أول حوار لرئيس الهيئة العربية للتصنيع عقب وصول ماكينة صناعة القطارات: تكلفتها 150 مليون جنيه وتفتح مجالًا لـ70 مصنعًا للعمل.. ولن تقلل الحوادث
*مصنع “سيماف” مصر قادر على تحويل الحديد إلى عربة قطار متكاملة
*السيسي وجّه بتطوير مصنع سيماف ليواكب أحدث المصانع العالمية
*الماكينة الألمانية واحدة من أكثر الماكينات دِقة
استقدمت الهيئة العربية للتصنيع، برئاسة الفريق عبد المنعم التراس، أول ماكينة في الشرق الأوسط والثامنة على مستوى العالم، والتي تعمل بنظام التحكم الرقمي بالكامل لتصنيع عربات السكك الحديدية ومترو الأنفاق بأحدث تكنولوجيا عالمية على أرض مصر، وذلك بالتعاون مع شركة "دي إم جي موري" الألمانية العالمية.
وتستطيع مصر من خلال تلك الماكينة، منافسة الدول الصناعية الكبرى في تصنيع الأجزاء الأكثر تعقيدًا في تصنيع القطارات ومترو الأنفاق، علاوة على كونها تعمل على تشغيل وتشكيل المعادن، والتي تُعتبر أكبر وأحدث ماكينة في العالم من نوعها.
في هذا الصدد، حاور "القاهرة 24" الفريق عبد المنعم التراس، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، عقب الإعلان عن استقدام الماكينة.
وإلى نص الحوار..
في البداية نهنئ سيادتكم ومصر كلها على استقدام الماكينة الجديدة.. ما الذي ستقدمه تلك الماكينة للصناعة المصرية؟
في البداية أحب التوضيح، أن استقدام تلك الماكينة جاء في إطار خطة تطوير مصنع “سيماف” مصر، كونه متخصص في صناعة السكة الحديد، خاصة أنه من المصانع القليلة التي يمكن أن تعطيها “الحديد”، وتنتج في النهاية عربة قطار متكاملة، وذلك وفقًا لمعايير كبيرة وشديدة جدًا للحفاظ على درجة الأمن والأمان الخاصة بالقطار، خاصة مع تشديد الدولة في الحفاظ على معايير الجودة والأمان الخاصة بعربات السكة الحديد.
ما الذي تقدمه تلك الماكينة لصناعة القطارات في مصر في ظل وجود مصنع سيماف الذي ينتج عربات السكة الحديد؟
أساس صناعة السكة الحديد، هو تصميم عربة القطار، وما يمتلكه مصنع “سيماف” من تكنولوجيا وتصميمات لا تُواكب العصر الحالي الذي شهد طفرة كبيرة، وخطوات واسعة في هذا المجال، خاصة مع تطور صناعة القطارات وإدخال التكييفات والسُرعات وأنظمة القيادة والأمان، ومن هنا جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية بتطوير مصنع سيماف، ليواكب أحدث المصانع العالمية في هذا المجال، وذلك لزيادة نسبة التصنيع المحلي لقطارات السكك الحديدية، حيث إن نسبة الأجزاء المُصنعة محليًا في عربة الركاب تصل إلى أكثر من 50%، وفي عربات البضائع تصل إلى أكثر من 85%، ومنظومة الفرامل يتم تصنيعها محليًا بنسبة 20%، ونتمنى الوصول إلى 50% بعد استخدام الماكينة.
إذا كُنا نصنع أكثر من 50% من مكونات عربة السكة الحديد.. فماذا عن أرقام الإنتاج قبل الماكينة الجديدة؟
نجحنا بالفعل في رفع قُدرة المصنع، فبعد أن كنا ننتج 300 عربة فقط، نجحنا في إنتاج 1000 عربة قطار، لتغطية مطالب وزارة النقل من ناحية، والتصدير إلى دول إفريقيا والدول العربية من ناحية أخرى، لذلك أستطيع التأكيد أن كل عربات السكة الحديد الموجودة في مصر نشارك في إنتاجها، وحتى صناعة عربات المترو نتعاون مع الشركات الأجنبية لإنتاجها، لكسب الخبرات، ونحاول تعميق خبراتنا في هذا المجال، حيث إن نسبة الصناعة المحلية في عربات مترو الأنفاق من 30 إلى 40%، وتهدف الهيئة إلى امتلاك تصميم العربة، وبالتالي نستطيع رفع تلك النسبة، وهو ما دفعنا لاستقدام تلك الماكينة.
ما الإضافة التي ستقدمها تلك الماكينة لمصنع سيماف ولمصر في مجال صناعة القطارات؟
في البداية يجب العلم، أن تطوير مصنع “سيماف” هو خطوة تهم مصر كلها، فهو مصنع يغذي 70 مصنعًا حوله، كلهم يعملون نتيجة لعمل مصنع سيماف، فهو يقوم على صناعة ثقيلة ومحورية وهي صناعة القطارات، وباستقدام الماكينة الألمانية ستتيح لنا البدء في تصنيع ما لم نكن قادرين على تصنيعه، حيث نستطيع تصنيع عجلة القطار مثلا، وهي قطعة دقيقة وحساسة جدًا، لا تنتجها إلى مصانع معدودة في العالم كله.
كم يبلغ سعر تلك الماكينة الألمانية؟
تبلغ سعر الماكينة 80 مليون جنيه، وهذا ثمنها فقط، دون المنشأ الذي من المفترض أن توضع بداخله، فهي ماكينة ضخمة جدًا.. فعندما ذهب المهندسون للمعاينة كان يقف بداخلها 5 أشخاص، وهو ما يعني أن مساحتها ضخمة جدا، علاوة على أن لها منشأ يجب أن يوضع بداخله بتكلفة 70 مليون جنيه، لتصبح قيمة الماكينة نحو 150 مليون جنيه.
نعرف أن الماكينة الألمانية ضخمة.. لكن ما هي مميزات ومواصفاتها؟
الماكينة الألمانية، واحدة من أكثر الماكينات دِقة وتمكّن، فهي تمتلك مدى عالٍ جدًا من الدقة، حيث تصل إلى 0.004 من الملليمتر الواحد، وهي درجة دقة عالية للغاية، علاوة على كونها ضخمة جدًا، ولتوضيح ذلك نقول إنه يتم تثبيتها على قاعدة خرسانية.. تلك القاعدة يتم تثبيتها على 55 خازوق، والخازوق الواحد قطره 50 سنتيمتر، وبعمق 18 متر.
ماكينة بهذه الضخامة تحتاج إلى فريق عمل كبير لإدارتها.. فما هو العدد؟
الماكينات حاليًا يعمل على تشغيلها عقول العمال والفنيين والمهندسين، وليس أياديهم، وهو ما يجعل ماكينة بهذا الحجم الضخم يقوم على تشغيلها بأعلى كفاءة 4 من المهندسين، و2 من الفنيين فقط، فهنا لا يتطلب الأمر سوى الدقة الذهنية وليس اليدوية إطلاقًا.
ما تمثله الماكينة من تطور، ستؤسس لبنية تحتية صناعية من فئة جديدة بمصر.. كيف يمكننا الاستفادة من ذلك؟
بالفعل، نحن وقعّنا على بروتوكول تعاون مع شركة أريستون الفرنسية لصناعة القطارات، لكن ليس بغرض تصنيع عربات المترو أو القطارات، لكننا نتطلع إلى تنفيذ أهم وأبرز قطعة وهو “الجرار”، فالجرار وتحديدًا “موتوره” هو قطعة ثمينة، وهي “عِماد” القصة كلها، خاصة بعد تركيب الماكينة الألمانية التي تُمهد لبنية تحتية صناعية تؤهلنا للوصول إلى هذا المستوى.
هل مستوى الدقة الذي نتحدث عنه الآن مع هذه الماكينة، يمكن أن يقضي على عصر حوادث القطارات قريبا؟
حوادث القطارات أمر يتعلق بالمقام الأول بالعنصر البشري، فسلوك البشر هو المُحدد الرئيسي لهذا الأمر، ومن يمر من أماكن غير مُخصصة لعبور المشاه، يتسبب بشكل مباشر بوقوع الحادثة، ومهما كانت جودة الجرارات والقطارات كلها، لن تمنع حادثًا قرر فيه الإنسان العبور من مكان غير مُخصص لعبور المشاه، خاصة أن هيئة السكة الحديد لا تقرر شراء قطعة غيار أو معدة إلا وهي معتمدة بالفعل في بلادها.