إيليا أبو ماضي فيلسوف المهجر المتشائم.. كيف وصفه طه حسين؟
إيليا أبو ماضي، الشاعر اللبناني الكبير، أحد أهم شعراء مدرسة المهجر، الملقب بأمير شعراء المهجر، والذي رحل عن عالمنا في 23 نوفمبر من العام 1957، تاركا خلفه إرثا كبيرا من الشعر الفلسفي العميق الذي تميز به إيليا دون غيره.
ولد أبو ماضي في أواخر القرن التاسع عشر بلبنان، وهاجر إلى مصر في صباه، حيث عمل في بيع السجائر، في مدينة الإسكندرية، وخلال عمله كبائع سجائر، صدر ديوانه الأول، ثم هاجر إلى أمريكا الشمالية، وهناك نضج شعر إيليا أكثر، حتى صار أحد أهم شعراء العرب في العصر الحديث.
أصدر خلال تواجده بأمريكا الشمالية أهم أعماله الشعرية، ومنهم دواوينه الجداول والخمائل، وبعد وفاته صدر ديوانه تبر وتراب، ومجموع ما كتبه إيليا أبو ماضي خلال حياته هو 5 دواوين شعرية.
جاءت أشعار إيليا خليط من التشاؤم والتفاؤل، والتساؤلات الحائرة العميقة، نراه يصف العالم تارة بخير، وتارة بشر، مثلما وصف الناس بأنهم لا أمان لهم في قصيدته التي يقول فيها «ألا لا يغرّك تهليهم … وقولتهم لك يا مرحبا
فقد لبّسوك لكي يخلعوك … كما تخلع القدم الجوربا
و لوعون بالغدر من طبعهم … فمن لم يكن غادرا جرّبا».
وفي قصيدته البلبل السجين، تضح فلسفته المليئة بالتشاؤم، والقلق، والتعقيد، حيث اتهم الإنسان بأنه شر العالم، وأنه أكثر من الوحوش في شرها، وينبغي تجنب الإنسان في كل أحواله، يقول «والمرء وحش فإن ترقى.. أصبح شرًا من الوحوش» كما رأى بأن للإنسان أنياب، لكنها من حديد، يقول «إن كان للوحوش من نيوب.. فالناس أنيابهم حديدُ» ويرى بأن المدافع عن وطنه يكون جزاءه الموت، وأن الدنيا تمجد أصحاب الشرور، ويقول «عجبت للقاتل المدافع.. جزاؤه الموت لا محالة لكنما سافكو الدماء.. يوم الوغى قادة قروم».
طه حسين ونقده للغة إيليا أبو ماضي
لم تكن فلسفة إيليا أبو ماضي في شعره متشائمة بشكل دائم ومستمر، بل عبر عن التشاؤم والتفاؤل أيضا، وكل شعور منهما أخذ من حياته فترة معينة.
لاقى شعر إيليا أبو ماضي احتفاء كبير من النقاد، كما لاقى أيضا نقدا لاذع في بعض الأحيان، مثل نقد الدكتور طه حسين الذي قال فيه بأن لغة إيليا أبو ماضي تقارب الرداءة في بعض الأحيان، لكنه رغم ذلك رأى بأنه نافذ البصيرة، وذكي القلب، لكن كانت تنقصه لغة تساعده أكثر على تصوير مشاعره، ويقول طه حسين بأنه لعل الشاعر حاول أن يصحح هذا الخلل في لغته فلم يستطع.