"النقض" تودع حيثيات إعدام متهمي فض رابعة
قضت محكمة النقض بتأييد حكم الإعدام لـ12 متهمًا من المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية، وتخفيف العقوبة لـ31 من إعدام إلى “المؤبد”، وانقضاء الدعوى لمتهم للوفاة، وتأييد باقي الأحكام على الأحكام الصادرة ضدهم في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"فض رابعة".
وجاء نص الحكم:
أولًا: تأييد الإعدام لكل من عبدالرحمن البر، ومحمد البلتاجي، وصفوة حجازي، وأسامه ياسين، وأحمد عارف، وايهاب وجدي محمد، ومحمد عبدالحي، ومصطفى عبدالحي الفرماوي، وأحمد فاروق كامل، وهيثم السيد العربي، ومحمد محمود علي زناتي، وعبدالعظيم إبراهيم محمد.
ثانيا: باقي المحكوم عليهم بالإعدام تم تعديل الحكم إلى السجن المؤبد.
ثالثا: باقي الأحكام رفض وتأييد الحكم.
وقالت محكمة النقض في حيثيات الحكم إنه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهي صائبا إلى إدانة الطاعنين باعتبارهم شركاء في الجرائم التي دانهم بها تطبيقا لقانون التجمهر، فلا محل لجدل الطاعنين من اضطراب الحكم في شأن اعتبارهم فاعلين أصليين أو شركاء تطبيقا لمبادئ الاشتراك العادية، هذا فضلا عن أنه من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وكان البين أن الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر كافة أركان جريمة الاشتراك في التجمهر وإذ كان ذلك وكان ما يدعيه الطاعنين نعيا على الحكم المطعون فيه من أنه تباين في إسناد الأفعال المادية التي نسبها إليهم حين اعتبرهم شركاء في الجرائم التي دانهم بها ثم مساءلتهم كفاعلين أصليين في تلك الجرائم بالفعل، فإنهم يعدوا حتما شركاء فيها وفقا لما سلف بيانه، ومن ثم فلا مصلحة لهم من وراء ما أثاروه لكون العقوبة المقررة للشريك هي بذاتها المقررة للفاعل الأصلي لأن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها طبقا للمادة 41 من قانون العقوبات، وطالما أن الحكم لم يترد في اعتناق أكثر من صورة واحدة فإن ما يثيره الطاعنون على الحكم بدعوى التناقض واختلال فكرة الجريمة في ذهن المحكمة يكون غير سديد.
وأوضحت حيثيات محكمة النقض أنه لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون من أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة مشهرة كجمعية بوزارة التضامن الاجتماعي وبموجب أحكام قضائية - بفرض صحة ذلك - لا يجعل أفعالهم بمنأى عن التأثيم الوارد بالمادة 86 مكرر من قانون العقوبات على ما يبين من صراحة النص ومناقشات مجلسي الشعب والشورى على هذه المادة وتعليق وزير العدل آنذاك عليها بأن التأثيم يشمل كل الصور الواردة في المادة – أيا كانت التسمية - مادام الغرض منها الدعوى إلى عمل من الأعمال المحظورة في هذه المادة متى انحرف أعضاؤها عن أهدافها والغرض من إنشائها بارتكاب أفعال يجرمها القانون - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد.
وأشارت محكمة النقض في حيثياتها إلى أنه من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا منها بشخص الطاعن، وكان له مصلحة فيه، وكان منعی الطاعنين بأن الحكم لم يستظهر سن المتهمين من رقم 715 حتى 739 بأمر الإحالة من واقع وثائق رسمية وإرفاق تقارير المراقب الاجتماعي بشأن حالتهم وهم: عاصم محمد محمد محمد مشاحيت، وعبد الرحمن محسن عمر شمعه، ومحمود هشام محمد السيد، ومحمد أحمد عبد الحفيظ الديب، ويوسف محمد محمد عبد اللطيف، وعمرو ياسين راغب عبد الله، ومحمود السيد محمد الديب، وعبد الرحمن نجم محمد صادق، وعمر عبد الرحمن عبد الستار أحمد، ومحمود عبد الرحمن محمد عبد الرحمن سرحان، وعبد الرحمن عبد السلام على محمد،، وأحمد محمد محمد السيد رزق، وعبد الوارث محمد عبدالفتاح. عمارة، وأحمد عبد السلام أحمد خلاف، وعبد الله محسن محمد سعيد، ومحمد أحمد حمزه السيد، ومحمد حشمت فايز أبو المجد، وعبد الرحمن ربيع مصطفى إمام، ومحمد جباره عبده محمد، ومحمود محمد عياد محمد إبراهيم، وأحمد مصطفى الزيني على العزازي، ومغازي جمال مغازي سويلم، وعدم انطباق نص المادتين 89/ب، 98/ ب مكرر من قانون العقوبات لا يتصل بشخص الطاعنين وليس لهم مصلحة فيه ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولا.
ولفتت إلى أن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو التحريات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
وأشارت إلى أنه لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ بإقرار المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك - متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع – والمحكمة ليست ملزمة في أخذها بإقرار المتهم أن تلتزم نصه وظاهره - بل لها أن تجزئه، وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن الإقرار الذي أخذ به الطاعنين ورد نصا في الإقرار بالجريمة، واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا يغير من إنتاجه عدم اشتماله على توافر الجرائم التي دانهم بها، ذلك أنه لا يلزم أن يرد الإقرار على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة وهو ما لم يخطئ فيه الحكم، هذا فضلا عن أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للإقرار، وهو الاكتفاء به وحده، بل بنت معتقدها كذلك على أدلة أخرى عددته.
وأشارت محكمة النقض في حيثيات الحكم أنه لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليها، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم الانضمام للجماعات الإرهابية طريقا خاصا غير طرق الاستدلال العامة بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم حسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من الأدلة المطروحة والوقائع التي ثبتت لدية والقرائن التي استخلصها أن الطاعنين انضموا إلى جماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون واشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم استعراض القوة والعنف المقترن بجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد وما أورده الحكم في هذا الشأن يعد كافية وسائغة في تدليله على توافر الجرائم المار بيانها بأركانها المادية والمعنوية، ويضحي ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور في هذا الصدد غير قويم.
ولفتت المحكمة في حيثياتها أنه لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى المطروحة أمام المحكمة موكول لقاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى وإيراده لأقوال شهود الإثبات واستظهاره لنية القتل من إطلاق بعض الطاعنين للأعيرة النارية صوب المجني عليهم بكثافة وبطريقة عشوائية في مقتل من أجسادهم بقصد إزهاق الروح كافيا وسائقا في التدليل على توافر نية القتل في حق أحد المشتركين في جريمة التجمهر غير المشروع، مما ينعطف حكمه على كل من اشترك في هذا التجمهر مع علمه بالغرض منه بصرف النظر عن مقارفته هذا الفعل بالذات أو عدم مقارفته، مادام الحكم دلل تدلي" سليمة على توافر أركان جريمة التجمهر في حق المتجمهرين جميعًا - كما هو الحال في الدعوى - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير قويم.
واستطردت محكمة النقض في حيثياتها أنه لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة، فلا يستطيع أحد أن يشهد به مباشرة وليست العبرة في توافره بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، فمادام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة، كان ظرف سبق الإصرار متوافرا، أما ظرف الترصد فيكفي لتحققه مجرد تربص الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أم قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه، والبحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب هذه.
العناصر وتلك الظروف لا يتنافر عقلا ذلك الاستنتاج. وكان الحكم المطعون فيه قد عرض هذين الطرفين وكشف توافرهما وساق لإثباتهما من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققهما طبقا للقانون ويحق مساءلة الطاعنين عنهما، وحكم ظرف سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر، وإثبات سبق الإصرار على المتهمين يرتب في صحيح القانون تضامنا بينهم في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولا عن جريمة القتل تنفيذا لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كاف بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على قتل المجني عليهم من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم، وصدور الجريمة عن باعث واحد، واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها، وأن كلا منهم قصد ضد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه.
وشرحت محكمة النقض في حيثيات ها إنه لما كان ذلك، وكان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة ۲۳4 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايات القتل والشروع فيه وتخريب الأملاك العامة والحريق العمد وتعطيل وسائل النقل واستعمال القوة والعنف مع رجال الشرطة الحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء أعمالهم، ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه من توافر ظرف الاقتران.
واستكملت محكمة النقض في حيثيات ها إنه لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة - النقض – مستقرة على أنه يكفي لتحقق جريمة إحراز سلاح ناري دون ترخيص مجرد الحيازة المادية طالت أم قصرت وأيا كان الباعث عليها ولو كان الأمر عارض أو طارئ لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري دون ترخيص عن علم وإدراك، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن / أحمد رمضان محمد أحرز وحاز بواسطة غيره أسلحة نارية وأطلق منها أعيرة نارية على قوات الشرطة وثبت صلاحية الأسلحة للاستعمال من واقع دليل فني، فإن ما أورده الحكم يكون كافية للدلالة علىقيام الجرائم التي دان بها الطاعن المذكور بأركانها القانونية، ومن ثم يضحى منعاه في هذا الشأن غير سديد وأنه لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير قيام رابطة السببية بين الفعل والنتيجة من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع ومتي فصلت في شأنها إثباته ونفية فلا رقابة لمحكمة النقض عليها، مادامت أقامت قضاءها في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهت إليه. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استظهر إصابات المجني عليهم وعلاقة السببية بين الإصابات التي أوردها تفصيلا ولا يدعي الطاعنون أن ثمة سببا آخر قد كشفت عنه الوقائع أحدث إصابات المجني عليهم، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن.
وردت محكمة النقض في حيثيات حكمها عن بطلان استجواب المتهمين إنه لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان استجوابهم بالتحقيقات لعدم حضور محام معهم واطرحه تأسيسا على توافر حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وهو ما يجيز للمحقق المسارعة بالاستجواب دون ندب محام لحضور التحقيق، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكة للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع مادامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة- فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية والمضافة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 من وجوب ندب محام لحضور التحقيق، إذ أن ذلك مقصور على غير حالات التلبس والاستعجال المستثناة أصلا بالفقرة الأولى من المادة سالفة البيان، هذا فضلا عن أن القانون لم يرتب البطلان على مخالفة هذه المادة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإقرارات المعزوة للطاعنين بتحقيقات النيابة العامة لكونها وليدة إكراه وقع عليهم واطرحه في قوله: "... أن الثابت للمحكمة من مطالعتها لتحقيقات النيابة العامة مع المتهمين وأثناء مناظرتها لهم بان لها عدم وجود ثمة إصابات أو علامات تفيد وجود أي اعتداء عليهم أو تعذيب ولم تصدر منهم ثمة أقوال تفيد ذلك أثناء التحقيقات أو بجلسات المحاكمة. لما كان ذلك.
وكانت المحكمة باعتبارها محكمة الموضوع قد استجابت لكافة طلبات الدفاع المنتجة والجوهرية وفقا لما هو ثابت بمحاضر الجلسات، وحققت القضية لما يتفق والقواعد المقررة طبقا لقانون الإجراءات الجنائية وتعديلاته، وأن الدفاع الحاضر مع المتهمين بتحقيقات النيابة العامة لم يشر إلى وجود إكراه أو تعذيب لهم أثناء استجوابهم بتحقيقات النيابة العامة - وكذلك أثناء تداول الدعوى بالجلسات – ولم يقدم الدفاع الحاضر معهم إلى المحكمة ما يفيد ذلك حتى يتسنى لها عرض أي متهم على الطب الشرعي، ولقد تحققت المحكمة من صدق تلك الإقرارات الصادرة من بعض المتهمين بتحقيقات النيابة العامة واطمأنت إليها وأنها لم تكن وليدة إكراه أو تهديد وقد أدلوا بها وهم في كامل أهليتهم القانونية يصبح النعي غير سديد.