كيف يؤثر المناخ على الأسعار في مصر؟ .. تعرف على التفاصيل
يشهد العالم عاليا مجموعة من التغيرات المناخية التي أثرت على كثير من المحاصيل الزراعية وأسعارها كما تشهد أسعار المنتجات بشكل عام ارتفاعا عالميا في الآونة الأخيرة متأثرة بعوامل عدة، أبرزها أزمة الطاقة في أوروبا وكذلك التغيرات المناخية.
ويقول الدكتور محمد على فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ والطاقة المتجدّدة والنظم الخبيرة إن: قضية التغيرات المناخية عالمية لها تأثيرات محلية فى مصر، ويُعد القطاع الزراعي الأكثر تضررًا، وهو الأكثر تأثيرًا، إذ إنه يتسبّب فى اختلال ميزان الأمن الغذائي المصري.
وأوضح في تصريحات لـ القاهرة 24 أن أكثر الأنشطة ضعفًا فى البنية التحتية والأساسية المقاومة لأى تغيُّر فى المناخ هو القطاع الزراعى، فالدول الأوروبية مثلًا تتعرّض أحيانًا لتغيرات مناخية حادة، لكن عندهم بنية تحتية لمواجهة ذلك وتجنُّب حدوث خسائر كبيرة، ومشكلتنا هنا فى مصر عدم وجود هذه البنية، كما أن الدول المتقدمة تعوض الفلاحين عن الخسائر، وطبيعة المزارع المصرى أنه بطىء فى الاستيعاب، لدرجة أنه قد يستوعب معلومة زراعية فى موسم كامل، وهذا البطء يسبّب مشكلات كبيرة جدًّا، خاصةً أن المؤسسات المعنية بإجراءات الوعى لا تقوم بواجبها، بل تكاد تكون مختفية، بسبب عدم اهتمامها أو نقص الكوادر العملية والبحثية.
وتابع الخبير فى تغير المناخ أن العام الحالى 2021 هو الأكثر تأثرًا على مدار 40 عامًا بالمناخ المتقلب، وانخفضت فيه إنتاجية أغلب الفواكه والخضر، وتسبّبت التقلبات المناخية فى تساقط معظم أشجار الفاكهة، حيث إنها لم تستوفِ احتياجاتها من البرودة فى فصل الشتاء، لدرجة أن إنتاجية الزيتون والمانجو والتفاح والخوخ والعنب والبرقوق انخفضت، فى معظم المناطق بنسبة كبيرة للغاية، فلكى تدخل الأشجار فى مرحلة إنبات البراعم فى الربيع يجب أن تأخذ احتياجاتها من البرودة، مما يؤثر على معدلات التزهير والعقد، وهما مؤشران مهمَّان على مستويات الإنتاجية.
وأكد فهيم أن المجتمعات الريفية المصرية من أكثر المجتمعات هشاشة ضد التغيرات المناخية، أى أنها أقل المجتمعات مرونة؛ فهناك مناطق كثيرة فى الظهير الصحراوى المصرى تعانى مثلًا من نقص فى كمية المياه، والمرونة هنا تعنى خطوات استباقية لمواجهة التغيرات، مثل تبطين القنوات والمساقى لزيادة مرونتها وتوفير المياه، والمثال الثانى هو تنوُّع الدخل فى المجتمعات الريفية، ما بين إنتاج زراعى وزيادة القيمة المضافة على المنتج الزراعى بالتصنيع، والتنوع المحصولى، هذا التنوع يعنى زيادة مرونة هذا المجتمع.
ولفت رئيس معلومات تغير المناخ إلى أن مجابهة التغيرات المناخية تستوجب فى البداية تغيير مواعيد زراعة المحاصيل الصيفية بشكل عاجل وبعض المحاصيل الشتوية التى تأثرت بشكل كبير بالتقلبات المناخية العام الماضى، ومن المتوقع أن يكون تأثيرها كبيرًا على الموسم الزراعى الصيفى الحالى.
ومن جانبه قال الدكتور شاكر أبوالمعاطى، رئيس وحدة الأرصاد الجوية بمعمل المناخ الزراعى إن التغيرات المناخية تعد أكبر التحديات التى تواجه العالم وتؤثر على الأمن الغذائى، فالقطاع الزراعى هو الأكثر ضعفًا وهشاشة بين القطاعات، وما شهده العام الحالى خير دليل على ذلك، ومما يدلل على أن التغيرات المناخية أصبحت واقعًا أن إحدى ظواهره كانت حرائق الغابات فى تركيا واليونان والجزائر، والسيول فى أوروبا والصين والفيضانات العالية فى ألمانيا والحرارة المستعرة فى شرق المتوسط هى الأكثر لفتًا للانتباه بين أحداث العالم.
وأوضح أبوالمعاطى في تصريحات لـ القاهرة 24 أن التغير المناخى هو انحراف للعوامل المناخية عن معدلاتها الطبيعية، ومن تداعيات التغير المناخى تداخل الفصول أو حدوثها فى أسبوع أو شهر واحد، وقد حدث فى 2021 أن جاءت أيام شعر فيها الناس بأجواء حارة فى فصل الشتاء وأجواء مطيرة فى الصيف، وأصبح هذا الأمر ظاهرًا، سواء للمواطنين أو العاملين فى القطاع الزراعى، وإذا نظرنا إلى آخر المواسم، مثلًا 2020، فقد حدث أن هطلت أمطار غزيرة لفترات طويلة، وأيضًا دخول صيف قاسٍ عام 2021، مما كان له عظيم الأثر على الإنتاجية الزراعية، حيث أدت الأمطار عام 2020 إلى تدنى إنتاجية محصول القمح، خاصة فى المناطق ذات الماء الأرضى المرتفع وسيئة الصرف، حيث تعرض المحصول للتلف بسبب تراكم المياه فى منطقة الجذور لفترات طويلة مع الإصابة بالصدأ الأصفر، حيث تهيّأت ظروف الإصابة.