عمرو خالد يكشف علاقة الرضا بمناسك الحج والوصول للسعادة (فيديو)
قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن “منزلة الرضا هي عبارة عن الشعور بالرضا والطمأنينة في قلب المسلم، فيرضى العبد عن الله، ويسلم لقضائه وعطائه، فيرضى الله عن العبد ويحبه، ويقربه، فيصل إلى منزلة الإحسان”، واصفًا الرضا بأنه “سر من أسرار السعادة وراحة البال، والهدوء”.
وفي سادس حلقات برنامجه لموسم الحج “منازل ومناسك”، الذي يقدمه على مدار الأيام العشر من شهر ذي الحجة المحرم؛ تحدث خالد عن علامات الرضا، ومنها أن يكون القلب مطمئنًا، وأن تجد الوجه مرتاحًا، والابتسامة دائمًا عليه.
وأفاد خالد، بأن الرضا يُغني الإنسان عن المهدئات والأدوية، وزيارة الأطباء، ويرفع عن الإنسان المسلم الألم وضغوطات الحياة، فيكون دائمًا راضيًا بكل ما يحدث له.
مع ذلك، أكد خالد أن “الرضا ليس معناه عدم الطموح، وإنما يكون لديه طموحًا للمستقبل، ولكنه راضٍ بما هو فيه اليوم؛ فالرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العابدين”.
وتابع: “يتحدث الصحابة عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم فيقول أحدهم: ”ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مرة إلا ووجهه مبتسمًا"، وهذه صفات عباد الله الراضون، وليس معنى الرضا أنه لا يحزن بل كانت دمعته قريبة صلى الله عليه وسلم؛ وبكى عندما فقد ابنه إبراهيم ولكنه كان راضيًا بقدر الله فقال: “لبيك وسعديك والأمر كله بيديك والشر ليس إليك رضيت بالله ربا"، وقال أيضًا: ”إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون".
واستدرك خالد: «وقد يتساءل البعض كيف يجتمع الحزن مع الرضا، فنقول نعم تبكي العين لأنها مرآة الرحمة لدى الإنسان، بينما يكون القلب راضيًا بقضاء الله وقدره، فالرضا شجرة عظيمة، لها فروع كثيرة منها: أن تكون راضيًا عن شكلك، وعن بيتك، وعن عائلتك، وعن رزقك، وعن حياتك».
ولفت إلى أن «أطباء علم النفس الإيجابي يتجهون إلى الابتعاد عن وصف الأدوية للمرضى النفسيين؛ فيصفون لهم استشعار الامتنان، وأن يُشعر الإنسان نفسه بأنه سعيد، وراضٍ بما هو فيه، وهذا علاج لأمراض نفسية».
وأكمل خالد: «الرضا نوعان (رضي الله عنهم)، (ورضوا عنه)، والنوع الأول (رضي الله عنهم) ويتحقق هذا الرضا بسبب كثرة الخير الذي يفعله المسلم وسعيه لينالوا رضا الله، والرضا من الله رحمة ومغفرة واستجابة دعاء، أما النوع الثاني من الرضا (رضوا عنه) ومعناه أنهم رضوا عن قدره ورضوا بعطائه؛ لأنهم يعلمون أن قدره كله خير، فيصلون بهذا الرضا إلى النوع الثاني وهو «رضي الله عنهم».
واعتبر خالد أن «الحج هو قمة الرضا لأن في حجة الوداع للنبي صلى الله عليه وسلم نزلت آيه الرضا، وهي قول الله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا»، وهذه الآية نزلت يوم عرفة قبيل غروب الشمس في مطلع يوم عيد الأضحى المبارك، وبعدما نزلت بفترة مر أحد أحبار اليهود بسيدنا عمر رضي الله عنه وقال: "لقد نزلت في كتابكم آيه لو علينا معشر اليهود نزلت؛ لاتخذنا يومها عيدًا"؛ قال عمر: «إني لأعلم متى نزلت؟ وأين نزلت؟ نزلت يوم عرفة، والرسول قائم على دابته بعد العصر، وهو بفضل الله لنا عيدًا»؛ فعيد المسلمين رضًا، أن تكون راضيًا بالله وعن الله ومستسلمًا لقضائه وقدره».
واستطرد خالد، قائلًا: «النبي صلى الله عليه وسلم علمنا كيف نصل إلى رضا الله عندما قال: «من قال كل يوم ثلاث مرات (رضيت بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا، وجب على الله أن يرضيه في ذلك اليوم)، مشيرًا إلى أن الرضا ابتسامة وجهٍ حتى وإن كان القلب موجوعًا.
وقال خالد: «هناك علاقة بين الرضا والجمال وهي أنه كلما كنت راضيًا كلما رأت عيناك ووقعت على الأشياء الجميلة في الحياة، فتسعد نفسك بها ويبتسم وجهك، ويرتاح قلبك؛ وكلما كنت غير راضٍ ومكتئبا، تكون قدرتك على رؤية الأشياء السلبية كبيرة وتشعر بالحزن والكآبة، ومعنى الرضا هو إنك لا ترى الشيء الإيجابي وفقط، بل ترى الأشياء الجميلة وكذلك الأشياء غير الجميلة، ولكن عينك، ورؤيتك تُفضِّل وتميل إلى الأشياء الجميلة أكثر من غيرها، وهذه من ثمرات الرضا».
ووجه خالد، رسالة إلى جموع المسلمين، بأن يرضى كل مسلم بقضاء الله وقدره، وفي كل أمور حياته، فمن رضى فله الرضا، ومن رضي بما قدره الله عليه سيرضيه بكل ما يتمناه، قائلًا: “ابني أحمد كان تجربة عملية لمنزلة الرضا بالله، وقيل كيف يعرف المسلم أن الله راضٍ عنه، فقال العلماء: إذا رضيت عن الله فاعلم أن الله راضٍ عنك، فمن يستشعر الرضا بالله وعن الله في كافة أموره، سيعيش حياةً سعيدة، وبغير الرضا الحياة تكون تعيسة، مهما امتلكت من أموال وزخارف الدنيا، لن تحصل على السعادة إلا بالرضا، فأكثروا من قول الحمد لله فهو تسبيح يدل على الرضا، ويزرعه في قلبك، ولذا نصيحتي لكل المسلمين ارضوا عن عطاء الله وعن قدره يرضى الله عنكم ويسعدكم في الدنيا والآخرة”.