في تقبيله لذّة.. ماذا قال الرحالة ابن بطوطة في وصف الحجر الأسود؟
قضى الرحالة المعروف ابن بطوطة 30 عاما مُتنقلا بين بلاد العالم، التي مر بها، يُشاهد ويتأمل ويُسجل ما يُشاهده من خلال كتابه: تحْفة النظار في غرائب الأمْصار وعجائب الأسْفار، المعروف برحلات ابن بطوطة، ومن بين ما ذكر ابن بطوطة الحجر الأسود فاستطاع أن ينقل وصفا دقيقا له.
يصف ابن بطوطة الحجر الأسود فيقول: وأما الحجر الأسود، فارتفاعه عن الأرض ستة أشبار، فالطويل من الناس يتضامن لتقبيله، والصغير يَتَطَاول إليه وهو ملصق في الركن الذي إلى جهة المشرق، وسعته ثُلُثَا شبر، ولا يُعْلَم قَدْر ما دخل منه في الركن، وفيه أربع قطع ملصقة.
ويضيف ابن بطوطة: يقال إن القرمطي لعنه الله كسره، وقيل إن الذي كسره سِواه، ضربه بدبوس فكسره وتبادر الناس إلى قتله وقُتِلَ بسببه جماعة من المغاربة، وجوانب الحجر مشدودة بصفيحة من فضة يلوح بياضها على سواد الحجر الكريم فتجتلي منه العيون حسنًا باهرًا، ولتقبيله لذة يتنعم بها الفم ويَوَدُّ لأثمه أن لا يفارق لثمه، وهذه خاصية مودعة فيه وعناية ربانية به.
ويواصل ابن بطوطة: وفي القطعة الصحيحة من الحجر الأسود مما يلي جانبه المُوالي ليمين مُسْتَلِمه نقطة بيضاء صغيرة مشرقة، وترى الناس إذا طافوا بها يتساقط بعضهم على بعض ازدحامًا على تقبيله، فقَلَّمَا يتمكن أحد من ذلك إلا بعد المزاحمة الشديدة، وكذلك يصنعون عند دخول البيت الكريم، ومن عند الحجر الأسود ابتداء الطواف، وهو أول الأركان التي يلقاها الطائف، فإذا استلمه تقهقر عنه قليلًا، وجعل الكعبة الشريفة عن يساره ومضى في طوافه، ثم يلقى بعده الركن العراقي وهو إلى جهة الشمال، ثم يلقى الركن الشامي وهو إلى جهة الغرب، ثم يلقى الركن اليماني وهو إلى جهة الجنوب، ثم يعود إلى الحجر الأسود وهو إلى جهة الشرق.