لماذا يكره المصريون محمد رمضان؟
مما لا شك فيه أن محمد رمضان قد أصبح "نمبر وان " في قائمة الفنانين المصريين المكروهين سواء من الوسط الفني أو من جمهوره عامة، وقد تصاعد الأمر مؤخرا نتيجة الفيديو الذي نشره وهو يلقي دولارات في حوض سباحة مليء بالمياه، وهو ما يعده الجمهور تبذيرا نتيجة للأحوال الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
حتى نستطيع الحكم على الأمر بنظرة موضوعية علينا أن نسترجع رحلة صعود محمد رمضان، وكيف تحول من ممثل ثانوي في المسرح لنجم الشباك الأول، لم يكن محمد رمضان من الممثلين حسني المظهر من منظور الجمال الجسدي، فلم يكن مفتول العضلات، أو ذا شعر حريري أو أعين ملونة، ولكنه كان يمتلك العنصر الأساسي للنجاح وهو الموهبة، وهو ما اعترف به الفنان "عمر الشريف" في لقاء تيلفزيوني سابق.
ولكن الوسط الفني لم يفتح زراعه تجاهه نتيجة، للبيئة الفقيرة التي نشأ فيها محمد رمضان مما جعله عرضة للتنمر في مناسبات عدة، لينفجر نجم محمد رمضان بعد فيلم احكي يا شهرازد ويتبناه السبكي و يقوم بإنتاج السلاسية الملعونة "الألماني ، قلب الأسد ، عبده موتة" ليتحول محمد رمضان من النجم الموهوب المضطهد، لنجم الشباك الأول المتهم بنشر البلطجة.
لا يستطيع أحد إنكار دور السينما في التقويم المجتمعي، ولكن هل كان محمد رمضان والسبكي سببا حقيقيا في نشر البلطجة في هذه الفترة؟
الحقيقة أن انتشار البلطجة في هذه الفترة كان نابعا من تسليط الضوء على الطبقة المطحونة التي عانت من الفقر وتدهور التعليم فانطلقت تحرق كل ما تقابله بعد الثورة المصرية ولكن التفسير الأسهل كان إلقاء اللوم على محمد رمضان والسبكي، ومن وجهة نظري أنه كان هناك أصابع اتهام موجهة ناحيتهما، كان من الأفضل أن توجه ناحية عدم إتقان الصناعة والتكرار والابتزال في هذه الأعمال، فلقد عرض لنا المخرج مروان حامد والمؤلف عباس أبو الحسن فيلم إبراهيم الأبيض مناقشة لنفس القضية ولكن بصورة سينمائية مبدعة ترسخت في عقولنا جميعا.
تتابعت الأحداث في حياة محمد رمضان والوسط الفني حتى وقتنا الحالي ولا يزال السؤال بلا إجابة لماذا يكره المصريون محمد رمضان؟
إن كانت الإجابة تتمحور في تكرار أعماله أو الابتزال فيها، فالحل الأمثل مقاطعة المشاهد لها، وإن كانت الإجابة في غروره وتفاخره بأمواله فلا علاج للغرور أفضل من التجاهل، وإن كانت الإجابة هي في تبذيره في أمواله فالحقيقة أنها أمواله هي وحده ولا يحق لأحد التدخل في كيفية إنفاقها.
لكن الإجابة الحقيقية تنبع من عاطفة بشرية تكمن بداخلنا و هي "التحيز السلبي" وهي تفضيلنا لرؤية السلبيات والتركيز عليها وهي عملية عقلية لا إرادية نقوم بها جميعا، عند تطبيق هذه العاطفة على المشاهير فإننا لا نقوم بالنظر لهم على أنهم بشر، بل هم كائنات لا نستطيع تحديد جنسها ونضعهم دائما في صورة الكمال أو القدوة، فعندما يقوم أحدهم بفعل غير متوافق عليه مجتمعيا يوضع فورا على المقصلة المجتمعية.
لكن في حالة محمد رمضان فالوضع مختلف، إن شخصية محمد رمضان ونشأته أعطته إحساس الاستحقاقية والغرور، وعدم توافقه مع النمطية الشخصية للممثلين فعرضه للانتقاد في مرات عدة، ولكن على غير المتوقع فإنه لم يتغير ولكنه ازداد عندا في تصرفاته، وهو شيء منطقي لأن الحل لم يكن يوما بالانتقاد بل بالتجاهل.
محمد رمضان لم يكن يوما البعبع الذي يؤرق منام المشاهد المصري، ولا الثمرة الفاسدة في السلة، ولكنه هو الممثل الوحيد الذي لا يكترث برأي جهوره أو الآخرين وهو ما يجعل الصراع محتدا وغير منتهٍ.
في النهاية يجب أن نتذكر أن إصدار الأحكام على البشر ليس من حقنا، وأن أي محتوى لا يعجبنا فالحل الأمثل هو عدم الاكتراث له، فلا شيء يدعى بالدعايا السلبية ومجرد التنديد بسلوك الآخرين الغير متوافق معنا سيزيدهم عندا، وإن محمد رمضان إن تركته الأضواء وامتنع الناس عن ذكره، فلن يسطع نجمه مجددا سوى بالعودة إلى ما رفع نجمه في سماء السينما المصرية بالبداية وهي الموهبة.