14 يونيو.. سليمان الحلبي يقتل كليبر نائب "بونابرت" على مصر
في مثل هذا اليوم 14 يونيو من عام 1800، وجه سليمان الحلبي، طعنات قاضية لكليبر قائد الحملة الفرنسية، ونائب نابليون على مصر، وردا على المجازر التي ارتكبها كليبر، في ثورة القاهرة الثانية، ليتم بعدها محاكمة سليمان الحلبي والحكم بقتله بشكل قاسٍ، من خلال حرق يده اليمنى وإعدامه على خازوق.
وفي كيفية تنفيذ سليمان الحلبي، خطته لقتل كليبر، ينقل الجبرتي واقعة الطعن، قائلا: إن كليبر كان يسير مع كبير المهندسين داخل البستان في داره بالأزبكية، فدخل عليه شخص حلبى وقصده، فأشار إليه بالرجوع، وقال له: “مافيش”، وكررها، فلم يرجع وأوهمه أن له حاجة وهو مضطر في قضائها، فلما دنا منه مد إليه يده اليسرى وكأنه يريد تقبيل يده، فمد إليه الآخر يده، فقبض عليه وضربه بخنجر كان أعده في يده اليمنى أربع ضربات متوالية، فشق بطنه وسقط إلى الأرض صارخا.
انتشر العسكر يبحثون عن سليمان الحلبي، حتى عثروا عليه منزويا في البستان المجاور لبيت كليبر، بجانب حائط مهدوم، وفي اليوم التالي مع بدء عهد الجنرال جاك مينو فى يوم 15 يونيو، أصدر أمرا بتأليف محكمة عسكرية لمحاكمة قتلة كليبر، وتكونت هيئة المحكمة من تسعة من كبار رجال الجيش.
كشف الحلبي خلال المحاكمة أنه قدم إلى مصر على ظهر جمل، ضمن قافلة محملة بالصابون والدخان، وأن تلك القافلة مخافة الحضور مباشرة إلى القاهرة ذهبت من فورها إلى بلدة العياط، ومن هناك ركب حمارا للحضور إلى القاهرة، وأستأجر ذلك الحمار من فلاح لا يعرفه، وأنه كلف بقتل الجنرال كليبر من أحمد أغا، ويس أغا، من الانكشارية "العثمانية" بمدينة حلب، وأن هذين "الأغاوين" حذراه من الإفضاء بمشروعه إلى أي إنسان لعظم ما له من الدقة، وأوفد لهذه المأمورية لأنه يعرف القاهرة معرفة جيدة إذ سبق له أن أقام بها ثلاث سنوات، وقيل له أن يذهب إلى الجامع الكبير ويحتاط لنفسه من حيث الوقت وكيفية العمل حتى لا يخطئ قتل الجنرال، وبدأ الحملة إلى مصر في رحلة التي استغرقت ستة أيام للوصول إلى مصر.
وتحدث الكاتب حلمي النمنم، وزير الثقافة السابق، عن الوقائع في كتابه الأزهر الشيخ والمشيخة تعليقا: حين قام سليمان الحلبي بطعن كليبر في حديقة قصره لم يكن مفاجئا لقيادة الحملة، أن يكون سليمان أزهريا أحد المجاورين برواق الشوام، مضيفا أن الفرنسيين كانوا يتوجسون شرا من الأزهر، خصوصا بعد ثورة القاهرة الأولى، ويبدو أن ظهور سليمان الحلبي حقق وأكد مخاوفهم وفي التحقيقات مع الحلبي كان المتهمون متهمتين بأمرين:
الأولى: هل كان كبار العلماء على علم بالعملية، هل هم الذين حرضوا ووجهوا سليمان للقيام بها؟
الثانية: هل هناك عمليات أخرى من هذ النوع، يجري التخطيط لها وبصياغة أخرى؟ هل هناك خلايا أخرى داخل الأزهر على غرار خلية سليمان الحلبي ورفاقه؟
عبد الرحمن الرافعي في كتابه "تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر" يؤكد أن سليمان الحلبي، وقتها كان شابا يبلغ من العمر 24 سنة، "وهو طالب علم من حلب عمره أربع وعشرون سنة، أبوه تاجر من حلب اسمه الحاج محمد أمين وغادر بلدته سوريا وذهب إلى بيت المقدس ثم حضر إلى القاهرة خصيصا لقتل الجنرال كليبر وقضى بها واحد وثلاثين يوما".