أزمة البترول العالمية.. صراع أوبك بلس وأمريكا من ينتصر؟
انخفض سعر البترول على مدار الأسبوع الماضي، مع تصاعد أزمة الصراع بين دول تحالف أوبك بلس، والدول الكبيرة المستهلكة للبترول، مع الضغوط الامريكية، لرفع الإنتاج العالمي.
ومن جانبه، قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقا، إن تراجع أسعار النفط قد تكون بسبب الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية، على منظمة أوبك بلس مشيرًا إلى أن استخدام الاقتصادات الكبرى لاحتياطي النفط هي خطوة تأخرت كثيرًا.
وأكد لـ القاهرة 24 أنه لم يحدث من قبل أي احتكار للوقود، مؤكدًا على أن الممارسات الاحتكارية لا تدوم كثيرًا أن لا يمكن الجزم بأن دول أوبك قد التزمت بالاتفاق، حول خفض الإنتاج، حيث أنه من الممكن أن تكون بعض الدول قد سربت كميات من النفط في الخفاء.
وأشار إلى أن السياسات الاحتكارية لدول أوبك جعلت العالم يبحث عن بدائل، وهو ما تسبب في ارتفاع سعر الغاز الطبيعي، والاتجاه لاستخدامه في كثير من القطاعات، أن استخدام الدول لاحتياطي النفط هي خطوة تأخرت كثيرة، حيث أن الممارسات الاحتكارية لا تدوم، وأوضح أن الضغوط التي تمارسها الدول الكبرى تساهم في خفض الأسعار.
وتابع أن أوبك تعمل على رفع سقف الإنتاج، وهو ما قد يعني احتمالية تراجعها عن الاتفاق بخفض سقف إنتاج النفط.
وتتصاعد حدة الصراع حول النفط بين دول تحالف أوبك بلس، والدول الكبيرة المستهلكة للنفط، حول زيادة سقف الإنتاج. حيث تتمسك دول أوبك بخفض سقف الإنتاج،مع الالتزام برفع سقف الإنتاج بحذر، حتى لا يغرق السوق بالإمدادات، وذلك عقب هبوطه لأدنى مستوياته في عام 2020، جراء أزمة كورونا.
إلا أن أسعار النفط تتراجع بشكل تدريجي لأدنى مستوياتها منذ 9 أسابيع، وسط احتمالية إطلاق احتياطات النفط الخام من قبل الاقتصادات الكبرى لتهدئة الأسعار.
هبوط أسعار النفط لأدنى مستوياته
هوى سعر برميل النفط إلى تحت الصفر، في عام 2020 للمرّة الأولى في التاريخ، وذلك نتيجة الاقفال العالمي بسبب جائحة فيروس كورونا.
هبوط الأسعار إلى ما دون الصفر يعني أن الدول المصدرة للنفط تدفع للمشترين لكي يخلصوهم من براميل النفط المتراكمة.
بسبب إغلاق الدول نتيجة ازمة كورونا، أصبح هناك فائض في الإنتاج، مع استمرار الدول المنتجة بضخ كميات كبيرة من النفط في السوق، ومع تراجع الطلب على النفط بسبب توقف حركة الملاحة والصناعة والنقل، لم يتمكن منتجو النفط من البيع، وغير قادرين على تحمل براميل النفط المتراكمة، لأن أماكن التخزين قد امتلأت.
وهو ما جعل دول أوبك بلس وعددها 23 دولة، تتوصل إلى اتفاق على خفض إنتاج النفط على ثلاث مراحل، على أن تكون المرحلة الأولى 9.7 مليون برميل يوميا بدءًا من مايو 2020، ثم 7.7 مليون في النصف الثاني من نفس العام، وتصبح بعدها 5.8 مليون حتى نهاية أبريل 2022. والذي يعد الخفض الأكبر في التاريخ. وفيما يتعلق بروسيا والسعودية، تم الاتفاق على انتاج 11 مليون برميل يوميًا، ولكن لن يزيد سعر برميل النفط ما لم يزيد الطلب، وهو ما لن يحدث حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، وتلغي الدول إغلاقها.
اتفاق أوبك بلس
التزمت دول أوبك بلس بالاتفاق لأول مرة منذ تأسيسها، ومع بداية عودة العالم للحياة لشكلها الطبيعي وعودة الصناعة بشكل تدريجي، زاد الطلب على النفط، وهو ما جعل سعره يقفز لأعلى مستوياته، حتى قفزت أسعار النفط نحو 60% أي 80 دولارا للبرميل الواحد منذ بداية 2021، وهي أعلى زيادة لها منذ 7 سنوات، وسط توقع الخبراء أن أسعار النفط قد تصل إلى 100 دولار للبرميل الواحد.
وساهمت هذه الزيادة الكبيرة في أسعار النفط في موجة تضخمية كبيرة في أنحاء العالم، حتى أنها تسببت في حدوث أعلى معدل تضخم في أمريكا منذ 30 عاما، وهو ما تسبب في ذعر العديد من الدول، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي جو بايدن يطالب دول أوبك بلس برفع سقف الإنتاج تحسبًا لأن يسهم خفض الإنتاج في زيادة معدل التضخم.
وهو ما قابلته دول أوبك بالرفض، مؤكدة التزامها بالاتفاق، وعدم رضوخها الضغوط الأمريكية لضخ النفط بشكل أسرع، حيث يقوم التحالف بزيادة الإنتاج اليومي بمقدار 400 ألف برميل شهريا.
استخدام احتياطي النفط
وبعد رفض دول أوبك زيادة سقف الإنتاج، طلبت الإدارة الأمريكية من الدول الكبيرة المستهلكة للنفط، والتي تتضمن الصين والهند واليابان، دراسة استخدام احتياطاتها من الخام في محاولة لخفض الأسعار وتحفيز الاقتصاد والضغط على منظمة أوبك.
وعقب أيام من دعوة الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت الصين اعتزامها بيع جزء من احتياطي النفط الاستراتيجي لها للمشاركة في صفقة بيع مشتركة، وذلك بعد إجراء قمة افتراضية هذا بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس الصيني شي جين بينج، تم خلالها مناقشة مزايا استخدام بعض الاحتياطيات الاستراتيجية من النفط.
وقالت تقارير إعلامية، أن مسئولين في الحكومة اليابانية أوضحوا أن اليابان تدرس استخدام احتياطي النفط للحد من ارتفاع الأسعار، استجابة لطلب أمريكا.
وفي حالة قيام اليابان بهذه الخطوة فإنها ستكون هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها اليابان عن احتياطي النفط الخاص بها من أجل خفض الأسعار، لكنها سبق وفعلت ذلك لمواجهة الكوارث الطبيعية والمخاطر الجيوسياسية.