"جيران الندامة".. القصة الكاملة لمقتل طفل على يد جيرانه بالشرقية (صور وفيديو)
"الجار قبل الدار".. عبارة مُوجزة من مئات العبارات والوسائل التي قيلت عبر تاريخ البشرية للتأكيد على قيمة الجيرة وقُدسيتها بين كل جار وجاره، لكن هناك، وفي إحدى العِزب الواقعة وسط مركز بلبيس بمحافظة الشرقية، ابتلى الله رجلًا بـ"جيران الندامة" على حد وصفه، قتلوا طفله، وأخفوا جثته، ولم يرحموا حداثة سنه الصغير الذي ترك الرضاعة قبل أشهرٍ قليلة.
على بُعد أمتار من وسط عزبة "النشو" التابعة لقرية "بساتين الإسماعيلية" بمحافظة الشرقية، ووسط حالة من التشديدات الأمنية الصارمة والوجود الكثيف لرجال الشرطة بالبلدة تحسبًا لبطش العائلتين ببعضهما، انتقلت عدسة "القاهرة 24" إلى البلدة للاستماع ونقل كواليس الجريمة التي أثارت الرأي العام خلال الساعات الماضية التي راح ضحيتها طفل بالكاد أتم شهره الرابع بعد عامين فقط من مولده، بعدما أنهت حياته طفلة جيرانه التي تكبره بأكثر من ثمان سنوات، وذلك نظير موافقته على اللعب معها أعلى سطح منزل أسرتها، على حد قول الصغيرة واعترافاتها.
"لفوه ببطانية وكانوا بيدوروا معانا وهم اللي عارفين اللي حصل له".. جملة قالها مختار عوض صاحب الـ32 عامًا، حول مقتل نجله على يد جيرانه، قبل أن تُخالط الدموع عيناه وهو يضيف: "مفيش بيننا مشاكل أو عداوة تخليهم يقتلوا ضنايا.. حسبي الله ونعم الوكيل"، ليبدأ في سرد التفاصيل الكاملة منذ اختفاء الطفل، حتى العثور على جثته أعلى سطح جيرانه.
ومع اقتراب تمام التاسعة صباح الأربعاء الماضي، استيقظ الطفل "سفيان" الذي يُلقبه والده بـ"عوض" على اسم جده، وذهب الصغير إلى جدته كعادة كل صباح، ينتظر وجبة الإفطار ويلهو بعدها أمام المنزل الواقع على أطراف أرض والده الزراعية، لكن الصباح يومها كان مُخالفًا لما اعتاده الصغير؛ إذ فوجئ ببنت جيرانه الطفلة "ياسمين" البالغة من العمر 11 عامًا، تصحبه إلى سطح منزل أسرتها المُقابل لمنزل أسرة الطفل، وما أن وصلا إلى السطح حتى أنهت حياته بعد وصلة لهو ولعب، قبل أن تُخبر والديها، ويُخبرانها بأن الجثة يجب أن تظل على السطح دون إخبار أحد، على أن يتخلصان منها مع إسدال الليل أستاره.
غاب الطفل لسويعات عن منزل أسرته حتى شعر الجميع بالقلق، وبدأوا رحلة البحث عنه التي امتدت حتى السابعة مساءً، وبين هذا وذاك، عاد والد الطفل من عمله بإحدى شركات الأجهزة الكهربائية بطريق "بلبيس - القاهرة" الصحراوي، وما أن وصل البلدة حتى فوجئ بالمئات من أهالي العزبة يرافقون أهله للبحث عن صغيره، في رحلة عناء شهد عليها جاره "عبد الفتاح" المُسن الذي يقطن بالمنزل المُواجه لمنزله، لكن عيني الرجل كانت تحمل غُموضًا يثير الريبة، فيما اكتفى الرجل بالجلوس أمام بوابة منزله، كأنه يمنع كل من يريد البحث عن الطفل من صعود المنزل.
مع دقات السادسة مساءً، تملّك الشك من قلوب أسرة الطفل، وواصلوا رحلة البحث عنه بمنازل المنطقة، لكن "عبد الفتاح" منعهم من الصعود إلى منزله بحجة أنهم بحثوا، لكنهم لم يكونوا قد فعلوا ذلك، فيما تمسّك الرجل بموقفه الرافض للبحث بمنزله، حتى ساق القدر نجله "عبد الحميد" ذو الخمسة عشر عامًا، ليعود إلى المنزل ويصعد الدرج ويُخبر الجميع صائحًا: "الواد هنا أهو نايم".
جذبت العبارة آذان الجميع وهرولوا إلى سطح المنزل، ليتبين أن الطفل ليس بنائمٍ، بل هوّ جُثةً هامدةً وقد فارقت الحياة جسده، فيما عُثر على الجثة "ملفوفة" ببطانية وفوقها مفروشات وملابس بالية، كثيرة، في مشهد وصفه والد الطفل كما لو كان أهل البيت اتفقوا على الخلاص من الطفل وإخفاء جثته، فيما جرى ضبط صاحب المنزل وزوجته وطفلتهما "ياسمين" بنت الحادية عشرة التي أثرّت بأنها من أنهت حياة الطفل حال لهوهما معًا، فيما تستر الأبوان على الجريمة فور علمها حتى أُلقي القبض عليهما.
ومع انتهاء والد الطفل المجني عليه من سرد ما حدث لـ"القاهرة 24"، أكد أنه في انتظار تقرير الطب الشرعي ومعرفة نتيجة تشريح الجثة وبيان سبب الوفاة، منوهًا بأنه لا يُريد سوى عدل الله، والعدالة الناجزة من قضاء يثق فيه وفي نزاهته.
وفي وقتٍ سابق، أصدر قاضي المعارضات بمحكمة بلبيس الجزئية قرارًا بتجديد حبس الزوجين لمدة خمسة عشر يومًا على ذمة التحقيقات؛ على خلفية اتهامهما بالتستر على جريمة ارتكبتها طفلتهما "ياسمين" ذات 11 ربيعًا، والتي أنهت حياة طفل جارهما.
البداية كانت بتلقي اللواء إبراهيم عبد الغفار، مساعد وزير الداخلية مدير أمن الشرقية، إخطارًا من اللواء عمرو رؤوف، مدير المباحث الجنائية، يفيد بورود بلاغ بالعثور على جثة طفل أعلى مسكن جيران أسرته بعزبة "النشو" التابعة لقرية "بساتين الإسماعيلية" بدائرة مركز شرطة بلبيس.
بالانتقال والفحص، تبين العثور على جثة الطفل "سفيان.م.ع" وشهرته "عوض" عمره عامان وأربعة أشهر الذي اتضح أنه مُتغيب منذ التاسعة صباح الأربعاء 23 يونيو الجاري، فيما جرى نقل الجثة إلى مشرحة مستشفى بلبيس المركزي، والتحفظ عليها تحت تصرف النيابة العامة، التي أمرت بانتداب فريق من الطب الشرعي لتشريح جثة الطفل، وذلك لبيان سبب الوفاة وكيفية حدوثها، وصرحت بالدفن عقب الانتهاء من الصفة التشريحية، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة وملابساتها.
وتحفظت الأجهزة الأمنية على جيران أسرة الطفل، وهم كلًا من: الأب "عبد الفتاح.أ.ع" 62 سنة، وزوجته "عزيزه.هـ" 45 سنة، ربة منزل، ونجليهما "عبد الظاهر" و"محمد"، قبل استجواب أطفال الأسرة، لتُقر الطفلة "ياسمين" 11 سنة، أنها من أنهت حياة الصغير فوق سطح منزل الأسرة.
وأشارت الطفلة المتهمة إلى أنها كانت تلهو رفقة الصغير قبل أن تقفز لعدة مرات فوق بطنه حتى فاضت روحه إلى بارئها، حسب أقوالها، وبالعرض على النيابة العامة أمرت بحبس الأبوين بتهمة إخفاء الجثة، وتسليم الطفلة لأحد أهليتها، وذلك لحين ورود تقرير الطب الشرعي بشأن تشريح جثة المجني عليه وبيان سبب وفاته.