35 % تراجعًا.. كيف تأثرت الاستثمارات الأجنبية في مصر بجائحة كورونا؟
تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر لأدنى مستوى سجلته مصر منذ 2014، مسجلًا 5.9 مليار دولار بنهاية 2020، بتراجع 35%.
وكشف تقرير البنك الدولي لإحصاءات الديون الدولية 2022، الصادر أمس خلال اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد المستمرة حتى 17 من الشهر الجاري، أن حجم الاستثمار الأجنبي المتدفق لمصر تراجع من 9 مليارات دولار عام 2019 إلى 5،9 مليار دولار في 2020، متأثرًا بجائحة كورونا، رغم الجهود الحكومية لتعزيز تنويع الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأكد التقرير أن الحكومة حاولت إحياء صندوق الاستثمار المصري السعودي منذ فترة طويلة الذي تصل قيمته إلى 16 مليار دولار بهدف زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف التقرير أن الاستثمار الأجنبي المباشر المصري لا يزال يتركز بشكل كبير في النفط والغاز.
الاستثمار الأجنبي في مصر
وأوضح خبراء اقتصاديون أن الحكومة نجحت في أن تعيد ثقة المستثمر الأجنبي بعد الأحداث السياسية التي شهدتها مصر منذ 2011 حتى 2014 ارتفعت بعدها حجم الاستثمارات الوافدة إلى مصر؛ لتحقق نموا كبيرا غير أن جائحة كورونا أعاقت عمليات ومساعي زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية عالميا.
42 % تراجعا في الاستثمارات الأجنبية بـ إفريقيا
وبحسب المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية انخفضت الاستثمارات المباشرة في إفريقيا بنحو 18% إلى نحو 38 مليار دولار في 2020 من 46 مليار دولار في 2019، إضافة إلى ذلك ظلت مصر في المرتبة الأولى كأكبر متلقٍّ للاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا على الرغم من الانخفاض في التدفقات البالغ 39% لتصل إلى قيمة مقدرة بنحو 5.5 مليارات دولار في 2020.
وذكرت الدراسة أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة انخفضت عالميًا في 2020 بنحو 42% من 1.5 تريليون دولار في 2019 إلى 859 مليار دولار، بعد انخفاض بنسبة 50 % في النصف الأول من 2020، وفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للاستثمار الأجنبي المباشر في أكتوبر 2020، وهو معدل منخفض شوهد المرة الأخيرة في التسعينيات.
بيئة الاستثمار في مصر
وعملت الحكومة منذ بداية عام 2015 على تحسين بيئة الاستثمار وخلق مناخ جاذب للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، حيث عدلت قانون الاستثمار وتفعيل نظام الشباك الواحد، للاستثمارات المحلية والأجنبية.
كما تم تعديل دور لجنة فض المنازعات لتصبح قراراتها لها قوة القانون والقرار الجمهوري من قبل الجهات الإدارية بالدولة، بالإضافة إلى إصدار قانون لتنظيم الضمانات المنقولة الذي يهدف إلى تيسير سبل التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر واستخدام الأصول المنقولة كضمانات للتمويل؛ حتى لا يشترط الاستثمار وجود ضمانات عقارية.
مؤتمر مصر المستقبل
وعقدت مصر مؤتمر مصر المستقبل الذي انعقد في شرم الشيخ مارس 2015، لطرح فرص استثمارية في مختلف القطاعات الرئيسية أمام المستثمرين المحليين والعرب والأجانب، بهدف دعم وتنمية الاقتصاد المصري وإعادة وضع مصر على خريطة الاستثمار العالمي.
وبلغت الحصيلة النهائية للاستثمارات والقروض التي حصلت عليها مصر خلال مؤتمر مصر المستقبل 60 مليار دولار، وتجاوزت قيمة المنح والمساعدات 17 مليار دولار، منها 12.5 مليار من 4 دول خليجية، و5 مليارات من دول أوروبية.
كما بلغ حجم الاستثمارات التي تم توقيع عقودها بشكل نهائي نحو 36.2 مليار دولار، وتم الاتفاق على مشروعات ممولة بقيمة 18.6 مليار دولار، مع فترة سداد طويلة الأجل، إضافة إلى مذكرات تفاهم لم تصل إلى مرحلة الاتفاقات النهائية بعد بقيمة 92 مليار دولار، ونحو 45 مليار دولار لتأسيس العاصمة الجديدة.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي وقتها إن مصر تحتاج نحو 200 إلى 300 مليار دولار من أجل البناء؛ حتى يكون هناك أمل حقيقي للمصريين، وفي نهاية عام 2015 كان قد تم تنفيذ 65% من مشروعات واتفاقيات ومذكرات تفاهم المؤتمر، باستثمارات بلغت نحو 44.7 مليار دولار.
مصر نجحت في جذب الأموال الأجنبية
وأكد الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن مصر نجحت في جذب الأموال الأجنبية من الخارج حتى احتلت المرتبة الأولى إفريقيا للعام الرابع على التوالي من حيث حجم الاستثمارات الوافدة والبيئة الأكثر جذبا للمستثمرين.
وأوضح، في تصريح خاص لـ القاهرة 24، أن الحكومة بدأت في إعادة هيكلة الاقتصاد المصري منذ تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 وعمل حلحلة للقطاعات الاقتصادية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي من خلال برنامج اعتمد على معالجة الخلل المالي في الموازنة العامة للدولة ومعالجة الديون المتراكمة، ومن ثم تهيئة المناخ المناسب لإقامة مشروعات ومنتجعات صناعية وتجارية في مصر لا سيما في محور قناة السويس.
ولفت إلى أن مؤسسات التمويل الدولية والتصنيف الائتماني أشادت بأداء الحكومة في تهيئة مناخ جيد للاستثمارات الأجنبية لا سيما في قطاع الطاقة الذي استطاع أن يجلب مليارات الدولارات، وسط سعي الحكومة لتكوين أكبر منطقة لوجستية لتسييل وتصدير الغاز في المنطقة والعالم.
البرنامج الاقتصادي المصري
ومن جهته يرى حسام عيد، خبير أسواق المال، أن نجاح البرنامج الاقتصادي الذي نفذته مصر مع صندوق النقد الدولي منحها ثقة كبيرة لدى المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل والصناديق الاستثمارية العالمية التي تهافتت على الاستثمار في أدوات الدين لمحلية التي مكنت الحكومة من توفير سيولة كبيرة يسهم في دعم استقرار الاقتصاد.
وأضاف، في تصريح خاص لـ القاهرة 24، أن وزارة المالية اعتمدت استراتيجية طويلة الأمد في تحويل عمر الدين الخارجي من قصير ومتوسط إلى طويل الأجل؛ وهو ما ساعد في تحقيق تنمية حقيقية داخلية مع التزام مصر بسداد التزاماتها الخارجية.
وأوضح عيد أن آثار كورونا التي انعكست على الاقتصاد العالمي أثرت في تعافي مصر الكبير الناتج من البرنامج الاقتصادي المالي، وأدت إلى تباطؤ النمو، إلا أن الإصلاحات الاقتصادية استطاعت أن تقدم سدا منيعا، أما الآثار الكبيرة لجائحة كورونا التي هوت باقتصاديات عالمية، فإن الاقتصاد المصري نجا منها بفضل إجراءاته الاستباقية.