الشاعر مسعود شومان يكتب: فؤاد حداد مشروع شعري شائك ومربك

نمر في تلك الأيام بذكرى وفاة الشاعر الكبير فؤاد حداد الذي رحلة عن عالمنا في 1 نوفمبر عام 1985 بعد رحلة حافلة بالعطاء الإبداعي الشعري، في هذا الصدد ننشر مقالًا للشاعر مسعود شومان عن الراحل فؤاد حداد وتجربته الشعرية تحت عنوان فؤاد حداد مشروع شعري شائك ومربك.

والشاعر والباحث مسعود شومان من مواليد 16 يناير 1966 له إسهامات ثرية في الشعر العامي،  وصدر له العشرات من الدواوين منها عارف يارب، قبل ما يردموا البحيرة  صاحب مقام، وله دراسات نقدية ودراسات في حقلى الدراسات الشعبية والأنثروبولوجية، وجاء مقاله عن فؤاد حداد:

فؤاد حداد مشروع شعري شائك ومربك

تظل تجربة فؤاد حداد واحدة من أكثر التجارب الشعرية طرحًا للقضايا الإشكالية، إذ إنها تشتبك اشتباكا تمتد خيوطه مراوحة بين التراث والمأثور الإنساني، العربي، الشعبي، هذه المراوحات التي كانت سببًا مباشرًا في خوف النقاد والدارسين من الاقتراب من عالمه لفك تداخلاتها، وفصل أنسجتها الملتحمة، فعالم حداد يستعصي­ بالتأكيد­ علي غير عارف بحدود عوالمه، موسيقاه، استلهاماته، لذا فإن ما سأقدمه يمثل اطلالة أولي علي عالمه الثري خاصة فيما يتصل بظاهرة التناص مع بعض العناصر الفولكلورية وآليات تشكلها في بنية النص الشعري.

إن حداد لا يكف عن استخدام آليات وحيل المبدعين الشعبيين في فنونهم القولية مثل استخدامه للألفاظ المدمجة، وهي خصيصة أثيرة في عدد من الفنون الشعرية الشعبية مثل الموال والواو، وهو باستخدامه هذا يمنح موسيقي نصه حيوية مستمدة من تواتر موسيقي النص الشعبي كما يمنح متلقيه أفقا لتوقعها، وكشف ما غمض في تركيبتها، كما يستخدم كذلك نسق أغاني الأدباتية، وفؤاد حداد في هذا السياق ليس أبًا وحسب وإنما هو تأسيس باهر لإنجازات العامية في الشعر الحديث.

كيف تأثر والد الشعراء فؤاد حداد بالعروبة وعبر عنها في أعماله؟

أحمد فرحات: فؤاد حداد شاعر من طراز فريد أحب الوطن والناس

 ولعل هذه الإطلالة ونصوصه تفتح أفقا حول العلاقة الشائعة بين الإبداع الفردي والابداع الشعبي، ومدى مساهمة نص الجماعة الشعبية في مد نص العامية بخبرات جمالية تنكرها الأجيال الجديدة بدعوى تخلفها وابتذالها، فضلا عن استخدام البعض لها بوصفها توشية أو حلية وحسب، من هنا وجب إعادة النظر في مشروع حداد الشائك والمربك في آن واحد لان يتسلح بأشكال شعبية لا تقتصر علي فنون القول وانما يتجاوزها لنجد في متن نصه عناصر من العادات والتقاليد والمعتقدات والثقافة المادية الشعبية ليعلن في كل وقت عن ثراء نصه وحاجته إلى من يفض مغاليق سره بعيدا عن المقولات الجاهزة والعبارات الانشائية، من هنا تظل هذه الكتابة مفتاحا أو إطلالة أولي علي علاقته بالفولكلور ربما تسلمنا إلى مكاشفة عالمه الثري والرحب والمشتبك بقوة وحيوية بنص الجماعة الشعبية.

نعم قرأت حداد قراءة عميقة وتعلمت من بحره الفياض، لكن حداد رغم عظمة منجزه ‘ذا وقع فيه شاعر سيبتلعه شعره فيصبح مفردة فيه وفى حيله وألعابه، من هنا فإن الشعراء الذين أفلتوا من عشقه وكانوا مواهب كبيرة استطاعوا أن يكتبوا نصوصهم دون الوقوع فى تجربته، وأظن أن تجربتى الشعرية تنتمى لسياقات اجتماعية وجمالية مغايرة، لكن حداد فى كل وقت يقف شاهدا على سموق العامية ومجاوزتها للسائد من شعر.