بينها تكلفة الشحن.. 3 أسباب تقود أسعار السلع الأساسية للارتفاع
توقع محللون اقتصاديون ارتفاعات ملحوظة في أسعار السلع والغذاء عالميًا خلال الفترة المقبلة، مع ظهور مؤشرات على عودة النشاط الاقتصادي للنمو، وتوسع الدول في توزيع اللقاحات، وتنفيذ برامج التحفيز الاقتصادي.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة من ارتفاع أسعار الغذاء في العالم بوتيرة هي الأسرع منذ أكثر من 10 أعوام، وكشفت المنظمة عن “ارتفاع مُستمر في تكلفة الغذاء عالميًا” على مدار الـ12 شهرًا الماضية
وأشارت المنظمة إلى تأثر التموين العالمي باضطراب الإنتاج واليد العاملة والنقل بسبب جائحة فيروس كورونا، كما أن هناك مخاوف من حدوث تضخم ما يؤثر في تكلفة الغذاء العالية وتعافي الاقتصاد العالمي.
ورصد مؤشر منظمة الأغذية والزراعة التابع للأمم المتحدة "فاو"، أسعار الأغذية في العالم، من بينها الحبوب والزيت ومشتقات الحليب واللحوم والسكر، مبينا أن أسعار الأغذية سجلت ارتفاعًا بنسبة 39.7% في مايو الماضي، وهو أكبر ارتفاع شهري لها منذ أكتوبر من عام 2010.
و تتجه مُعدلات التضخم إلى الارتفاع عالميًا، هناك العديد من الأسباب التي تقف خلف الارتفاع المتسارع لمُعدلات التضخم في الاقتصادات الكبرى والعالم، والتي رصدتها دراسة حديثة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، وقد جاء ارتفاع أسعار الطاقة ضمن أهم تلك الأسباب.
ويعود الفارق الكبير في الزيادة في الأسعار بين الطاقة وباقي المجموعات الأخرى للسلع والخدمات في منطقة اليورو، إلى الارتفاع الذي شهدته أسعار الطاقة العالمية خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها أسعار النفط، التي تجاوزت مستوى الـ70 دولارًا للبرميل لأول مرة منذ سنوات، وينطبق الأمر نفسه على الولايات المتحدة الأميريكية والصين، حيث أن ارتفاع أسعار الطاقة هو مُتغير عالمي يُؤثر في أسعار جميع السلع دون استثناء.
فيما يرتبط ارتفاع أسعار الطاقة بشكل عام بعودة الأنشطة الاقتصادية إلى طبيعتها بشكل تدريجي حول العالم، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على مُدخلات الإنتاج بما فيها الطاقة، كما أن عودة مُواطني العديد من الدول، ولاسيما الدول الكبرى، ذات الكثافات السكانية الكبيرة، تدريجيًا إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ساهم بدوره في زيادة الطلب على الطاقة عبر استهلاك المزيد من الوقود، هذا بجانب توسع هؤلاء المواطنين في الطلب على السلع الاستهلاكية، وهو ما غذى بدوره الضغوط التضخمية.
يضاف إلى هذه الأسباب، استمرار الحكومات في الإنفاق الكثيف على خطط التحفيز الاقتصادي، لاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية ومن بعدها منطقة اليورو، وهذا الإنفاق يدفع بشكل مباشر نحو زيادة مُستويات الدخل للعاملين في القطاعات التي تدعمها الحكومات، ما يمثل زيادة في الدخل لا تُقابلها زيادة في الإنتاج، بما يعني ضغوطًا تضخمية صافية.
وقالت الدراسة، إنه من غير المتوقع أن تتوقف الضغوط التضخمية العالمية عند مُستواها الحالي، في ظل استمرار جميع المُعطيات السلبية القائمة، بجانب إضافة أسباب جديدة لها، يمكن أن تدفع نحو أزمة تضخم عالمية غير مسبوقة، ويأتي على رأس الأسباب الجديدة ما تعيشه خدمات النقل والشحن البحري من ارتفاعات غير مسبوقة في الكلفة في الوقت الراهن.
وقد أظهرت بيانات حديثة لوكالة "بلومبرج"، أن هذه التكلفة تزيد الآن بنحو 537% عن متوسطاتها في السنوات الخمس الماضية، وفي ظل كون 80% من التجارة السلعية العالمية يتم نقلها بحرًا، فإن ذلك الارتفاع في التكاليف سيجلب معه زيادات جديدة ومتسارعة في أسعار جميع السلع.
وشددت الدراسة على ضرورة قيام الدول والحكومات بالبحث عن سبل غير تقليدية في التعامل مع تلك الأزمات، وأن تستبق الأمور للحيلولة دون تحول المقدمات الراهنة إلى موجة تضخم عالمية منقطعة النظير، قد تدفع الاقتصاد العالمي إلى أزمة مالية ونقدية تفوق في آثارها ما عاشه العالم، سواءً في ظل الأزمة المالية العالمية عامي 2008 و2009، أو الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا.