كيف رأى آرتور شوبنهاور العالم محبطًا.. وما أبعاد نظرته إلى الموت؟
آرتور شوبنهاور، الفيلسوف الألماني الشهير، وأحد أهم فلاسفة القرن التاسع عشر، الذي تحل اليوم ذكرى وفاته 21 سبتمبر من العام 1860، عرف أنه فيلسوف التشاؤم، والشر، كما أثر بكتاباته على الفلسفة الوجودية وعلم النفس في الأوقات اللاحقة لوجوده.
ولد شوبنهاور في فبراير عام 1788، في مدينة دانتسج، كان والده رجل أعمال ثري، وعندما ضُمّت دانتسج إلى بروسيا، انتقل إلى هامبورج، لأنه كان ملتزمًا بالليبرالية والنظام الجمهوري، تعلق آرتور بوالده كثيرًا وتأثر بأفكاره وثقافته، وشكل انتحار والده 1805، كارثة كبرى عليه.
أتاحت أسرة آرتور شوبنهاور الثرية التنقل والسفر بحرية لتلقي التعليم، فسافر في سن التاسعة إلى فرنسا، واكتسب اللغة الفرنسية، وسافر إلى هولندا، وإنجلترا، والنمسا، وسويسرا، وأثرت كثيرًا تلك الرحلات ورؤيته للثقافات المختلفة في تكوينه، ورغم أن علاقته بأمه يوحنا شوبنهاور، كانت متوترة كثيرًا، إلا أنه أفاد من وجودها وعلاقاتها الكبيرة، حيث كانت شخصية اجتماعية شهيرة، وروائية رومانتيكية، وكانت أسست صالونًا ثقافيًا بعد موت والد آرتور، حيث كان يتوافد عليه كبار الشخصيات الثقافية في هذا الوقت، والتقى آرتور فيه مع جوته، والمستشرق فريدريش ماير.
عندما كان شوبنهاور على وشك كتابة رسالة الدكتوراه عام 1813، وقعت الحرب بين بروسيا وفرنسا، وكان لا يحب الحرب ويمقُتها، فانتقل إلى رودلشتات، وكتب هناك أولى أعماله، عن الجذر الرباعي لمبدأ العلة الكافية، وحصل به على الدكتوراه بعد ذلك من جامعة يينا، ومبدأ العلة الكافية، هو أن لكل شيء ما سبب أو علة لما يكون عليه، وفي عام 1820 تم قبوله كمحاضر في جامعة برلين بعد أن ألقى محاضرة أمام مجموعة من أعضاء هيئة التدريس، برئاسة هيجل، وكانت بعنوان «مجمل الفلسفة.. أي نظرية جوهر العالم وجوهر العقل البشري»
فلسفة الموت والتشاؤم عند شوبنهاور
يرى شوبنهاور العالم عبارة عن مكان مليئًا بالإحباط والضجر واليأس والألم، فالأنسان موجود من أجل المعاناة، وأن يكون لا موجودًا خيرًا له من وجوده، فالإنسان أو الفرد بصفة عامة، مخلوق كي يكافح من أجل تحقيق غاياته، وأن حياة المرء بين غيره من الأفراد، سوف تنطوي على فترات تراجيدية، يعاني فيها، أو يجلب المعاناة على غيره من البشر.
وينظر شوبنهاور للموت بأنه انتهاء للموجود البشري، ويرى أن ميلنا للخوف من الموت مبني على أساس لا عقلاني، فنحن لم نكن موجودين منذ فترة لا نهائية قبل الميلاد، وعلى ذلك يجب أن ننظر إلى عدم وجودنا مرة أخرى، كما يرى أن القولين بأن الموت فناء تام، أو خلود بعده، هما قولين فاسدين، وإنما يقول بأن الفرد هو مجرد جزء من عالم الظواهر، يشغل أجزاء معينة من المكان لزمن معين، يتوقف بعده عن الوجود، إذا كان الفرد الظاهري الجزئي هو كل ما يكون، سيكون موته عدمًا تامًا، غير أنني إن كنت أشعر بأنني شيئًا ما بذاتي، خارج كل زمان وكل تغير، فإن الموت عندئذ لن يكون النهاية.