قصائد عربية.. «المتنبي والشهباء» الأخطل الصغير.. تعرف عليها
نَفَيْتَ عَنْكَ العُلى وَالظَّرْفَ وَ الأَدَبا
وَإِنْ خُلِقْتَ لَها- إِنْ لَمْ تَزُرْ حَلبَا.
شَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا
في راحَةِ الفَجْرِ كُنْتِ الزَّهْرَ والحبَبَا.
أَوْ كانَ لِلَّيْلِ أَنْ يَخْتَارَ حِلْيَتَهُ
وَقَدْ طَلَعْتِ عَلَيْهِ، لازْدَرى الشُّهُبَا.
لَوْ أَنْصَفَ العَرَبُ الأَحْرارُ نَهْضَتَهُمْ
لَشَيَّدوا لَكَ في ساحاتِها النُّصُبا.
مَلاعِبَ الصِّيْدِ مِنْ حَمْدانَ، ما نَسَلوا
إِلَّا الأَهِلَّةَ وَالأَشْبالَ وَالقُضُبا.
أَلخالِعينَ عَلى الأَوْطانِ بَهْجَتَها
وَالرَّافِعينَ عَلى أَرْماحِها القَصبَا.
حُسامُهُمْ مانَبا في وَجْهِ مَنْ ضَرَبوا
وَمُهْرُهُمْ ما كَبا في إِثْرِ مَنْ هَرَبا.
ما جَرَّدَ الدَّهْرُ سَيْفًا مِثْلَ«سَيْفِهِمِ»
يُجْري بِهِ الدَّمَ أَوْ يُجْري بِهِ الذَّهَبا.
رَبُّ القَوافي عَلى الإِطلاقِ شاعِرُهُمْ
أَلخُلْدُ والمَجْدُ في آفاقِهِ اصْطَحَبا.
سَيْفانِ في قَبْضَةِ الشَّهْباءِ لا ثُلِما
قَدْ شَرَّفا العُرْبَ بَلْ قَدْ شَرَّفا الأَدَبا..
عُرْسٌ مِنَ الجِنِّ في الصَّحْراءِ قَدْ نَصبَوا
لَهُ السُّرادِقَ تَحْتَ الَّليْلِ وَالقُبَبا.
كَأَنَّهُ تَدْمُرُ الزَّهْراءُ مارِجَةً
بِمِثْلِ لُسْنِ الأَفاعي تَقْذِفُ اللَّهَبا.
يا مُلْبِسَ الحِكْمَةِ الغَرَّاءِ رَوْعَتَها
حَتَّى هَتَفْنَا: أَوَحْيًا قُلْتَ أَمْ أَدَبا.
كأَنَّما هِيَ أَصْداءٌ يُرَدِّدُها
هذا إِذا بَثَّ، أَوْ هذا إِذا عَتَبا.
قالوا اسْتَباحَ أَرسْطو، حينَ أَعْجَزَهُمْ،
وَإنَّهُ اسْتَلَّ مِنْ آياتِهِ النُّخَبا.
مهْلًا، فَما الدَّهْرُ إِلَّا فَيْضُ فَلْسَفَةٍ
يَعودُ بِالدُّرِّ مِنْهُ كُلُّ مَنْ دَأَبا.
مَنْ عَلَّمَ ابْنَ أَبي سُلْمَى« حَكيمَتَهُ»
وَقُسَّ ساعِدَةَ الأَمْثالَ وَالخُطَبا؟.
قالوا: الجدَيدُ، فَقُلْنا: أَنْتَ حُجَّتُهُ
يا واهِبًا كُلَّ عَصْرِ كُلَّ ما خلَبَا.
عَفْوًا نَبيَّ القَوافي، أَيُّ نابِغَةٍ
لَمْ يَزْرَعوا حَوْلَهُ البُهتْانَ وَالكَذِبَا.
مَنَعْتَ عَنْهُمْ ضياءَ الشَّمْسِ فَانْحَجَبوا
فَهَلْ تَلومُهُمُ إِنْ مَزَّقوا الحُجُبا.
أَضْرَمْتَ ثَوْرَتَكَ الهَوْجاءَ فَالتَهَمتْ
مِنَ القَريضِ الهَشيمَ الغَثَّ وَالخَشَبا.
حَتَّى رَجَعْتَ وَلِلأَقْلامِ هَلْهَلَةٌ
في كَفِّ أَبْلَغِ مَنْ غَنَّى وَمَنْ طَرِبا.
غَضِبْتَ لِلْعَقْلِ أَنْ يَشْقى فَثُرْتَ لَهُ
بِمِثْلِ ما انْدفَعَ البُرْكانُ وَاصْطَخَبا.
هَلِ النُّبوَّةُ إِلَّا ثَوْرَةٌ عَصَفَتْ
عَلى التَّقاليدِ حَتَّى تَسْتَحيلَ هَبا.
ما ضَرَّ مُوقِدَهَا، وَالخُلْدُ مَنْزِلُهُ
إِذا رَمى نَفْسَهُ في نارِها حَطَبا.
لمحات عن حياة الأخطل الصغير
الأخطل الصغير هو الشاعر اللبناني الكبير "بشارة الخوري" المولود عام 1885 والمتوفي في 31 يوليو من عام 1968، وهو من أشهر الشعراء في العصر الحديث، ومن أجودهم، ولقب بالأخطل نسبة للشاعر الأموي الكبير الذي يعد أحد أضلاع ثلاثة في مثلث الشعر الأموي، وهم جرير والفرزدق والأخطل، لقب بذلك لجزالة شعره ولغته، حتى صار البعض ينادي به كأميرًا للشعراء من بعد شوقي، ويعد من أكثر من غُنت قصائده في التاريخ الحديث، فغنى له أهم وأشهر مطربي ومطربات العصر غنت له جارة القمر "فيروز" وصاحبة الصوت الملائكي "أسمهان"، وموسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب" و"وديع الصافي" و"فريد الأطرش"، والعديد غيرهم، ومن أهم ما غنى له "جفنه علّم الغزل" الأغنية الشهيرة التي لحنها عبد الوهاب واشتهرت بصوته، وغنتها فيروز، وأغنية "يبكِ ويضحك" التي غنتها فيروز، و"بلغوها إذا أتيتم حماها" التي ما زالت تغنى إلى الآن، ومن أشهر من غنوها أديب الدايخ، ولطفي بشناق، وغنت له أسمهان "اسقنيها" وغنى له الأطرش "أضنيتني بالهجر"، والعديد غير تلك الأغنيات، والتي ما زالت تسمع إلى الآن.
