محمد الفقي يكتب: الاقتصاد غير الرسمى.. قوة مصر غير المستغلة
يمكننا القول، وبدون التطرق للتعاريف الأكاديمية، إن تعريف الاقتصاد غير الرسمي يقصد به جميع الأنشطة الاقتصادية غير الخاضعة للرقابة من قبل مؤسسات المجتمع وبيئته القانونية والاجتماعية، بمعنى أن هذه الأنشطة تتم خارج السيطرة والرقابة الكاملة من الحكومات، وبالتالي فهي لا تخضع للضرائب ولا التأمينات بمختلف أنواعها ولا تدخل ضمن حساب الناتج القومي الإجمالي للدولة، ومن الممكن تسمية هذه الأنشطة بمسميات أخرى مثل الاقتصاد الموازي أو الاقتصاد الشعبي أو اقتصاد الظل، حيث إن الاقتصاد غير الرسمي المتمثل في مشروعات أغلبها من الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر لا يخضع للإشراف العام على الجودة أو للإشراف الضريبي.
وينتشر الاقتصاد غير الرسمي بشكل كبير في مصر ومن أشهر صوره: الباعة الجائلون والأسواق العشوائية وسائقو التكاتك ومصانع "بئر السلم" والعقارات غير المسجلة، وتتوسع تلك الأنشطة في البلاد التي تتسم بالتباين في المستويات الاجتماعية والتفاوت بين طبقات المجتمع الواحد، وأيضاً في الاقتصاديات التي لا توفر فرص عمل كافية ولائقة لطالبيها لضمان مستوى معيشة كريمة لهم ولإعالة ذويهم وأسرهم، مما يدفع الأفراد للعمل بصورة غير منظمة للحصول على متطلبات المعيشة اللائقة.
ومن جهة أخرى فإن الهدف من دمج الاقتصاد غير الرسمي في اقتصاد الدولة ليس هو زيادة الحصيلة الضريبية فقط بل خضوع هذه الأنشطة لإشراف الجهات المتخصصة، مثل إخضاع عربات الطعام لإشراف وزارة الصحة للتأكد من صلاحية الأطعمة للاستهلاك الآدمي.
كما أن الفشل في محاولات تقنين الاقتصاد غير الرسمي التي بذلت خلال السنوات السابقة كان خلفه عدم وجود قانون رسمي يعالج هذه القضية المهمة جدا حتى صدوره في منتصف يوليو 2020، كما أن نجاح دمج الاقتصاد غير الرسمي يعتمد على مدى تطبيق القوانين بصرامة على الممتنعين عن توفيق أوضاعهم، وعلى تشجيعهم من خلال الإعفاءات الضريبية، وتسهيلات الحصول على قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتطوير مشروعاتهم.
إن دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الاقتصادية الرسمية للدولة خطوة مهمة لتنمية اقتصاد السوق وتحسين أوضاع أصحاب المشروعات والعاملين بها من خلال الحصول على خدمات البنية الأساسية والائتمان وحزمة الحوافز التي تمنحها الدولة لهم، والاستفادة من مزايا الأسواق الموسعة وتجنب الضغوط التي يتعرضون لها في القطاع غير الرسمي.
كما أنه من الواجب على الدولة من أجل تشجيع المنتميين للاقتصاد غير الرسمي على الانضمام للاقتصاد الرسمي تسهيل إجراءات الحصول على القروض للمشروعات القائمة والتي تهدف إلى الاندماج داخل منظومة الدولة الاقتصادية، والتوسع في إطلاق مشروعات جديدة من خلال تيسير إجراءات التأسيس وتخفيض تكاليف التشغيل من خلال وضع نظام ضريبي مبسط للأنشطة التي يتم قيدها مع تبسيط إجراءات تسجيل العمالة وسداد التأمينات الاجتماعية التي بذلت خلال السنوات السابقة.