"لحن مختلس".. قصيدة للشاعر سيد عبد الرازق
لحْنٌ
علـى شَفَةِ المسافَةِ شدَّنِي
فأتيتُ...
والشِّعرُ النبيلُ رفيقِي
أمتصُّ ماءَ المفرداتِ
لعلَّها
تعشوشبُ الأبياتُ بين عروقِـي
وأُرَاوِدُ الكلماتِ
علَّ مفاتنًا تبدُو وراءَ قميصِها المشقوقِ
صوتُ انصهارِ الرُّوحِ
- عندَ كتابتِي –
طَلْقٌ يمهِّدُ للحياةِ شروقِي
فأنَا
كزيتونٍ نَمَا مِن نبضةٍ
وبزيتِهِ قَدَحُوا زنادَ حريقِي
بعصايَ
أضربُ موجَ تأويلِ الرؤَى
لِتقودَنِي فـي بَحرِها المَفلوقِ
فأغوصُ
مِلْءَ الذكرياتِ
ولا أرَى عند احتضارِي قشةً لغريقِ
قدرَ اتساعِ الكونِ أركضُ حافيًا
وأطيـرُ أرفضُ جاذبيَّةَ ضيقِي
أأنَا وإيكاروسُ
نلقَى صدفةً نفسَ المصيرِ
بنبذِ كلِّ طليقِ؟
يا أمَّنَا الدُّنيَا
قسوتِ علـى فتًـى كالسُّنبلَاتِ
مُولَّهٍ ورقيقِ
يجتـرُّ أيَّامَ الطفولةِ
ربَّمَا
يبنِـي من الأزهارِ صرحَ رحيقِ
يمشِـي إلى كُتَّابِهِ متوجِّسًا
من فتنةِ التفخيمِ والترقيقِ
لا عرشَ لِـي لتنَكِّرِيهِ
فإنَّنِي فـي الجُبِّ
مطعونٌ بغدرِ شقيقِي
وبِلا أبٍ
أُلقِيتُ طفلًا عاريًا فوقَ الصليبِ
بحلميَ المشنوقِ
كمْ كنتُ أحلمُ
أنْ أخلَّدَ كالأسَاطيـرِ القديمةِ
لا يموتُ بـريقِي
ويجـيءُ وقتٌ مَا
تحدِّثنِي السواقِـي
عنْ فنونِ الماءِ فـي التنميقِ
عنْ رسمِها مجرًى
لشِعرٍ مُحْدَثٍ
يَنأَى بِهَا عَنْ شِعرِها المطروقِ
وأرى ابنَ ذبيانٍ
يرصِّعُ شِعرَهُ
جافَى عكاظَ
لكي يمرَّ بسوقِي
ويرَى القصيدةَ
وهْـي تُسقِطُ ثوبَها لِـي مفردًا
فـي خِلسَةِ المعشوقِ
هل كانَ غنَّـى حينها
"سقطَ النَّصِيــفُ "
أو اشتكَى مِن عودِها الممشوقِ؟!
أنا ناقِصٌ
أرجُو اكتِمَالَ حقيقتِـي
وعلـى المدَى
تأبَى الدُّنَا تحقيقِي
ويصوغُ لـي شـجـرُ الضبابِ
مفارِقًا
ليصُدَّنِي عن دربِيَ المرموقِ
وجهٌ من الأحزانِ
يكتُمُ دمعَهُ
واريتُهُ بتبسُّمِ المسـحـوقِ
أخطو
فِخاخُ الحزنِ ترصُدُني
وذا نَسرُ الكآبةِ دائمُ التحديقِ
أوتارُ أيَّامِي
- بلحنٍ ساخِرٍ -
عزفتْ تردُّدَ زفرَتِي وشهيقِي
أوَكلَّمَا نزفَ الفؤادُ قصيدةً
كانَ الجزاءُ عواصفَ التصفيقِ؟!
ويلٌ لهذَا الشعرِ
ساوَى – جاحِدًا – حرفَ المحبِّ
بحِرفةِ الزنديقِ
أنا متعبٌ
حدَّ انشطارِ مدارِكِي
ما عدتُ أعرفُ قاتِلي وصديقِي
لا ذنبَ لِـي
هَذِي الدُّنَا قانونُها
سـجـنُ الطيورِ بتهمةِ التحليقِ
كمْ عشتُ أقطِفُ مِن سمَا حُرِّيتِـي
والآنَ أرضَـى حكمةَ الصندوقِ