جريمة الإسماعيلية.. كواليس حادث قطع الرأس: المتهم مدمن شابو وتربى فى أسرة دينية
جريمة الإسماعيلية هزت مشاعر المصريين ليس لبشاعتها فقط وتعقيد تفاصيلها، إنما لتسجيلها مرئيًا بالهواتف المحمولة، من قبل المارة والسكان، الذين وقفوا مكتوفي الايدي عاجزين مع كثرة أعدادهم على التصدي للمجرم وإنقاذ الضحية، من يد سفاحا رفع أسلحته البيضاء، وانهال بها ضربا وطعنا وذبحًا، فقد جن جنونه، حتى فصل راسه عن جسده، ويتجول ويطوف بها فرحا منتصرا من وجهة نظره، بعدما أردي الضحية قتيلا بلا رأس.
قطع رأس ضحية الإسماعيلية
حادث الإسماعيلية وقع وسط عشرات الأشخاص، الذين اكتفوا فقط بتصوير جريمة الإسماعيلية، والركض من أمامه والابتعاد عن طريقه، واكتفوا رجالهم بالمشاهدة ونسائهم بالصراخ والعويل، حتى أن البعض من شدة الموقف ارتسمت على وجهه علامات الابتسام، وكأنه فاز بمشاهدة جريمة بشعة على الهواء مباشرة.
جريمة قطع رأس رجل بالإسماعيلية والطواف بها، هي الأعنف والأبشع من نوعها، في عصرنا الحالي، أحيط بها الغموض حول دوافع ارتكابها، وطريقة القيام بها، وأسباب تخاذل مشاهديها وامتناعهم عن إيقافها، ولم يتفق علماء النفس عن الشعور الذي قاد المتهم لارتكاب فعلته، واختلف القانونيون حول عقوبته، وتباينت الآراء حول شخصيته.
شهود العيان وحادث الإسماعيلية
القاهرة 24 في هذا التقرير يرصد أقوال شهود العيان على جريمة الإسماعيلية، وتفاصيل اللقاء بزوجة الضحية ونجله وشقيقه، وما علاقة الجاني بالمجني عليه، وتحريات الأجهزة الأمنية وقدرتها على القبض على المتهم في 5 دقائق من الإبلاغ، ورأي علماء وفقهاء الدين والخبراء النفسيين والقانونيين، وكواليس الجريمة وتفاصيلها من دوافع المتهم لارتكابه للجريمة وكيف أوقع المجني عليه في شباكه وكيف تمكن من قتله وأرهب من حول حتى انتهي، وتفاصيل حياة المتهم آخر أيام حياته.
مشاهد من حياة المتهم
كشف جيران المتهم ويدعى أحمد أنه أتم عامه الأربعين منذ شهور قليلة، نشأ وسط بيئة دينية، حيث ترعرع على يد والدته الملتزمة دينيًا، وتفوق على أقرانه في حفظ القرآن الكريم، وعمل في مجال صناعة وتجارة الموبيليا، وأثناء عمله وقع في حب فتاة من مسقط رأسه بقرية البلابسة، لكنها لم توافق على الزواج منه، فانقلبت حياته رأسًا على عقب، وأدمن المواد المخدرة وخاصة الشابو منها، واتجه للانحراف والتعدي على الأشخاص بسبب وبدون، حتى قرر أصدقائه إيداعه بأحد مصحات علاج الإدمان الغير مرخصة في محاولة منهم لعلاجه، لكنها بائت بالفشل، وخرج المتهم قبل إتمام علاجه، وعاد لتعاطي المخدرات مرة أخرى، وبدأ في التعدي على الأشخاص وكانت آخر اعتداءاته، حينما توجه إلى أحد محلات الموبيليا وحكمها عن بكرة أبيها.
علاقة الجاني بالمجني عليه
كما أفاد شهود العيان لـ القاهرة 24، أنه لا توجد علاقة شخصية تربط المتهم بالضحية، إنما العلاقة الوحيدة التي كانت تجمعهم، هي كون المتهم أحد العمل في محل الموبيليا الذي يملكه شقيق المجني عليه.
مشاهد من حياة المجني عليه
المجني عليه في حادث الإسماعيلية يدعى أحمد الصادق، يبلغ من العمر، ويقيم في نفس المنطقة، ويعمل سمكري سيارات، لديه 7 أبناء، منهم بنتان متزوجتان، وثلاثة أولاد، وأصغرهم طفلة لم تدخل المرحلة الابتدائية، وحسب شهادة أقاربه والشهود العيان فهو حسن الخلق، وكان في طريقه قبل مقتله، إلى أحد محال السوبر ماركت، لشراء بعض الحاجيات المنزلية.
لحظة جريمة الإسماعيلية
ترصد المتهم للضحية في شارع البحر بالإسماعيلية، وكان ممسكًا في يده ساطوا ومقروطة، ويحمل طبنجة صوت لإرهاب المواطنين، فغافل المجني عليه، وانقض عليه ضربا وطعنا وتمزيقا بالساطور، حتى أوقعه على الأرض واستمر في الطعن والذبح والنحر والتمثيل مدة 3 دقائق، حتي تمكن من فصل رأسه عن جسده.
القاهرة 24 التقى شهود العيان على الحادث وجاءت أقوالهم متابينة كل حد وصفه ومدى ملاحظته واستيعابه لجريمة الإسماعيلية، وقال أحدهم أن القاتل استخدم الساطور، وفصل رأس المجنى عليه عن جسده، وتجول به بالشوارع، تمثيلًا بالجثة، في مشهد مُرعب اهتزت له الأبدان، وأصاب عدة أشخاص آخرين حاولوا إيقافه عن فعلته، منهم رجل مسن أصيب بجرح قطعي بالرقبة، وطعن شاب آخر في صدره.
وقال آخر أنا كنت مارًا بالشارع فوجدت قاتل ضحية الإسماعيلية ممسكًا بساطور ومسدس، ويقوم بالتعدي على غيره حتى قطع رأسه، وبعدها حمل الرأس من الشعر ووضعها في كيس أسود وبدأ يتجول به، حملًا الساطور يلوح به لمن يحاول الاقتراب منه، فتجمع أهالي المنطقة واستمروا بقذفه بالحجارة والترابيزات حتى تمكنوا من احتجازه لحين وصول قوات الشرطة، لكنه قبل ذلك كان يركض ممسكًا بالرأس ويقول "الشرف".
القبض على المتهم
انتقلت قوات الشرطة رفقة فريق بحثي وجائي من النيابة العامة، بعد دقائق معدودة إلى مكان حادث الإسماعيلية، لبدء التحقيقات، وكشف ملابسات الواقعة، واستجواب الشهود وتفريغ الكاميرات، وذلك فور تلقي اللواء اللواء منصور لاشين، مدير الأمن، إخطارًا بـ ذبح مواطن على يد آخر، بأحد الشوارع العامة بالمحافظة.
كما أعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي لها بعد الحادث أنه تم ضبط مهتز نفسيًا بالإسماعيلية سبق حجزه بإحدى المصحات للعلاج من الإدمان، قام بالتعدي بساطور على عامل مما أدى إلى فصل رأسه وكان يهذى بكلمات غير مفهومة، وبالفحص تبين أنه كان يعمل بمحل موبيليا خاص بشقيق المجنى عليه.
أسرة المجني عليه
القاهرة 24 التقى بأسرة ضحية حادث الإسماعيلية، وقال نجله البالغ من العمر 14 عامًا أنه وقت الحادث كان يلهو مع أصدقاءه لكنه فوجئ بهم يخبروه بمقتل والده، قائلا:" وأبويا كان غلبان وقاعد في حاله مبيعملش حاجة، خرج يجيبلنا عيش عشان ناكل ورجعلنا ميت إحنا عايزين حقه".
أما زوجة ضحية مشاجرة الإسماعيلية فلم تتمالك نفسها من الانهيار ولم تقل سوى أنها ترغب في إعدام الجاني، جوزي غلبان وعيالي بقوا يتامى وهما صغيرين.
من جانبه قال شقيق ضحية حادث الإسماعيلية أن القاتل كان يعمل لديهم في محل الموبيليا، كما أنه دخل مصحة لعلاجه من المخدرات، وخرج منها منذ شهرين، وعن آخر لقاء بينهم قال: القاتل كان لسه قاعد معايا أول امبارح وبيقولي عايز أرجع الشغل معاك تاني بعد ما اتعافيت.
لم يختلف رد فعل المجني عليه في جريمة الإسماعيلية وشقيقته، حيث قال والده ابنى خرج الصبح يجيب أكل لعياله بعدها بساعة جالنا تليفون بيقولنا ابنكم مدبوح في الشارع، وقال شقيقته شفت أخويا مدبوح في الأرض وراسه جنبه جوه كيس أسود، أنا عايزة إعدام للقاتل في ميدان عام، ومش هنقبل عزاء من حد إلا لما حق أخويا يرجع.
دوافع المتهم لارتكاب الجريمة
تباينت الآراء حول الدافع الحقيقي لارتكاب الجريمة، فقد اعترف المتهم أمام رجال المباحث، أن دافعه من ارتكاب الجريمة، هو دافع الشرف انتقاما من المتهم الذي اقدم على اغتصاب زوجته وشقيقته.
شهود العيان أقروا جميعهم أن المتهم كان يردد كلمة الشرف في كل ضربة يسددها للمجني عليه، بالإضافة إلى الصراخ بكلمه الشرف عند محاولة اقتراب أي من المارة لإبعاده المجني عليه، متهجما في وجهه ومشهرًا سلاحه نحوه، وهو يقول: ده اغتصب مراتي واختي.
لكن أسرة المتهم نفت ما تم تداوله في هذا الشأن بشان اقدام المجني عليه في اغتصاب أحد أفراد أسرتهم، ورجحوا إلى عدم وجود سبب مادي وراء ارتكاب الواقعة، وأن الدافع الحقيقي هو هوسه النفسي، وفقدان القدرة على التحكم في أفعاله، لإصابته بالعديد من الأمراض النفسية جراء تعاطي المخدرات.
طبيب نفسي يصف فعل القاتل
قال الدكتور وليد هاني، استشاري الطب النفسي، إن جريمة قطع الرأس التي حدثت اليوم بالإسماعلية ترجع لعدة أسباب من بينها نمط المعيشة واستعمال الأسرة للطرق جديدة غير مناسبة للتربية كالضرب والإهانة.
لفت الدكتور وليد هاني، إلى أن أسباب انتشار مثل هذه الوقائع داخل الشارع المصري، يرجع لتعاطي المواد المخدرة والتي تسجل مصر خلالها 21 مليون شخص ما بين متعاطي وبائع ومُشتري، فهذه النسب يرتب عليها انتشار الجريمة.
أضاف إلى أن الشخص الذي قام بجريمة ذبح شاب بالإسماعلية ربما يكون شخص سادي وغير متزن نفسي، ويتمتع بتعذيب من قبل الأسرة أو يكون شخص معقد، بسبب عدم انعدام الرعاية والاهتمام منذ الصغر.
عقوبة القاتل
من جانبه قال المحامي أيمن محفوظ أن مرتكب جريمة الإسماعيلية سبق وأن تم علاجه في مصحة لعلاج الإدمان، ولذلك يجب الوقوف على حالته العقلية قبل المطالبة بالعقوبة.
تابع محفوظ أن هناك فرق شاسع بين المرض النفسي وبين المرض العقلي في تكوين فكره العقوبة لدي الجاني، فالمرض النفسي والوقوع تحت تأثير الإدمان ليس مانعًا من العقوبة في حد ذاته وإنما الذي يمنع العقوبة هو الجنون، بمعني عدم ادارك الجاني لمدي خطورة أفعاله وخروج تصرفاته عن سيطرته بشكل مطلق، أما المرض النفسي فيكون هناك اضطراب في سلوك الجاني مما تتحقق معه الإرادة الحرة، وعلى ادعاء الجاني الجنون فتعرضه سلطه التحقيق أو محكمة الموضوع لمده لا تقل عن 45 يوم للتأكد من سلامة قواه العقلية.
أضاف محفوظ أنه إذا ثبت قاتل ضحية الإسماعيلية مريض نفسي ولكن له إرادة حرة ومسئول عن أفعاله، فيعد بذلك مرتكب لجريمة القتل مع سبق الإصرار والترصد، بأن حدد النشاط الاجرامي وأعد العدة لذلك، بأن قرر أن يرتكب الجريمة باستخدام سلاح واراد من ذلك ازهاق روح أمام المسجد، سواء كان يعاني من اضطراب في السلوك أو غيرها من الأمراض النفسية ودافع القتل لا علاقه له بالعقوبة، مهما كان مسمي المرض النفسي الاكتئاب مثل الشيزوفرنيا وهكذا فان مواد الاتهام من المواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والتي تعاقب مرتكبها بالإعدام، وقد ينزل القاضي درجه لتكون العقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد.
اختتم محفوظ أن المرض النفسي ليس من شأنه أن يفلت المريض من العقوبة مهما كانت درجه جسامه المرض النفسي، أما إذا ثبت من التقارير الطبية جنون القاتل وعدم مسئوليته عن أفعاله فيكون في تلك الحالة مريض وتنعدم عليه المسئولية الجنائية، ولكن يودع بقرار قضائي في أحد المستشفيات العامة للعلاج الجنون الذي يعاني منه الجاني.
رأي الدين في جريمة الإسماعيلية
قال الداعية الإسلامي، الشيخ أحمد الصباغ، عن الموقف السلبي لأهالي الإسماعيلية، إنه ليس من المروءة والشهامة، أن نترك مشاجرة أو مشاحنة دون التدخل لإنهائها على الفور.
واستشهد بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم:{من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان} رواه مسلم.
والحديث الشريف: { انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ.} رواه البخاري.