كاتب سوري: ارتفاع وتيرة الاغتيالات نتيجة فشل بعض أطراف النزاع.. وإنهاء الوجود التركي ضروري│ حوار
تناول أحمد شيخو، الكاتب والصحفي السوري، الأحداث الأخيرة التي تشهدها سوريا الشقيقة، من تزايد وتيرة الاغتيالات الذي أثار سخط العديدين، إلى ما يتم تداوله عن اتفاق قريب بين دولتي روسيا والولايات المتحدة للخروج من سوريا، خاصة بعدما حدث في أفغانستان عقب الانسحاب منها وسيطرة طالبان.
القاهرة 24، أجرى حوارا مع شيخو، تناول فيه الأزمة السورية، وأسباب انتشار تلك الاغتيالات، وهل تنسحب أمريكا وروسيا بالإضافة لرفع العقوبات؟.
كيف ترى تزايد وتيرة الاغتيالات في سوريا؟
لا شك أن الأطراف المُتدخلة في الأزمة السورية ونتيجة لفشل بعض مراحل مشاريعها تلجأ للاغتيالات، وهدفها إعطاء انطباعًا أن الطرف المُستهدف لا ينعم بالأمان ومناطقه غير مستقرة، ومن بين هذه الأطراف هي تركيا، وعبر خلاياها المختلفة في الداخل السوري ومناطق الإدارة الذاتية.
حيث تعمل تركيا على خلق فِتن طائفية وقومية، بقيامها بعمليات الاغتيال، واتهام الأطراف المُضادة، والقيام بالضخ الإعلامي عبر أذرعها الإعلامية لتحقيق مكاسب سياسية، لتمكين نفوذها وأدواتها ضمن مناطق الاحتلال في سوريا.
هل تنظيم داعش وإيران لهما علاقة بتلك الاغتيالات؟
تقوم خلايا داعش ببعض الاغتيالات لإرسال رسائل أنها موجودة، وقادرة على التأثير في المشهد السوري، بالإضافة إلى أن الجهات المحسوبة على إيران، وهي قسم من النظام السورية نتيجة التعاون الوثيق بينهم يقومون باستهداف بعض المناطق والشخصيات حتى تكون لهم الحضور الفعلي والمُؤثر في بعض المناطق، ويعطون انطباعا أن المناطق التي تُسيطر عليها الحكومة في دمشق هي الآمنة، وأن الأخرى لا توجد فيها الأمان.
كما أن الجيش الوطني السوري الذي شكلتّه المُخابرات التركية أيضًا يستهدفون بعضهم، كونهم عبارة عن مجاميع إرهابية مُتناحرة جمعتهم الاستخبارات التي تريد التحكم بهم عبر فسح المجالات، ودعم الاغتيالات فيما بينهم، حتى يكونوا عند الطلب التركي وتحت سلاحه، ويكونوا في حاجة دائمة للمحتل التركي، بالإضافة إلى قيامهم بخطف المدنيين وطلب الفدية كما يحدث في عفرين ورأس العين.
هل ترفع أمريكا العقوبات عن سوريا وفقا لما صرح به البيت الأبيض؟
من المستبعد أن تقوم أمريكا برفع العقوبات، لكن يمكن أن تعمل على تخفيفه بالقدر الذي يجعل الحكومة السورية مستمرة، وغير قابلة للسقوط، حتى يتم إيجاد البديل المناسب له فيما يخص المصالح الأمريكية ومصالح الأمن القومي الأمريكي في المنطقة.
لقد شاهدنا السماح الأمريكي بإيصال الغاز المصري عبر الأردن وسوريا إلى لبنان، أو أنه سيتم الاستمرار وتخفيف العقوبات ريثما تتفق روسيا وأمريكا على صيغة مُشتركة لفرضها على الواقع السوري المتأزم، لكن من المؤكد أن العقوبات شكلت أثرًا سلبيًا على مجمل الشعب السوري، وخلق حالة أزمة اقتصادية حادة لا تستطيع معها روسيا وإيران على الاستمرار في دعم السلطة بسوريا على المدى البعيد، لذلك ستبحث روسيا على انفراجة ولو بسيطة مع أمريكا حتى تحافظ روسيا على نفوذها ومكاسبها، بعد جهدها العسكري والسياسي الكثير في سوريا.
إلى أين وصلت المفاوضات السورية؟
ما زالت مسار المفاوضات فاشلة وغير مجدية حتى الآن، بسبب التدخلات الخارجية والإقليمية الذين لا يريدون الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، وخصوصًا الأتراك والإيرانيين كونهم سيخرجون لو تحققت التسوية السياسية، كما مسار مفاوضات أستانا الذي ظل يراوح مكانه، رغم الجولات العديدة والتي خدمت في النهاية الأجندة التركية بزيادة احتلالها وإيران بتعميق نفوذها.
أما مسار جنيف للتفاوض والأممي، فقد كانت آخر جولة عُقدت منذ أكثر من 6 أشهر، وما زالت الأطراف غير قادرة على الاجتماع مرة أخرى رغم لقاءات بيدرسون، ممثل الأمم المتحدة في سوريا، حيث أصبحت المعارضة تحمل أجندة تركيا بدلا من حملها لمطالبات الشعب والثورة السورية، كما أن النظام يكسب الوقت لإطالة المدة وضياع البوصلة وكسب الأرض ونقاط القوة التي تجعلها غير مجبورة على قبول شروط المعارضة وحتى التفاوض معهم.
كيف هو شكل المفاوضات السورية الداخلية؟
تزايدت في الفترة الأخيرة احتمالية الحوار والتفاوض بين الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية مع حكومة دمشق، في ظل الكلام الروسي عن أهمية وضرورة هذا الحوار، وأيضًا في ظل الرغبة التي تم إظهارها من قبل مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، لكن لهذا الحوار إن تم، فهناك تحديات منها التأثير الإيراني على القرار السوري في دمشق.
كما هناك الفاعل التركي الذي يُحاول بشتى الوسائل، منع وعدم السماح للمكون الكردي السوري والإدارة الذاتية في أن يكون لهم دور بمستقبل سوريا، وهي تُقدم كل التنازلات لروسيا وإيران، لمنع تحقيق وتطوير هذا الحوار.
يبقى الحوار السوري السوري، هو أفضل وأصح الطرق للوصول بسوريا إلى بر الأمان، حي إن التأثير الإقليمي والدولي له إيجابيات وسلبيات، وحتى الآن كان سلبيًا، كما أن تعنت النظام وعقليته ورؤية كل الأحداث في سوريا أنها مُؤامرة، وكل المخالفين إرهابيين تُشكل عائقًا للحوار السوري.
هل سيكون هناك اتفاق قريب من روسيا وواشنطن لحل الأزمة السورية؟
تشعر روسيا بعد انسحاب أمريكا من أفغانستان بالقلق والخوف، ومن الممكن أن تسعى روسيا إلى تخفيف حملها ومتاعبها في سوريا حتى تتفرغ أكثر للتغيرات الجيوسياسية المقبلة من الوضع الأفغاني، لذلك من الوارد أن تكون روسيا في وارد البحث عن توافق مع أمريكا، لكن موقف الولايات المتحدة حتى الآن غير معلوم بشكل واضح، رغم تأكيد واشنطن بقائها في سوريا والعراق لمساعدة القوات المحلية في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، ومُلاحقة خلاياها التي تنشطت بعد الحادث الأفغاني.
من الممكن أن يستمر الوضع كما هو بشكل مُؤقت حتى يكون لأمريكا رؤية مُشتركة تتفق فيها مع روسيا أو بدونها، فليس من الضروري أن تكون الرؤية الأمريكية بالتنسيق مع روسيا، لكن حتى هذه الإمكانية واحتمالات الحل الأخرى لديها التحدي التركي واحتلالها ورغبتها في البقاء بالشمال وإدلب، وحتى ضم هذه المناطق لتركيا.
عليه لن يكون أي حل ناجح مالم يأخذ الاحتلال التركي بعين الاعتبار، ومن الممكن أن يكون اتفاق الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية «إن تم» بالرعاية الروسية والموافقة الأمريكية، أحد الحلول السورية الوطنية التي تحافظ على وحدة سوريا واستقرارها، وتكون بداية صحيحة لحل الأزمة السورية، وطرد المحتل التركي من شمالي سوريا.