كمال الدين حسين.. أميرٌ رفض عرش مصر
تحل علينا اليوم ذكرى وفاة ولي عهد السلطنة المصرية الأمير "كمال الدين حسين" الذي توفي في 6 أغسطس عام 1932، بعد تدهور حالته الصحية، التي اضطرت الأطباء وقتها إلى بتر قدمه، وسافر بعدها إلى فرنسا وتوفي بها بعد 4 أشهر من إجراء العملية.
ولد الأمير كمال الدين في 20 ديسمبر عام 1874، وهو ابن سلطان مصر السلطان حسين كامل، تزوج من الأميرة نعمة الله، ابنة الخديوي توفيق، لكنه لم يرزق منها بأبناء، انصبت اهتماماته في السفر والاستكشافات، ويرجع له السبق في الكشف هضبة الجلف الكبير، عام 1925، والتي ترتفع نحو 1000 متر فوق سطح البحر.
رفضه الجلوس على عرش مصر
في عام 1914 تم عزل الخديوي عباس حلمي الثاني، ليحل محله في ذلك الوقت حسين كامل، والذي جاء بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر، وإنهاء سلطات الخلافة العثمانية عليها، فسقطت الخديوية، وأعطى له لقب سلطان مصر، عرض السلطان على ابنه الأمير كمال الدين حسين ولاية عهد السلطنة المصرية من بعده، لكن قابله الأمير بالرفض، في موقف غريب لا يتكرر في التاريخ كثيرًا.
اختلفت الأقوال حول تفسير هذا الرفض، حيث ترك الأمير رسالة إلى والده السلطان حسين كامل، وذلك قبل وفاة السلطان بيوم واحد، في 8 أكتوبر 1917، ومما جاء فيها: "قد تفضلتم عظمتكم فأعربتم لي عن رغبتكم في أن تكون وراثة عرش السلطنة المصرية منحصرة في الأكبر من الأبناء" وأضاف: "أرجو من حسن تعاطفكم أن تأذنوا لي أن أتنازل عن كل حق أو صفة أو دعوة كان من الممكن لي أن أتمسك به في إرث عرش السلطنة المصرية بصفتي ابنكم الوحيد وأني لا أزال لعظمتكم السلطانية النجل المخلص والعبد الكثير الاحترام".
وهناك قصة اشتهرت بعد موته عن سبب تنازله عن العرش، تقول بأنه فعل ذلك من أجل قصة غرامية وقع فيها الأمير مع الفرنسية "فيال ديمنييه" والتي أرسلت بعد وفاة الأمير تليغراف للملك فؤاد حيث قالت فيه إنها تزوجت من الأمير كمال الدين سرًا وأنجبت منه طفل، وهي الآن تبحث عن الميراث الذي تركه الأمير "قابل الملك فؤاد تلك القصة بالتكذيب والنفي، وقال للمحامي الذي أوكلته السيدة الفرنسية، إنه لا يعترف إلا بالزواج المقَر من البلاط الملكي، وغيره يكون باطلًا.
قدم المحامي بعد ذلك دعوى في المحكمة المصرية، وألحق بملفها خطابات غرامية مرسلة من الأمير، تفسر بأنه رفض عرش مصر من أجل أن يسافر للعيش مع حبيبته الفرنسية، والتي يقول فيها: "أيتها الحلم ما أتعسني بعيدًا عنك، القصر الذي أعيش فيه أشد وحشة من كوخ صغير"، ويحكي لها عن قصة تنازله عن العرش حيث يقول: "إن والدي السلطان حسين كامل عرض عليّ اليوم أن أكون ولي عهده.. أي سخافة هذه، إن معنى ذلك أن أفتقدك ولا أستطيع أن ألقاك كما أشاء وأين أشاء، وحين قلت له لا، ذهل ولم يفهم لأنه لا أحد في الدنيا يمكن أن يتخيل أن حبك عندي هو حلمي الوحيد في الحياة"، كما وصف نفسه بالعبد أمامها: "إنني بين ذراعيك أنسى أنني أمير وأشعر أنني عبد، أريد أن تنتهي الأزمة بيني وبين أبي لأحضر إليك".