الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مسلسل "ليه لأ".. والمشاعر المنسيّة

الإثنين 12/يوليو/2021 - 02:51 م


مع مرور الوقت وتغير المفاهيم هناك حجر أساس نبنى عليه معتقداتنا الإنسانية والتي يستند فيها كلٌ منها إلى عرابه، وكنت وما زالت أرى أن أهل الفن والدين هم العراب والحارس الحقيقي الذى يحمى المجتمعات، فمن شأن الفن أن يحول مجتمع بأكمله من حال إلى آخر مهما تغيرت الظروف والأزمنة ويعتبر الفن أيضا سلاحًا خفيا فتاكًا يمكن أن يخترق مجتمعات بأكملها، عن طريق العقل والعاطفة ليصنع بها ما خطط له الآخرون.
انتهت تجربتي في المتابعة الدقيقة لعمل فنى رائع وهو مسلسل "ليه لأ" والذى كان من إخراج (مريم أبو عوف) وتأليف (مريم نعوم) وسيناريو وحوار (دينا نجم) وبطولة الرائعة منة شلبي والنجم أحمد حاتم ونخبة من النجوم الرائعين الذين اعادونا جميعا للوراء وشعرت للحظة وكأنني أشاهد عمل من الزمن الجميل فالملاحظ أنه رغم عدم تخطى حلقات المسلسل الـ 15 حلقة لكنها كانت قنبلة مبادئ إنسانية دخلت إلى قلب المشاهد دون استئذان وبالتالي تم ترجمتها دون أن يشعر إلى معتقدات يدافع عنها بكل قوة ككفالة اليتيم مثلا والعطف الاحترام المتبادل بين البشر وأيضا ما لفت انتباهي وعزز من قوة المسلسل استخدام الكلمات والعبارات في مكانها الصحيح في السيناريو والحوار.


وما زاد من إعجابي بالمسلسل أيضا النضج الفني الكبير والسلاسة التي تتمتع بها النجمة (منة شلبي) والتي أعتبرها بكل قناعة أنها خلقت للتمثيل والتمثيل خلق لها وأيضا الفنان ( أحمد حاتم) الذى يتمتع بالبساطة في تمثيله مما خلق حالة حقيقة ومريحة من المشاعر عبر الشاشة وأنت تشاهد المسلسل وما أكمل هذه الصورة الراقية بطبيعة الحال وجود الفنانة القديرة (مها أبو عوف) التي عندما تراها على الشاشة تشعرك بحالة مدهشة من الرقى والتحضر وأيضا الفنان مراد مكرم الذى للحظة أتخيل أنني أعرفه معرفة شخصية بسبب واقعيته، وكل طاقم العمل وحتى الأطفال سليم مصطفى ومنى أحمد زاهر خطفوا الأنظار منذ ظهورهم الأول.
إن نجاح الجزء الثاني من المسلسل أثلج صدري بعد أن شاهدت الجزء الأول ورفضه عقلي المحافظ  الذى لا يستطيع أن يتخيل أن يعيش الأبناء بعيدا عن الأسرة لمجرد الشعور بالاستقلالية أو التحرر من الحياة الأسرية، وأعتقد أن المجتمع مليء بالقضايا الأكثر أهمية للنقاش فيها مثل قضية العنوسة والتبني واحترام المشاعر وتقبل الطرف الآخر واحترام العلاقات خاصة بين الأهل وبين الأب والأم والأبناء وهى أشياء بدأت تتلاشى في مجتمعاتنا، ومن المهم دائما أن يذكرنا بها الفن الراقي مثلما حدث في الجزء الثاني من مسلسل "ليه لأ" وما لفت انتباهي أيضا أن طاقم العمل احترم التفاصيل في العديد من النقاط التي حولت فكر المشاهد مثلا علاقة الأب بالابن، فليس بالضرورة أن تكون علاقة الأم هي الأقوى وليس بالضرورة أن يكون الحنان مصدره الأم التي تلد.
وفى النهاية أرجو من أهل الفن وصنّاعه أن تكون مبادئ العمل الفني الذى يقدمونه للجمهور واضحةً، كما حدث في الجزء الثاني من المسلسل، خاصة أن هذه المرحلة التي نعيشها في مجتمعاتنا هي مرحلة انتقالية بل هي تحول فكرى ومجتمعي لو تعلمون عظيم. 

تابع مواقعنا