تفاصيل الصراع بين البيطريين وسلامة الغذاء حول الرقابة الصحية على طعام المصريين
من يراقب على طعام المصريين ومن المختص بالإشراف على ما يدخل بطونهم لإحكام السيطرة على الأطعمة الفاسدة وغير الصحية والتي قد تمر عبر الموانئ أو المطارات من لحوم، وغيرها من الأطعمة غير الصالحة والتي يتربح منها ضعاف النفوس من بعض المستوردين لهذه الأغذية؟
فهناك حاليا صراع بين أعضاء نقابة البيطريين وبين المسؤولين في هيئة سلامة الغذاء بعد تصريحات رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء الأخيرة الدكتور حسين منصور والذي أكد فيها تدريب عدد من الصيادلة على أعمال سلامة الغذاء، وهو الأمر الذي اعترض عليه أطباء الطب البيطري باعتباره يخرج عن اختصاصهم وأنه حق أصيل للأطباء البيطريين، ويمثل خطرًا على صحة المصريين.
تاريخ هذا الصراع لم يكن وليد هذه الأيام حسبما يرى الدكتور سامي طه، نقيب البيطريين الأسبق، وأحد شيوخ مهنة الطب البيطري إذ يؤكد أن قانون هيئة سلامة الغذاء نفسه هو في الأصل مشروع المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، لصالح تجار الأغذية خاصة المستوردين وسبق أن رفضه الأطباء البيطريون خلال تلك الفترة وأنه مع صدور قرار في عام 2017 بإنشاء هيئة سلامة الغذاء موضحًا أن هناك علاقة شائكة بين الأطباء البيطريين وبين الزراعيين وهذه العلاقة نتيجة وجود تداخل في الاختصاصات لافتًا إلى أن الأزمة الحالية تعود إلى قيام الدولة بتكليف 500 صيدلي بهيئة سلامة الغذاء للكشف على المكملات الغذائية وتدريبهم للقيام بأعمال تتعلق بأعمال واختصاصات الطب البيطري، وأنهم لا علاقة لهم بهذا الاختصاص.
حق الفيتو
أضاف طه في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24 أن هيئة سلامة الغذاء نشأت في البداية من داخل وزارة التجارة والصناعة، وهي الوزارة التي تخدم مصالح المستوردين في الأساس؛ حيث إن القانون الجديد لهيئة سلامة الغذاء الصادرفي برقم 10 يناير في عام 2017 على خلاف القانون القديم كان يخدم مصلحة المستهلك؛ حيث كانت هناك لجنتان بمعامل وزارة الصحة وهيئة الطب البيطري حيث كان لكل منهما حق الفيتو والرفض لأي رسالة غذاء تضر بصحة المستهلك بينما في القانون الجديد القانون رقم 100لسنة 2017 هناك لجنة تسمى لجنة التظلمات وبها 3 أعضاء من كل من غرفتي الصناعة والتجارة لهم الأغلبية، وبالتالي فالحكم النهائي للرسائل التي قد تكون مخالفة للمعايير الصحية ليس لأشخاص فنيين ومختصين، وبالتالي فهذا يخدم في النهاية المستوردين وأصحاب المصلحة.
ألمح إلى أنه في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي فإن السلطة البيطرية هي التي من حقها الإشراف على الأغذية وهو دور أصيل في كل دول العالم لافتا إلى أن الصراع الدائر حاليًا بين هيئة سلامة الغذاء وبين البيطريين يخدم التجار والمستوردين خاصة أن هناك 60% من أغذية المصريين يأتي من خارج مصر، وبالتالي فهناك بيزنس كبير في هذا المجال؛ حيث تم تهميش الأطباء البيطريين والذين لهم تاريخ عريق في الإشراف على سلامة الغذاء لأصلح هيئة وليدة هى هيئة سلامة الغذاء تعمل يف النهاية لصالح المستورد مع وجود عضوين لهم الأغلبية في لجنة التظلمات التي لها القرار النهائي في دخول الشحنات الغذائية المرفوضة.
قالت الدكتورة شيرين زكي، مقرر لجنة سلامة الغذاء بالنقابة العامة للأطباء البيطريين، إن الأطباء البيطريين يريدون فقط تقويم ما يحدث من ممارسات خاطئة فى سلامة الغذاء سواء ممارسات قانونية، أو إسناد الأمر لغير أهله، مشيرة إلى أن التصريحات الأخيرة المنسوبة للدكتور حسين منصور، رئيس هيئة سلامة الغذاء جانبها الصواب وبعيدة كل البُعد عن التفتيش والرقابة الدورية على المنتج الغذائي في مراحله المختلفة.
خلط في الاختصاصات
أوضحت أن المهندسين الزراعيين لديهم خلط بين اختصاص الأطباء البيطريين وتخصصهم؛ حيث إنهم يشيرون إلى دراستهم عمليات تصنيع الغذاء، في حين أن الأطباء البيطريين معنيون بالرقابة على المنتج الأولى إذا كان ذات أصل حيواني قبل دخوله عمليات التصنيع، بالإضافة إلى المنتج النهائي بعد التصنيع إذا كان من أصل حيواني أيضًا، لافتة إلى أن كل ذلك ليس له علاقة بتوفيق وضع المنشآت، إلا فى حال رغبة رئيس هيئة سلامة الغذاء في قصر دور الهيئة في المنشآت الغذائية وحصولها على التراخيص، دون النظر إلى صلاحية المنتج عقب تصنيعه، والتخزين والتداول السليم للأغذية.
أشارت إلى أن تصريحات رئيس هيئة سلامة الغذاء تعرضه للمسائلة القانونية؛ حيث إن القانون لم ينص على الانتداب أو موافقة جهة العمل لنقل المختصين في الرقابة على الأغذية للهيئة؛ ما يعني وجود التفاف على مواد القانون بما يضر المواطن المصري فى صحته وأمنه الغذائى، مؤكدة أن النقابة العامة للأطباء البيطريين تدق ناقوس الخطر والإنذار دائمًا حفاظًا على صحة الشعب المصري، لما نراه من تجاهل من قبل الهيئة القومية لسلامة الغذاء للقانون.
أضافت: نطالب بالنقل حتى يتسنى معرفة الأعداد التى تحتاجها الهيئة للتعيين لسد العجز في أعداد الأطباء البيطريين العاملين في مجال الرقابة على الأغذية ذي الأصل الحيواني.
دعوى قضائية
لفتت إلى أن النقابة بصدد إقامة دعوى قضائية مع إنذار للدكتور حسين منصور لإصدار القرار الإدارى بشأن نقل الأطباء البيطريين للهيئة، لتلافى ما حدث من أخطاء قانونية سابقة، مؤكدة أن سلامة الغذاء ليست تورتة يتقاسمها الجميع أو وظائف يبحث عنها الأطباء البيطريون؛ حيث إنه سيتم نقلهم بصلاحيتهم ودراجتهم المالية الحالية، وبالتالي لا يوجد أى مزايا مالية للأطباء البيطريين في حال نقلهم إلى هيئة سلامة الغذاء.
وتساءلت: أين دور الهيئة من شكاوى المواطنين بالأغذية الفاسدة أو المغشوشة؛ حيث يستقبل الأطباء البيطريون العديد من الشكاوى، ولم نجد الهيئة تتصدى لأي منها، رغم حدوث قضية رأى عام منذ عدة أشهر توفى بها طفلان بعد تناولهما شعرية مقلية سريعة التحضير، وتشكيل لجنة لبحث الأمر، ولم نجد أي نتيجة حتى الآن.
على جانب آخر قال الدكتور حسين منصور، رئيس هيئة سلامة الغذاء، إنه لا يمكن ان تنجح الهيئة في القيام بدورها دون التعاون مع كل من المستهلك والمصنّع موضحا أن توفير الغذاء الآمن يتطلب التعاون الوثيق بين أطراف ثلاثة؛ أولها هو منتجو ومصنعو الغذاء وثانيها هو الجهات الرقابية والتي يمثلها الهيئة القومية لسلامة الغذاء وثالثها هو المستهلك، والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكتمل منظومة سلامة الغذاء دون أن يقوم المستهلك بدوره في هذه المنظومة.
بينما رد على ذلك الدكتور محمد حجازى أمين الصندوق المساعد للأطباء البيطريين قائلًا: إن تصريح رئيس هيئة سلامة الغذاء، إن المفتش الأول لسلامة الغذاء هو المستهلك يطيح بكل قواعد منظومة سلامة الغذاء، ويعرض صحة المواطنين للخطر، مشيرًا إلى أن رئيس الهيئة يهدر أموال الدولة في بناء مستشفيات واستيراد أدوية بمليارات الدولارات نتيجة لغياب دور الرقابة من جميع المتخصصين، كل في مجاله، ما يفقد الهيئة مضمونها.
ألمح أن الطبيب البيطرى هو المسئول الأول عن صحة وسلامة الغذاء من أصل حيوانى وغياب دوره يُعد فشلا لمنظومة سلامة الغذاء؛ حيث إن إحكام الرقابة على الأغذية يعني تطبيق المنظومة والرقابة من المزرعة حتى مائدة طعام المستهلك، قائلًا: وبعد صدور قرار بتكليف 500 صيدلي في سلامة الغذاء بحجة أن لهم عملًا يقدر بنحو 1% من الأغذية، أمر يدعو إلى النظر إلى نسبة دور ومساهمة الأطباء البيطريين بالمنظومة وترجمتها لضم أطباء بيطريين إلى الهيئة.
لفت إلى أن انتداب 86 طبيبًا بيطريًا- وفق تصريح رئيس الهيئة- وإبرام عقود مؤقتة لنحو 115 آخرين هي أرقام ضئيلة جدًا لا يتناسب مع حجم أغذية من لحوم ودواجن وأسماك وألبان ومنتجاتها لأكثر من 100 مليون مواطن مصري.
في تصعيد متواصل للأزمة بين الجانبين أعلنت نقابة الأطباء البيطريين قرارات مجلسها الأخير بعد التصريحات الصادرة عن الهيئة القومية لسلامة الغذاء، والتي وصفتها بأنها ولدت حالة من الاحتقان في الأوساط البيطرية؛ حيث إن استخدام غير المتخصصين في أعمال التفتيش، والرقابة على الغداء ذي الأصل الحيوانى يشكل خطرًا على صحة الشعب المصري. موضحة أن المجلس قرر تشكيل وفد لمقابلة رئيس الوزراء لتوضيح العوار القانوني في قرارات الهيئة، والتي تؤدي إلى تهميش المتخصصين في مجالات التفتيش والرقابة وإسناد الأمر لغير المتخصصين؛ ما يشكل تهديدًا على الصحة العامة للمواطن.