لماذا كان مارتن هايدجر نازيًا وما هي نظرته الفلسفية للميتافيزيقا؟
مارتن هايدجر، فيلسوف الوجودية الأشهر على الإطلاق في القرن العشرين، المولود في 26 سبتمبر من العام 1889، يعُد هايدجر الفيلسوف الذي أتّى ليحافظ على الفلسفة الأوروبية من التراجع والانهيار، رغم أنه كان نازيًا، إلا أنّ هذا لم يمنع الاعتراف به كأعظم فلاسفة القرن، كما تأثر به معظم من كان في عصره ومن أتى من بعده.
كان هايدجر بوصفه نازيًا، مُعاديًا للسامية، وقيل أن استخدَم بعض أرائه الفلسفية، لتحقيق غايات وأهداف النازية، خلال فترة الحرب العالمية الثانية، كما أن أبناءه شاركوا في الحرب، وتم أخذهم كأسرى وسُجنوا في المعسكرات الروسية، وكان هايدجر من اتباع الحزب النازي، وعيّنه هتلر رئيسًا لجامعة فرايبورغ، لكن يُقال، أنه كان خلال مُحاضراته اشتراكيًا بشكل كبير، وأن اتباعه للنازية، لم يكن نابعًا من توجه عقائدي كبير، كما أن بعض زملائه من اليهود، قالوا إنه لم يكن معاديًا في الواقع للسامية.
ابتعد هايدجر عن النازية بشكل فكري، عندما ترك منصبه عام 1934، بسبب أنه وجد النازيين على غير ما تصورهم، بأنهم مُثقفين، ويشبهون فلسفته، لكنه في الواقع لم يجد سوى أشخاص سطحيين، ليسوا مثقفين، وظل في الحزب بشكل صوري، حتى عام 1945، وقالت حنا أرندنت، التي رافقته طويلًا، قوله عن انضمامه للحركة النازية، إن هذا كان أكبر قراراته غباءً طوال حياته، لكن ما يجعل الكثيرين يعتقدون بنازيته، أنه لم يعتذر أبدًا بشكل صريح عن فترة تواجده ضمن النازيين.
المتافيزيقا في فلسفة هايدجر
اهتمّ هايدجر كثيرًا في فلسفته بالميتافيزيقا، فهي عنده تتضمن التجاوز والمفارقة، تجاوز ما هو فيزيقي، وطرح تساؤلًا، ما الذي يجعل من الموجود موجود؟، إذن الوجود هو الأصل والأساس للميتافيزيقا، لكن ما حقيقة الوجود؟.
يقول هايدجر، مُتسائلًا من خلال طرح ديكارت القائل، بأن الفلسفة، هي مثل الشجرة، جذورها الميتافيزيقا، وجذعها الفيزيقا، وأما الفروع، هي باقي العلوم الأخرى، ما طبيعة الأرض التي تجد في شجرة الفلسفة مستقرها؟ ومن أي أساس تنبت الجذور؟، أين تقوم الميتافيزيقا من الأساس؟، والجواب، هو الوجود، إنه الأساس الذي تقوم عليه الفلسفة بشكل عام.
يرى هايدجر بأن ما يجعل «الوجود» متواجدًا، هو النور، وأنه هو ما يُعبر عن كينونة الأشياء، لكنه رغم ذلك رفض أن يكون مصدر النور خارجًا عن نطاق الموجود، فأنكر الإله، والعقل المطلق، وأي سبب خارج حيز الوجود، كما رأى أنه يجب تجاوز الميتافيزيقا، لكن ليس تركها، بل تجاوز بحثها في الوجود بما هو موجود، إلى البحث في الوجود، بما هو حقيقة، تشكل ماهيّة الإنسان، وإعادة تأسيس مفاهيمها بشكل عام، مع انتقاء أو تنحية الأفكار التي تخدم ذلك عبر التاريخ، بداية من أفلاطون.