان القصب في قنا؟ (صور)

في الوقت الذي ينتظر فيه مزارعو محافظة قنا، موسم كسر القصب لقطف ثمار عام مضى من الكد والتعب في رعاية المحصول، يعيش عشرات المزارعين بقنا في حالة من الرعب بسبب الحرائق المتكررة وموجات الدمار التي تهاجم محصولهم الاستراتيجي، وأصبح سماع صوت "سارينة" سيارات الإطفاء لا يعني سوى إدراج أسماء ضحايا جدد لسجل مزارعي القصب الذين خسروا المحصول الرئيسي، إذ وصلت مساحة الزراعات المحترقة بقصب السكر خلال شهر فبراير فقط بما يقارب 648 قيراطا على الأقل وذلك وفق بيانات قوات الحماية المدنية.

أصابع الاتهام الموسم الماضي كانت تشير مرة للمزارعين وأصحاب الأراضي أنفسهم، لسرعة تسليم المحصول للمصنع، وتارة أخرى إلى لصوص الموتوسيكلات لاستغلال قيام أصحابها بالمشاركة في إطفاء النيران وسرقة دراجتهم البخارية، في حين أضحت هذه الفكرة مستبعدة، خاصة أن حرائق القصب بدأت بالتزامن مع انطلاق موسم الكسر، والخاسر الأكبر من الحرائق هم أصحاب الأراضي أنفسهم، وأيضًا لم تسجل المراكز الشرطية أي محاضر لسرقة موتوسيكلات مشاركين في عمليات الإطفاء، لتصبح الإجابة على سؤال من يحرق عيدان القصب في قنا شبه مستحيلة.

موسم الخير

يقول يوسف إبراهيم، مزارع لـ"القاهرة 24"، إن كسر القصب بالنسبة للمزارعين موسما للخير في كل قرى قنا، التي تعتمد على زراعة القصب كمحصول أساسي، مشيرًا إلى أنه يأتي بالخير على الجميع بداية من مالك الأرض وحتى العمالة الزراعية التي لا تمتلك أرضا: "أسر كتير بتستنى موسم القصب للحصول على القيمة المادية للمحصول من مصانع السكر، من أجل إتمام خطبة شبابها أو إتمام الزواج لمن سبق له الخطبة، أو لسداد الديون".

خسائر فادحة

إبراهيم يضيف أن حرائق القصب التي ضربت المحصول خلال العام الحالي أصبحت هاجسا في رؤوس المزارعين، خوفًا من ضياع تعب عام كامل، وتهديد بعضهم بالسجن في حالة عدم سداد ديونهم، خاصة وأن الكثير منهم يحصل على قروض من البنوك على أمل سدادها من قيمة المحصول بعد توريده للمصانع.

تكمن نتائج حرائق القصب للمزارعين في أن شركة السكر تستلمه بأقل من سعره، حيث إن القصب الذي يتعرض للحريق ينخفض سعره بمقدار 200 جنيه للطن، كما أن شحن العربة الواحدة يزيد بمقدار 500 جنيه، بحسب سعد مصطفى، أحد كبار المزارعين، مؤكدًا أن الشائعات التي تترد حول تعمد المزارع إحراق حقله توفيرا للعمالة غير صحيحة لأنها تلحق المزارع خسائر فادحة.

من الجاني؟

ويتسائل محمد جودة، مزارع، عن من يحرق القصب في قنا؟، مشيرًا إلى أن دائمًا ما يكون الجاني مجهولة بالنسبة للأجهزة الأمنية وللمزارعين على حد سواء، مطالبا  بضرورة التحرك من الجهات المعنية لكشف من وراء حوادث حرق القصب بهذا الشكل الموسع، ومن مصانع السكر بتعويض المزارعين عن خسائرهم الناجمة عن حرق محاصيلهم بدلا من قبول توريده بسعر أقل من الفعلي.

مصير القصب المحترق

ويوضح عبدالقادر حمد، مهندس بمصنع سكر نجع حمادي لـ"القاهرة 24"، أن المصنع يحرر محاضر حرائق القصب، كما يشكل لجنة لإجراء التحاليل على القصب المحروق، ويتم حساب سعر طن القصب المحروق بناء علي نتيجة التحاليل التي تجري بعد 48 ساعة من الحريق، وعليه يتقرر حساب سعر طن القصب المحروق. ويشير إلى أن المصنع يطبق خصم مالي على طن القصب المحروق السكر، وهو ما يؤكد أن المزارع ليس لديه المبرر أو الدافع لإشعال النيران في محصوله.

بلاغات متعددة

ويؤكد مصدر بالحماية المدنية لـ"القاهرة 24"، أن عدد الحرائق التي طالت محاصيل القصب في قنا وفقًا للبلاغات الرسمية تجاوز الـ30 بلاغًا منذ انطلاق موسم كسر القصب منتصف يناير الماضي، بمساحات شاسعة قد تتجاوز  تجاوز أكثر من 10 حرائق منذ بدء الموسم بمساحات شاسعة قد تتجاوز 700 قيراط مجتمعة، مشيرًا إلى أن قوات الحماية المدنية بقنا لا تدخر جهدًا في الحد من امتداد النيران للزراعات المجاورة.

ويتابع مصدر أمني بمديرية أمن قنا، إن الأجهزة الأمنية بقنا في مختلف المراكز الشرطية لم تسجل أي بلاغات بخصوص سرقة دراجات بخارية لمواطنين ممكن يشاركوا قوات الحماية المدنية في عمليات الإطفاء خلال العام الحالي، مؤكدًا أنه يجري تكثيف الجهود الأمنية للكشف عن مرتكب وقائع حرق محصول القصب في محافظة قنا.