الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

عشرون عامًا من الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط.. صراعات مستمرة وخسائر فادحة │ 2

غزو العراق 2003
تقارير وتحقيقات
غزو العراق 2003
الثلاثاء 07/سبتمبر/2021 - 10:50 م

في محاولة لتقييم سنوات الحرب الأمريكية العشرين في المنطقة العربية بعد أحداث 11 سبتمبر 2021 وانطلاق عملية الحرية الدائمة في 7 أكتوبر 2001 لغزو أفغانستان بداعي القضاء على العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر أسامة بن لادن؛ نواصل تسليط الضوء على تداعيات تفجير برج التجارة العالمي على المنطقة، وذلك تزامنًا مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان خلال هذه الأيام، معتمدين على المصادر الآتية: مجلة فورتشن الأمريكية ومجلة السياسة الخارجية الأمريكية والشؤون الدولية والمركز الوطني الأمريكي لمكافحة الإرهاب ومعهد بروكينغز ومعهد دراسات السياسات وصحف أمريكية؛ لإثبات الخسائر الأمريكية خلال عشرين عامًا، بعيدًا الدمار والهلاك الذي حلَّ بالعواصم العربية على جميع الأصعدة.

لماذا لا يزال الشرق الأوسط مهمًا لأمريكا؟

تحت هذا العنوان Why the Middle East Still Matters to America..No Exit أي: لا يوجد مخرج.. لماذا لا يزال الشرق الأوسط مهمًا لأمريكا؟ رأت مجلة السياسة الخارجية الأمريكية والشؤون الدولية في شهر نوفمبر من عام 2020 أن سجل الفشل الأمريكي في الشرق الأوسط على مدى العقدين الماضيين طويل ومخيف، حيث كانت الكارثة الأكثر وضوحًا هي غزو العراق عام 2003.

وأكد المعهد أن "المشكلة بدأت قبل فترة طويلة من هذا الفشل الذريع. كان انتصار الولايات المتحدة في الحرب الباردة أنتج مزيجًا سامًا من الغطرسة الأمريكية والإفراط في الطموح، وتوصل المسؤولون والمحللون إلى الاعتقاد بأن مجتمعات الشرق الأوسط بحاجة إلى مساعدة واشنطن وأن الولايات المتحدة يمكن أن تستخدم قوتها بطرق بناءة في المنطقة؛ ما تبع ذلك كان مساعي غير مثمرة لتغيير المجتمعات العربية، وحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

وفي هذه الرؤية، رأى الكاتب الحائز على جائزة بوليتزر بريت ستيفنز، في كتابه "أمريكا في تراجع: الانعزالية الجديدة والاضطراب العالمي القادم"، أنه "بعد الحرب الباردة لا تزال مسألة الدور الذي يجب أن تلعبه الولايات المتحدة على المسرح العالمي، موضع نقاش، إذ أصبحت عنصرًا مركزيًا في المحادثات حول الإنفاق العسكري والسياسة الخارجية"، مؤكدًا أن الانخفاض في الإنفاق خلال إدارة أوباما يمثل القيادة من الخلف وسياسة أمريكا أولًا لإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحولات في السياسة الخارجية لأمريكا، ما أدى إلى عواقب وخيمة.

ومهما كانت طبيعة السياسة الأمريكية، ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة تعترف بأهمية المنطقة العربية التي تقع في ثلاث قارات ومصدر معظم احتياطيات النفط في العالم، ووصف كبار المسؤولين الأمريكيين منطقة الشرق الأوسط بأنها المنطقة الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية في العالم؛ لذلك عملت أمريكا خلال السنوات الماضية على التدخل المباشر على جميع المستويات في شئون الدول لتحقيق مصالحها.

انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة

لم يكن انسحاب القوات الأمريكية من الصومال في عام 1993، بعد مقتل 18 جنديًا أمريكيًا في العاصمة مقديشو الأول من نوعه، إذ بات واضحًا أن صُنَاع القرار الأمريكي لم يتعلموا من تجاربهم السابقة، فكرروا الخطأ نفسه أكثر من مرة، إذ تكرر الانسحاب الأمريكي من فيتنام في السبعينيات والعراق بعد غزوه عام 2003 وأفغانستان بعد غزوه عام 2001.

وبشكل عام من الصعب حصر جميع الخسائر التي حلت بالولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 1 سبتمبر، ولكن من المهم في هذا الشأن الإجابة عن سؤال: كيف كان حال الأمة العربية خلال العشرين عامًا الماضية بعد الحضور الأمريكي على جميع الأصعدة العسكري والدبلوماسي والسياسي؟

حال المنطقة العربية خلال العشرين عامًا الماضية

ظلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمدة عشرين عامًا في قلب المخاوف الأمنية العالمية، وذلك بسبب مجموعة متنوعة من العوامل منها الحضور الأمريكي بشكل واضح في أزمات المنطقة دون وجود حلول جذرية؛ ما أدَّى إلى انعدام الأمن في المنطقة واستمرار تعرضها للنزاعات المسلحة، مثل فشل الحوكمة في معظم البلدان العربية.

ولا تزال عواقب غزو التحالف بقيادة الولايات المتحدة للعراق عام 2003، حاضرةً بشكل قوي، حيث باتت العلاقات والتنافسات المعقدة بين القوى الإقليمية المختلفة تسيطر على الساحة العربية بدليل استمرار أزمات كثيرة منذ سنوات عديدة منها الأزمات في ليبيا والعراق ولبنان واليمن وسوريا، ووفق تقديرات مراكز أبحاث أمريكية استخدمت 7 دول على الأقل من أصل 16 دولة في المنطقة العربية القوة العسكرية في القتال على أراضيها، واستخدمتها 11 دولة على أراضي دول أخرى.

حروب العرب

الحرب في سوريا وليبيا واليمن

أدت الحرب في سوريا إلى نزوح نصف السكان - أكثر من 4.8 مليون كلاجئين دوليين وأكثر من 6.3 مليون من النازحين داخليًا - ووفاة أكثر من 400000، على الرغم من عدم وجود إحصاءات موثوقة عن الضحايا. 

وفي ظل مجموعة معقدة من القوات المتصارعة في سوريا، في عام 2016 مال ميزان القوى بشكل حاد لصالح الرئيس بشار الأسد نتيجة لثلاثة تطورات مهمة: الحملة الجوية والبرية الروسية لدعم الحكومة السورية، والدعم الواضح من إيران وحزب الله اللبناني، ومصالحة تركيا مع روسيا، وما يترتب على ذلك من تحول في سياستها من تغيير النظام في سوريا إلى تأمين استمرار النفوذ التركي، وهزيمة القوات المناهضة للحكومة في شرق حلب في ديسمبر 2016. 

وبحلول نهاية العام، تم تهميش الولايات المتحدة في محادثات السلام الإقليمية، وكانت إيران وروسيا وتركيا في طليعة المناقشات حول مستقبل سوريا، ويمكن القول في هذا الأمر إن الانتفاضة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد التي اندلعت قبل عشر سنوات، تحولت إلى حرب أهلية واسعة النطاق، رغم تشابك الأطراف الداخلية والخارجية من بينها الولايات المتحدة الأمريكية التي خاصت حربًا بالوكالة داخل الأراضي السورية. 

أما الوضع في ليبيا واليمن، فلا تزال الأولى غارقةً في الفوضى التي أعقبت الحرب الأهلية عام 2011 والتدخل الدولي، وما زالت تبحث عن طريق لتحقيق الاستقرار والأمن لمواطنيها، والوضع نفسه في اليمن الذي شهد حربًا أهلية متقطعة منذ عام 2004.

تقرير عن الشرق الأوسط

غزو العراق

في مارس 2003، غزت القوات الأمريكية العراق متعهدةً بتدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية وإنهاء الحكم صدام حسين، وعندما أثبتت معلومات استخبارات أسلحة الدمار الشامل أنها وهمية، تم القبض على صدام وحُوكم وشنق.

وفي السنوات التي تلت ذلك، قُتل أكثر من 4700 جندي أمريكي، وقتل أكثر من مائة ألف مدني عراقي، ووفقًا لأرقام وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون فقدت الولايات المتحدة 4487 عنصرًا في العراق منذ غزو العراق فيما بات يُعرف بـعملية حرية العراق في التاسع عشر من شهر مارس من عام 2003، وقد قدَّرت وحدة البحوث في الكونغرس الأمريكي أن تكون الولايات المتحدة قد أنفقت مع نهاية عام 2011 مبلغًا قدره 802 مليار دولار أمريكي على تمويل الحرب العراقية.

وفي غضون هذه الخسائر التي لا يمكن حصرها في هذه السطور (سيتم الحديث عنها فيما بعد)؛ تثار تساؤلات حول سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق التي أعلنت منذ أيام عبر رئيسها الحالي جو بايدن الانسحاب الأمريكي من الأراضي العراقية.

تدمير المنطقة العربية

تمدد تنظيم داعش

ظل تنظيم داعش قوة فاعلة ومحور اهتمام دولي حتى عام 2019، على الرغم من حقيقة أنه عانى من انتكاسات كبيرة في العراق وسوريا وليبيا، ولم تتخذ أمريكا أي خطوات ملموسة لمواجهة التنظيم، وذلك إطار العملية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة منذ سبتمبر 2014.

كما ظل تنظيم داعش لسنوات مصدر تهديد لأمن المنطقة العربية ويرجع ذلك لأسباب عدة منها عدم الفاعلية في مواجهته وتعزيز حضوره من خلال شبكة من المقاتلين الأجانب والجماعات التابعة له في دول عدة عبر أربع قارات، وقد أودت الهجمات الإرهابية المنسوبة إلى الجماعة أو الأفراد المنتمين للتنظيم بحياة مئات الأشخاص في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا وأوروبا.

واعتمد التنظيم على البنية التحتية والمؤسسات التي ترتبط عادةً بالدولة، مثل مبيعات النفط، والضرائب، والمقتنيات النقدية، وبيع الآثار والفدية، فضلًا عن الوصول إلى الأنظمة المالية الوطنية أو الدولية، وتُشكل هذه المصادر نقاط ضعف رئيسية، فكان استهدافها هو محور حرب اقتصادية دولية شنتها دول عدة منها أمريكا ذات بعد عسكري (مثل الضربات الجوية ضد البنية التحتية النفطية والممتلكات النقدية والعاملين الماليين الرئيسيين لداعش) والبعد غير العسكري (منع التبرعات وتجميد الأصول ومنع التجارة). 

الحرب في سوريا والعراق 

تصدير السلاح وتدمير المنطقة

زادت واردات الأسلحة إلى الشرق الأوسط بنسبة 86 في المئة بين عامي 2007-2011 و2012–2016، إذ استحوذت منطقة الشرق الأوسط على 29 في المئة من واردات الأسلحة العالمية في 2012-2016، ما جعلها ثاني أكبر منطقة مستوردة للسلاح في العالم، فقد واصلت الولايات المتحدة الأمريكية وعديد من دول أوروبا الغربية دورها كمورد رئيسي للأسلحة لمعظم دول المنطقة، ومن المؤكد أن واردات الأسلحة أسهمت في عدم الاستقرار والصراع العنيف وانتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة لسنوات كثيرة.

بناءً على ما تقدم، يمكن القول: «كانت هناك عواقب غير متوقعة لاستخدام القوة الأمريكية العسكرية داخل منطقة الشرق الأوسط، فمنذ أن حاول الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ونائبه جو بايدن (الرئيس الأمريكي الحالي) الخروج من العراق، استدرجتهم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، وحاول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ترك الحروب التي لا نهاية لها، لكنه وقع في الخطأ نفسه، إذ أرسل مزيدًا من القوات على الأراضي العربية، واكتشف الأمريكان في نهاية المطاف أن الدخول أمر سهل، والخروج يبدو مستحيلًا».

تابع مواقعنا