هروب من الموت.. تفاصيل 15 دقيقة رعب داخل مطعم المنصورة الجانح
في التاسعة مساء الخميس الماضي، كانت منطقة المشاية السفلية بمدينة المنصورة، تضج بالصخب كعادتها، الشارع الحيوي الذي يضم على جانبيه كافيهات وأندية رياضية وفي نهايته مطعمين عائمين، ويعد قبلة لمحبي التنزه على النيل.
داخل المطعم العائم STASIA كانت الأمور تسير طبيعية، فهناك حفل عقد قرآن يضم العشرات، واحتفال عيد ميلاد لمجموعة من الشباب والفتيات، بالإضافة إلى جلسات الأصدقاء، الجميع كان يعيش يومًا سعيدًا، لكن سرعان من تحول المشهد إلى كارثة كادت أن تعصف بأرواح أبرياء.
أصوات فرقعة وتدافع داخل مركب المنصورة المائل..
في تمام التاسعة والنصف، شعر ركاب المركب بعدم اتزان، وأصوات فرقعة وكسر تصدر من الطابق الأسفل، وما أن يحاول أحدهم الوقوف حتى يترنح يمينًا ويسارًا، فالعائمة لم تعد متزنة وهناك خلل فني حدث لم يعلم أحدًا سببه حتى الآن.
رعب وصراخ واستغاثات سيطرت على ركاب المطعم العائم لمدة 15 دقيقة، وكأنهم في مشهد النهاية، الجميع فقد توازنه، وبدأ يتدافع فوق بعضه، والمركب يتمايل بهم يمينًا ويسارًا، ولا يستطع أي شخص الوصول لباب الخروج، وتحول الفرح إلى كابوس.
دقائق وجنح المركب على إحدى جانبيه في اتجاه عمق النيل، وحاول الركاب الخروج لكنهم لم يتمكنوا بسبب الميل الشديد، فكلما صعدوا للأمام تراجعوا للخلف مرة أخرى، حتى تمكنوا من الخروج تاركين متعلقاتهم الشخصية، حتى الأحذية ففروا دونها من جحيم ما عاشوه.
يتكون المركب المائل من 3 طوابق، يعمل منه طابقين فقط، والأرضي مستأجر لأحد المطاعم لم ينتهي من تجهيزه بعد، ويبلغ ارتفاعه نحو 10 أمتار، وعرضه قرابة 8 أمتار ونصف، وبدأت تشغيله منذ 10 أيام فقط، وكان في المرحلة التجريبية.
شهود عيان: كنا بنموت
شاهدة عيان ممن حضرن حفل عقد القرآن، تحدثت لـ «القاهرة 24» عن لحظات الرعب داخل المركب، وتقول إنها كانت تجلس بالطابق الثاني، في انتظار احتساء مشروب الشاي، ثم ستصعد للروف للمشاركة في الاحتفال، وفي أثناء ذلك، سمعت أصوات كسر وطرقعة تصدر من أسفل، وسرعان ما فقد المركب توازنه.
وتضيف أن جميع الركاب بدأوا يتدافعون ويرتطمون ببعضهم وبجسم المركب، وهناك من سقطوا فوق بعضهم؛ ما سبب إصابات، مؤكدة أنها أصيبت بكدمة في جانبها، وبمجرد أن استطاعت الخروج تركت جميع متعلقاتها الشخصية، وسقطت منها أسورة ذهبية تصل قيمتها إلى 50 ألف جنيه، لكنها استعادتها مع باقي المتعلقات في اليوم التالي.
فيما توضح فتاة تواجدت وقت الحادث، أنها كانت جالسة مع أصدقائها، وفجأة شعرت باهتزاز في المركب، وبدأت الأطباق والأكواب في السقوط، والجميع فقد توازنه ويتمايل مع ميل المركب، حتى استقر على جانبه، وخرجوا بعدما حضرت الأجهزة الأمنية.
تؤكد الفتاة أن ما عشته كان رعبًا، وسقطت حقيبتها وهاتفها محمولة، واستعادتها في اليوم التالي، قائلة: «الحمد لله إننا بخير، حسينا إننا بنموت، وأخدت حاجتي أنا وصحابي كاملة».
تحركات سريعة
بمجرد أن تلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا بالحادث، انتقلت على الفور إلى المكان في محاولة لإنقاذ المركب ومن عليه من الغرق، حيث دفع مرفق إسعاف الدقهلية بـ10 سيارات إسعاف، وتم نقل6 مصابين للمستشفى، بينهم 4 عاملين بالمركب، تنوعت إصاباتهم ما بين كسور وكدمات وجروح، فيما تم التعامل مع 6 آخرين في المكان لإصابتهم باختناقات جراء التدافع.
على الجانب الآخر، قفزت قوات الإنقاذ النهري والضفادع البشرية داخل النيل في محيط المركب، للبحث عن أي غرقى قد سقطوا جراء الميل، ولم يجدوا، وأخرج ضباط مديرية أمن الدقهلية من كانوا على المركب، فيما تولت الحماية المدنية مهمة تفريغ المياه من داخل العائمة، في محاولة لاستعادة توازنها.
في اليوم التالي للحادث، سلمت الأجهزة الأمنية المواطنين الذين تواجدوا على المركب وقت ميله، متعلقاتهم الشخصية التي تركوها، ومن بينها هواتف محمولة، وحقائب وأحذية، ومشغولات ذهبية، كما تم تفريغ كافة محتويات المكان، من شاشات تليفزيون، وأجهزة المطبخ، واسطوانات الغاز.
محاولات تعويم مركب «STASIA»
على مدار 3 أيام، لم تنجح محاولات تعويم المركب بسبب امتلاء 7 خزانات ضخمة في الاتجاه المائل بالمياه، ما دفع ملاكه للاستعانة بمتخصصين في تعويم المراكب من محافظتي كفر الشيخ ودمياط، حيث تتطلب العملية تركيب عوامات ضخمة أسفل الجانب المائل، وذلك بالتزامن مع جذبه من الجانب الآخر باستخدام معدات ثقيلة، لكنها لم تصل بعد.
لجنة لفحص المراكب العائمة بالدقهلية
في تصريحات خاصة سابقة، قال الدكتور أيمن مختار، محافظ الدقهلية، إنه بمجرد وقوع الحادث وجه الدكتور هيثم الشيخ، محافظ الدقهلية، واللواء السيد سلطان، مدير أمن الدقهلية، بالانتقال لموقع الحادث، ومتابع أعمال إخلاء جميع الركاب، ومراجعة أوراق التراخيص الخاصة بالمركب.
أضاف أنه تم تشكيل لجنة برئاسة نائب المحافظ، لمراجعة سجلات جميع العائمات الموجودة في النيل بنطاق المحافظة، والتأكد من توافر اشتراطات السلامة والصحة المهنية، والحماية المدنية، والبيئة.
تضم اللجنة كل من، الحماية المدنية، والمسطحات المائية، والملاحة النهرية بمديرية الطرق، والأمن الصناعي، والصحة، والتموين، ومباحث التموين، ونائب رئيس المركز أو المدينة أو الحي، ومدير المتابعة والتفتيش بالمحافظة، ومدير التفتيش البيئي بالمحافظة، وعضو قانوني.
أكد أنه تم تحرير محضر ضد مالك المركب، وانتقل فريق من النيابة العامة لمعاينة المكان وتحديد سبب جنوح المركب، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
سبب جنوح مركب «STASIA»
فيما أوضح مصدر مقرب من مالك المركب، لـ«القاهرة 24»، أن السبب في حدوث الميل، ارتفاع منسوب مياه النيل، وبمجرد أن مال المركب امتلئ 7 خزانات بالمياه، وهو ما صعب من مهمة إعادة التعويم حتى الآن، وسط مخاوف من احتمالية زيادة الميل وغرق العائمة.
