حساسية زائدة وضعف ذاكرة.. كيف تتعامل مع كبار السن؟
في اليوم العالمي للمسنين الذي يوافق الأول من شهر أكتوبر، يثار جدل دائم حول تعريف من هو المسن وكيف يتم التعامل معه، في البداية وحسب خبراء علم النفس فالمسن هو الشخص الضعيف الذي يحتاج إلى رعاية غيره بسبب امتداد عمره ومرافقة صفات الشيخوخة له من وهن أو ضعف أو عجز.
أبرز مشاكل هذه المرحلة العمرية:
يعاني المسن من مشاكل كثيرة منها ما هو نفسي ومنها ما هو جسماني أما ما هو نفسي، فيرتبط بمشكلات عدم التكيف مع وضعه الجديد وتتضح الآثار النفسية في ظل زيادة وقت الفراغ في مرحلة الشيخوخة، ومن أمثلة المشكلات النفسية:-
1. مشكلات سن الشيخوخة: وهو ما يعرف بسن اليأس ويكون مصحوب باضطراب نفسي أو عقلي قد يكون ملحوظ أو غير ملحوظ وقد يكون في شكل الترهل والسمنة والإمساك والبول والعصبية والصداع والاكتئاب.
2. مشكلات التقاعد: وهو ما يشعر الفرد بالقلق على المستقبل والحاضر والخوف والانهيار العصبي وخاصة إذا فرضت عليه حياته الجديدة بعد التقاعد أسلوبًا جديدًا من السلوك لم يألفه من قبل ولا يجد في نفسه المرونة الكافية لسرعة التوافق معه وخاصة إذا لم يتهيأ لهذا التغيير وإذا شعر أو أشعره الناس أن قد أًصبح لا فائدة منه بعد أن كان يظن أنه ملء السمع والبصر.
3. ذهان الشيخوخة: منه يصبح المسن أقل استجابة وأكثر تركيزًا حول ذاته ويميل إلى الذكريات وتكرار حكاية الخبرات السابقة وتضعف ذاكرته ويقل اهتمامه وميوله وتقل شهيته للطعام والنوم وضعف طاقته وحيويته ويشعر بقلة قيمته في الحياة.
4. الشعور بالعزلة والوحدة النفسية: هناك حاجات انفعالية عامة تميز كبار السن منها الحزن والأسى الناتج عن الوحدة من فقد حب الآخرين والشعور بالذنب الناتج عن الوحدة من الحوادث الماضية أو قد يكون الشعور بالوحدة لعدم وجود من يتحدث معهم نتيجة زواج الأولاد وانشغالهم وموت الزوج وتقدم العمر والمهن.
مشاكل أخرى نفسية لكبار السن ومنها:-
1. الحساسية الزائدة: يحب المسن الكثير من وجدانه من الموضوعات الخارجية ومن الاهتمامات الاجتماعية ويوجهه إلى ذاته حتى إنا نجد الكثير من الفلاسفة والأدباء عندما يتقدم بهم العمر يؤلفون الكتب التي تدور حول ذواتهم حيث يلتف الوجدان حول الذات وبمعني آخر تصبح الذات مركز لاهتمام الشخص وبؤرة أساسية لاهتمامه بل لحب وكراهيته.
2. الإعجاب بالماضي:- هذه الخاصية تظهر في عدة أشكال فهو قد يعجب بمن أنجبه من أبناء وبنات وقد ينصب إعجابه على تاريخ الحافل بالبطولات وبالمواقف الحاسمة أو بالقرارات القاطعة المفيدة التي حولت مجريات الأمور أو التي كان لها أكبر الآثار وأعظم الفوائد لعدد كبير من الناس وقد تأخذ السيدة المسنة بتذكير نفسها والناس من حولها بما كانت تتمتع به من نشاط وجمال ورشاقة في أيام الشباب.
3. اللامبالاة من الذات:- غالبًا ما يكون المسن في موقف المتهكم من كل شيء والساخر من كل الناس حتى في نفسه فلا هو ناقم على ذاته ولا هو معجب بها بل هو ساخر من أي شيء يدعو إلى السخرية والواقع أن الشخص لا يستطيع أن يتخذ مثل هذا الموقف الساحر إلا إذا كان متجردًا من التحيز إلى جانب نفسه أو متحيزًا ضدها فاللامبالاة كموقف هي التي تسمح للشخص بأن يتحيز الموقف التهكمي من نفسه. وبوجه عام نجد أن ثمة اهتزازات يحدث لدي المسن إزاء قيمة تقديره لذاته، ومن الطبيعي أن الافتقار إلي تقدير الذات أو نقص تلك القيمة وتدهورها ينعكس على ملامح الشخصية وعلي وقته وجلسته وكلامه وملامح وجهه بل إنه ينعكس أيضًا على تعامله مع الناس فهو في معظم الحالات ينصرف عن إقامة علاقات جديدة مع غيره.
4. الإحساس بالفشل:- ومما هو جدير بالذكر أن التفات المسن إلى ماضيه واستغراقه للذكريات قد يؤدي إلى الشعور بالكدر والحسرة لأنه لم يتم بدوره كما كان ينبغي وأن الأيام عاكسته الظروف قامته وأنه مثلا كان ضحية لأبيه الفقير أو زوجته الجاهلة أو أبنائه أو آخرين. إنها الالتفات المرير إلى الماضي والذكريات الملحة الأليمة تزيد المسن في شيخوخته وهنًا على وهن وهما فوق هم فيندب حظه ويتشاءم من الحياة ومن معاملة الناس ويؤكد في مناسبات متعددة أن تمسكه بالوفاء أو الأخلاق أو التضحية مثلًا كان السبب المباشر في تأخيره المالي أو الاجتماعي وسببًا في تفرق أهله وأصحابه عنه.
استقطاب التفكير والانفعال حول فكره خاطئة:- وتعد مشكلة استقطاب التفكير والانفعال حول فكرة خاطئة ومن أهم مظاهرها مرض البارانويا من أهم المشكلات النفسية التي تواجه كبار السن. وذلك ما يجعل المسن بائسًا وحساسا ويزيد ها المرض حتى موت أحد الزوجين في الحياة الزوجية أو موت أحد أبنائه الكبار أو أحدي أصدقائه الأعزاء أو ضعف الموارد الاقتصادية أو كل هذه الأسباب مجتمعية.
الشيخوخة ومشاكل المسنين الحركية:
يرى خبراء علم النفس أنه لا يجب النظر للشيخوخة كمرض ولكن كعملية طبيعية تشمل التغير التدريجي في الشكل والوظيفة والقدرة على تحمل الضغوط وهو يبدأ من التدهور المتدرج الذي يحدث من قمة النضج البدني والصحي في العقد الثالث من العمر حيث لسوء الحظ تبدأ التغيرات الفسيولوجية المتعلقة بالسن مبكرا جدا عما نتصور.
وعلامات الشيخوخة كما نعرفها هي قصر القامة وانخفاض في المحتوي العضلي للجسم والشعر الأبيض وتجاعيد البشرة وضعف التناسق العضلي الحركي وسن اليأس عند النساء ونقص الخصوبة للرجال وفقد الأسنان، ويصاحب ذلك عوامل نفسية واجتماعية مثل ضعف التقدير للذات وضعف الرغبة في العمل والاكتئاب والوحدة.
ويبدأ قوام المسن وانحناءات ظهره الطبيعية في التدهور مع تقدم السن حيث تتحرك الرأس للأمام ويزيد انحناء الفقرات الصدرية ويختفي الانحناء الأمامي للفقرات القطنية ويصبح العمود الفقري مثل حرف C بدلا من انحناءاته الطبيعية وتبدأ الركبتين في الانثناء وكل هذه الأوضاع الخاطئة تغير من ميكانيكية أجزاء الجسم وتؤدى إلي آلام واستهلاك زائد للطاقة.
التغيرات العضلية مع تقدم السن: يبدأ الشخص بعد سن الثلاثين في فقد من 3-5% من المحتوى العضلي كل عشر سنوات مع زيادة أكبر ما بعد الستين يمكن أن تصل إلي 30% كل عشر سنوات بعد السبعين وأكثر الضعف يكون في عضلات الجذع والساقين وهي العضلات الهامة لكل أنشطتنا الحركية.
نقص المرونة مع تقدم السن: تزداد الروابط البينية في الكولاجين بشكل مكثف وهو البروتين الموجود في الأنسجة ويسمح باستطالتها مما يعيق قابلية النسيج للتمدد والاستطالة وهناك أيضا نقص فى البروتين ما يؤدى إلي ضعف خاصية رجوع الأنسجة لوضعها الطبيعي بعد الشد وعامل آخر يضاف إلي ذلك وهو قلة حركة المسن مما يزيد من نقص المرونة كل هذه العوامل تؤثر على حركة المريض وتعوقها خاصة في منطقة الرقبة والجذع والحوض ويؤدى أيضا إلى تهديد توازنه. ومع تقدم السن يقل سمك غضاريف المفاصل وتتآكل وتصبح حركتها مؤلمة.
كيف نتعامل معهم؟
هناك بعض النصائح التي يمكن الالتزام بها عند التعامل مع المسنين وهى:
-شاركهم في أخذ القرار
الشعور بالاهتمام والاحترام هو أحد الاحتياجات الأساسية لكثير من كبار السن، فيمكن تطبيق ذلك من خلال مشاركتهم في الأمور المختلفة، وطرح عدد من الخيارات؛ لتوصيل الإحساس بأن المسن أو المسنة يُشارك في اتخاذ القرار، فمثلا بدلا من القول: أنت تتناول حساء على الغداء اليوم.، قل: هل ترغب في تناول بعض الحساء على الغداء؟، والأفضل من ذلك: هل ترغب في تناول الحساء أو السلطة على الغداء اليوم؟.
ويعد طرح الأسئلة على كبار السن إحساسا أكبر بالاحترام، فتوفر خيارات العرض لهم إحساسًا أكبر بالسيطرة على البيئة المباشرة والمشاركة فيها، ويجب الحرص أثناء التعامل مع كبار السن الأقل إدراكًا والقدرات البدنية، على السؤال والمتابعة دون انتظار إجابة بالضرورة، وذلك حتى يشعرون أنهم جزء من عملية صنع القرار، ولديهم درجة من السيطرة على بعض جوانب حياتهم.
اصبر عليهم
الصبر والرحمة غالبًا ما تكون صفات ضرورية عند التعامل مع المسنين، لأن لديهم كثير من التحديات الجسدية، والحركة البطيئة، والنسيان، والحاجة، واللامبالاة، لذلك يكون من السهل في بعض الأحيان فقدان الصبر والإحباط، وقد يميل المرء حتى إلى الاستسلام والابتعاد. لذلك خلال تلك اللحظات، من المفيد جدًا أن تضع نفسك في مكان كبار السن، حتى ولو للحظة واحدة، والأخذ بعين الاعتبار الكبار الذين تتعامل معهم، وبرر لهم جميع أفعالهم حتى تعيش معهم بسلام.
لا تلقي عليهم الأوامر
يجب طرح أسئلة بدلًا من وضع أوامر عندما يتعلق الأمر بأفعالك في العلاقات مع كبار السن، على سبيل المثال: بدلًا من إطفاء الأنوار في غرفة كبار السن دون سؤال، قُل سأقوم بإطفاء الأنوار لك، هل لديك اعتراض؟، لأن إذا كانت بعض الاحتجاجات غير ضارة فدعها تشق طريقها والتحكم المباشر من تجاههم، أو اشرح لماذا من المهم بالنسبة لك أن تفعل ما تحتاج إلى القيام به.