السبت 30 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

احسدني شكرًا

الخميس 11/مارس/2021 - 05:44 م

قرار الله تعالى بهبوط سيدنا آدم وزوجته من الجنة إلى الأرض جاء لتعميرها بالإنجاب، فينتشر البشر في ربوعها، فخلق الله من ذلك الانتشار الألفة والمحبة بين قلوب الجميع فيولد من نسل آدم طفلًا بريئًا لا يعرف المكر والضغينة بلقب أبيض، لتخلق المواقف بين بني الإنسان تلك المنبوذات.

ومع انتشار السوشيال ميديا وتطور التكنولوجيا من حولنا بشكل مخيف، أصبح في استطاعة الجالس على كرسي من الخشب، بضغطة زرٍّ واحدة، أن يجوب العالم ليتعرف على شعوب الكرة الأرضية فيكتشف ماذا يفعلون، وماذا يأكلون، وكيف يلبسون، حتى أنه أصبح يعرف ما يدور في فلك حياتهم الشخصية، وربما تركت هذه المعرفة في نفوس البعض ضغينة من الضغائن.

ومن بين تلك الضغائن التي أصبحت منتشرة مع انتشار التكنولوجيا "الحسد"، فأصبح هناك تساؤل يطرح نفسه دائما وهو هل هناك علاقة مرتبطة بين التطور التكنولوجي وبين الحسد؟، أم أن الحسد لا يكون إلا بالعين فقط ولا يعرف طريقًا إلى القلوب التى لا ترى؟.

في عصر السوشيال ميديا أصبح معرفة ما يفعله أي شخص في فلك يومه سهلاً للغاية، فإذا كنت تريد معرفة ما يفعله أي شخص من بداية الاستيقاظ من النوم وحتى الخلود إليه مرة أخرى؛ فقط بكبسة زر واحدة ستدخل إلى حسابه عبر الفيس بوك لتعرف كل ذلك، فحاليًّا لا تحتاج إلى جاسوس كي يتفقد أثر الشخص ليروي لك كواليس حياته حتى الشخصية منها.

مع انتشار الهواتف الذكية ورخصها أصبح بمقدور كل شخص اقتناؤها، فتجدها حاليًّا مع المزارع وهو يروي أرضه ليلتقط صورة سيلفي مع حماره ناشرًا إياها عبر حساب على الفيس بوك لم يكلفه أي شيء سوى الدخول بجنيهات بسيطة مشتركًا في باقة إنترنت عبر شبكات وصل عددها إلى أربعة داخل جمهورية مصر العربية. 

حياتنا اليومية أصبحت متاحة للجميع حتى الخاصة منها، وصار البعض ينشر تفاصيلًا حتى وقت قصير كان البعض يخجل من سردها حتى أمام أقرب الناس إليه، فحاليًّا نجد الشخص يذهب إلى مطعم ليأكل فينشر صورة له أمام منضدة مليئة بالطعام، وآخر يتوجه لشراء ملابس فينشر صورته ممسكًا بملابس باهظة الثمن لإرضاء غرور نشب بداخله لن يهمد إلا بنشر صورة تمثل عظمة بالنسبة له.

لم يدرك أيٌّ من هؤلاء أن حسابه الشخصي يعج بالآلاف من المتابعين من عرفهم ومن لم يعرفهم، منهم الفقير والمحتاج والبائس وغيرهم، فكل شخص ينظر إلى ما ينقصه ممن وجد في الصور سيتمنى من الله أن يكون في موقف صاحب الصورة، النفوس ضعيفة والعين دائما تميل إلى الأحسن، وكذلك تبغض الأحسن.

أنا محسود شعار خلقه الآلاف رغم أنه لا يدري بأنه يساعد من يحسده على ذلك، ينشر صورة لينظر إليها محتاج فنظرة واحدة تدخل في نفق الحسد، الحسد ذكر في القرآن الكريم، والأديان السماوية ذكرت ذلك كثيرًا، لم ننكر ذكر الله تعالى في قوله "وأما بنعمة ربك فحدث"، ولكن ليست كل النعم تذكر ويظل المثل الشعبي "داري على شمعتك تقيد" الأعظم فيما قيل من نصائح.

تابع مواقعنا