السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

من الأقصر إلى مارينا.. حكايات بيوت الجنوب المحفورة على الخشب بمعرض ديارنا

محمود أحمد بغدادي
كايرو لايت
محمود أحمد بغدادي عارض بديارنا
السبت 07/أغسطس/2021 - 10:01 م

ألوان مضيئة، تسر كل من يراها من بعيد، برتقالي وأحمر وأصفر وأزرق سماوي، وعندما يقترب  الزائر منها، تأخذ عينيه الشخصيات المرسومة على تابلوهات أو على مقعد أو طاولة أو محفورة على دكة كبيرة، وكأنها شخصيات كرتونية محفورة، ليكتشف أنها ثنائيات من ابتكار أتيايه آرت هوم الأقصر، الذى يتصدر معرض ديارنا بمارينا 5 بالساحل الشمالي، بجناح كبير.

 

ناعسة وهريدي،عتريس وفؤادة، تيمور وشفيقة، عويس وفاطمة، وشوكة وسكينة، شخصيات، تتداخل مع مشاهد من بيوت مدينة الأقصر، وموتيفات من بيئة الأقصر الغنية بتراثها الشعبي، برج الحمام والمركب والجرة، والزير، والمثلث والنخلة رمز العطاء والخير.

معرض ديارنا الساحل الشمالي

بعضها مرسوم بألوان الزيت، وبعضها محفور يدويا على الخشب، وملون بألوان الزيت، وكلها من أفكار محمود أحمد بغدادي، ابن مدينة الأقصر، خريج كلية التربية الفنية، الذى أراد أن يقدم تراث محافظته في قالب حديث، ليس فقط في شكل تابلوهات مرسومة كما كانت بدايته، بل موظّفة في منتجات عملية، مثل المقاعد والطاولات والدواليب والدكك وغيرها، لتجمع بين الجمال والوظيفة معًا.

في الثانوية العامة، كان حلم الطالب محمود، الالتحاق بكلية الهندسة، ليدرس الديكور، لكن مجموعه أوصله لكلية التربية الفنية، وبعد التخرج من قسم التصميم بالكلية والحصول على كورسات في فن الديكور، أراد محمود، أن يربط بين حبه للعمارة والديكور وبين دراسته الفنية، فاختار أن تكون دراسته للحصول على درجة الماجستير عن الرسوم الجدارية على منازل الأقصر وكيفية استخدامها في عمل لوحات زخرفية جديدة.

معرض ديارنا الساحل الشمالي

وثّق محمود، تلك الرسوم التي وجدها على بيوت أهالي الأقصر، وصورها بكاميرته، قائلًا: بعض هذه البيوت تهدّم ولم يعد موجودًا؛ مما يجعل من الصور التي صورتها لهذه البيوت وثيقة فنية شعبية تاريخية، وأعدّت صياغة هذه الرسوم في لوحات فنية رسمتها على الخشب، وأخرى بالحفر، في مزاوجة بين الفنون وتطويرها.

بجانب رسم اللوحات، عمل محمود في مجال الديكور، لكن هوايته في الرسم، دفعته في 2007 لتأسيس مرسم أو أتيليه، يستقبل فيه هواة الفن لتنمية مواهبهم الفنية في الرسم والنحت، وبدأ بخمسة شباب، وفي كل مرة كان يستمر معه فقط من لديه الموهبة الحقيقية والقدرة على الاستمرار، وخلال شهرين يكون الواحد منهم قادرًا على إنتاج عمل فني، يستطيع المنافسة في السوق المصري، ويتكسب من عمله.

وصل عدد هؤلاء الفنانين الآن إلى 30 فتاة، و7 شباب، كلهم دون الثلاثين أو حولها، وأغلبهم أصحاب موهبة وليسوا دارسين للفن، وأطلق على هذا الكيان آرت هوم الأقصر، وأصبح بإمكان الواحد منهم الآن أن يتحصل على نحو ألفي جنيه شهريا في المتوسط.

وقال الطالب محمود، إن أتيليه آرت هوم الأقصر تحول من ورشة صغيرة لأتيليه من طابقين، ومن يعمل معي موهوبين، ومن سنوات قليلة بدأت استقبال الدراسين من فنون جميلة وتربية فنية، الأساس عندي الموهبة، لذلك يعمل معي أطباء وخريجي علوم وآداب، ودائما أقول لهم أنتم فنانين مش بس حرفيين وأصحاب صنعة، لكن لازم يبقى عندكم فكر وثقافة، مضيفًا: بأدرب معاهم ابني معاذ 9 سنين، وابنتي فاطمة 10 سنوات، يتعلمون الرسم، ويتقنوه ويكملوا فيه.

معرض ديارنا الساحل الشمالي

رأى الزائر الذى غيّر الطريق

قبل ما يقرب من 12 سنة، شارك محمود بغدادي، لأول مرة في معرض ديارنا بعدد محدود من لوحاته، ضمن مشاركة إحدى جمعيات الأسر المنتجة بالأقصر، وعاما بعد عام، قال له أحد الزائرين: عندي لوحات كتير من لوحاتك، ماعنديش مكان تاني، هذا التعليق دفع محمود إلى أن يفكر في توظيف فنه التعبيري في منتج عملي وفني معا، يستطيع أن ينافس في السوق المصري ويحفظ الهوية المصرية وبصمة آرت هوم الأقصر، حسبما روى الطالب محمود في تصريحات للصحفيين.

 

ويواصل قائلًا: بعض اللوحات لا يحتاج العمل فيها أكثر من يوم، وبعضها يأخذ 10 أيام، وبعضها الآخر يحتاج شهرا للانتهاء منه، وتستغرق 3 أشهر مثل الدكة، تأخذ شهرا كاملا في ورشة النجارة، لعمل التصميم والأرجل والأدراج، لاستخدام النجار الغراء في جمع الخشب معا، عبر تقنية النقر واللسان لتعشيق الخشب، ثم وضعها تحت المكبس لتتماسك، وتترك لتجف، لضمان جودة ومتانة العمل، بعد هذه المرحلة تأتي الأتيليه ليبدأ فيها العمل في التبطين ورش اللون الأساسي للدكة يدويا وليكن الأزرق، وهو عبارة عن لون لاكيه، ثم الرسم والنحت، وبناء الفكرة شيئا فشيئا، والتلوين بالزيت والصنفرة للتلميع وطبقات السيلر، وأخيرا التغليف.

معرض ديارنا الساحل الشمالي


أدين لمعارض ديارنا

 

يدين محمود بغدادي لمعارض ديارنا بالفضل في توسع مشروعه، قائلًا: عرفت من زملائي العارضين إزاي أطور شغلي وأشكل منه منتجات جديدة، وكمان التقفيل، ومن بعد ما كنت بحضر للمعرض بمنتجات صغيرة، بسافر من الأقصر بعربية محملة بضاعة كتير، ومش بس شغلنا فاتح بيوت الـ37 شاب وفتاة اللي شغالين معايا، لا كمان بنفتح بيوت تانية من اللي بنشترى منهم الخشب والنجارين والإكسسوارات زي المفصلات والمقابض وغيرها، ولو سوقت أكثر هشغل ناس أكثر.

على فترات متباعدة يطلب بعض العملاء من البحرين أو السعودية، منتجات من محمود، لكنه يتمنى أن تكون معارض ديارنا بالساحل الشمالي، فرصة ليتعرف أصحاب القرى السياحية على أصحاب الحرف الفنية التراثية اليدوية، وما يمكن أن يقدموه لتأثيث هذه القرى وتزيينها، فتفتح لهم باب رزق جديد.

تابع مواقعنا