الحلقة الأولى من قصة أسامة أنور عكاشة "حارس الجنة".. جابر السيسي الذي أعاد ترتيب حي الجمالية مجددًا (نص بخطّ اليد)
أسامة أنور عكاشة.. كبيرهم الذي علمهم الإبداع
"القاهرة 24" ينشر انفرادًا على 3 حلقات
الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة لم يكن مجرد كاتب عادي في حياة الملايين من عشاق الدراما التليفزيونية، بل كبيرهم الذي علمهم الإبداع، كما أنه استطاع أن يغوص في أوجاع الوطن والآم الناس، كشف ألمهم واستشرف ما سوف يحدث في مصر مستقبلًا، استطاع أن يربط مصير أبطاله بمستقبل الوطن، غلف أفكاره بنظرة فلسفية لم يصل إلى عمقها أحد من كتّاب جيله.
ناهض كل أفكار التطرف والعنف والقبح، كما دافع عن الجمال، الحب، الخير، في كل ما كتب، في نص نادر يحمل اسم "حارس الجنة"، تنبأ فيه عكاشة بخروج بطل شعبي من منطقة الجمالية يحمل اسم "جابر السيسي"، لأنه سيجبر قلوب سكان حي الطواشية بتلك المنطقة، وكأنه يري القادم لمصر، كتب "عكاشة" هذا النص بعد الانتخابات الرئاسية عام 2005، وينفرد بنشره "القاهرة 24"، على 3 حلقات في 3 أيام متتالية، في الحلقة الأولي من هذا النص نكشفُ نبوءة عكاشة التي تحققت بعد عام 2013، وفي الحلقة الثانية نكشف اسم البطل الذي كان مرشحا لتجسيد دور "جابر السيسي"، ذلك البطل الشعبي الذي سينقذ المنطقة ويزيح كل الفاسدين وينتصر عليهم، وفي الحلقة الثالثة نكشف عن الرسالة التي أراد عكاشة أن تصل للناس وقصة "حارس الجنة"، الذي لا يدخلها.
النبوءة التي تحققت بعد ثورة يناير 2011
قال الشاعر السوري الكبير الراحل نزار قباني، جملة شهيرة ألا وهي: "أن الثورة تُولد من رحم الأحزان"، ومن وجهة نظري الكتابة كذلك، تُولد من رحِم الأوجاع، الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة لم يكن مجرد كاتب تلفزيوني بارع في الموهبة أو ذائع الصيت، إنما كان مفكرا ومبدعا، بل صاحب مشروع فكري وقومي خاص جدا به، فهو كذلك الأمر لم يكن عابرا للحكايات والتسلية، بل أخذ يدافع عن هذا المشروع وأحلامه طوال عمره، بدليل أعماله التي رسخت واستقرت في ذاكرة المصريين والدراما العربية بشكل عام، هو صاحب نوبة الصحيان في الدراما التليفزيونية بأعمال دافعت عن القومية العربية، بل وأصبحت الدراما على يديه سلاحا يدافع به عن القيم والمبادئ ضد الرجعية والانكسار، ولأن حارس الجنة لا يدخلها، ففي النص النادر الذي بين أيدينا معالجة درامية تعثّر خروجها للنور قبل رحيله، والتي كتبها "عكاشة" تحديدا بعد عام 2005، والانتخابات الرئاسية وما صاحبها من أحداث، راهن أسامة أنور عكاشة، وصدق إحساسه، كتب هذا النص الذي حمل اسم “حارس الجنة” ما بين 2006 و2009 أي قبل رحيله، كان يتمنى أن يرى النور، المهم في هذا النص، كم من الصدف الغريبة أن تشعر خلال هذه المعالجة أن يرى المستقبل في مصر، ويراهن على وعي الناس، وبطولات أبنائه المخلصين، فأشار إلى ظهور بطل شعبي يحمل اسم "السيسى" من حي الجمالية، ليعيد تريب المشهد في هذا الحي، ويقاوم الفساد والمفسدين، وأصحاب المطامع والمصالح، السيسي في رواية عكاشة بطل شعبي ينقد منطقة الجمالية (مصر) بأكملها من الضياع، وجاء كي يحرس الجنة، كما حدث في الواقع تماما، وما فعل الرئيس السيسي هو أنه أنقذ الوطن من الضياع والمصير المجهول، وتشابه التفاصيل بين رؤية أسامة أنور عكاشة الواقع بل تصل إلى حد التطابق، وما حدث في الحقيقة يكاد أن يكون شيئا مرعبا، الشخوص والمصائر والأحداث كما هي، حيث كتب عكاشة في بداية المعالجة ما يلي:
"لم يتعرف أحد من سكان أو رواد شارع الطواشية في الجمالية على شخصية ذلك الرجل الذي ظهر فجأة بينهم وراح يعمل بهمّة في تنظيف واجهة ذلك المحل القديم المغلق منذ سنوات طوال، ربما امتدت إلى جيل أو جيلين، وتلك اللافتة التي كاد الزمن أن يمحو ألوانها ولا يكاد أي من أهل المنطقة أن يقرأ المكتوب عليها إلا بصعوبة وربما احتاج الأمر إلى سلم خشبي نقّال يصعده المرء ليدقق ويحملق ويقرأ في صعوبة ما كتب عليها:
"وكالة السحرتي للحرير والميني فاتورة" والواقع أن أحدا لم يعد يهتم بالتعرف على اسم الوكالة أو أسماء أصحابها منذ زمن طويل ولم تبق في ذاكرة مواطني شارع درب الطواشية غير ظلال باهتة ومختلطة عن الوكالة التي أغلقت بعد وفاة الحاج مأمون السحرتي، الذي كان آخر ملاكها، وتركها دون أن يعقُب خلفًا، هكذا تركت كما مهملا لا يهتم به أحد وربما جاء آخر ذكر لهما على لسان السيد عبد الباقي حمدان (رئيس قلم الأرشيف بدار المحفوظات العامة)، حين سئل عن مالك الوكالة الآن ومن الذى آلت إليه تبعيتها، ضحك السيد عبد الباقي ساخرا وهو يغمغم: على حد علمي ووفقا لما اطلعت عليه من أوراق فالمرحوم الحاج مأمون تركها بلا وريث شرعي وبالتالي فقد آلت ملكيتها أو كادت إلى بيت المال... يعني يا إخواننا بقت تبع الحكومة، وهكذا وجد جابر إرثه "وكالة الحرير والميني فاتورة" في الجمالية بشارع درب الطواشية".
وفي الوقت الذي استسلم فيه الجميع لرواية “جابر السيسي” بعد أن أبرز لهم الأوراق التي تثبت ما قاله، ظهرت حقائق جديدة غيرت ميزان الأحداث والأماكن، إذ اتضح بعد أن راح الجميع يفتشون في أوراقهم القديمة أن الوكالة هي جزء من خارطة أرض قديمة وشاسعة المساحة وكانت وقفا أهليا انتظر المرحوم مأمون حتى صدر قرار إلغاء الأوقاف الأهلية، فرفع قضية بصفته وصيا على القصر المستحقين للوقف ولكن المنية عاجلته قبل صدور الحكم”.
هكذا رأى الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة حي الطواشية بمنطقة الجمالية، بحاجة لإعادة ترتيب مجددًا، وهذا ما حدث بظهور بطل روايته "جابر السيسي"، وتشابه حدوث في الواقع بنفس السيناريو والأحداث، بظهور الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعاد ترتيب المشهد في مصر من أول وجديد، وكأن "عكاشة" كان يرى برؤيته وخياله الواسع أن مصر تحتاج بطلا شعبيا، وقد كان.
في الحلقة الثانية نستكمل نشر أجزاء من انفراد "القاهرة 24"، ألا وهو النص الذي كتبه الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة، وحمل اسم "حارس الجنة"، كما سنُعلن عن المرشح الأول لدور البطولة تحديدا دور "جابر السيسي" في هذا المسلسل، الذي لم ير النور ربما كانت لظروف إنتاجية، أو صحية بسبب تدهور الحالة الصحية لكاتبه، بعد كتابته بعد بفترة قصيرة، حيث رحل عن عالمنا عام 2010.