من فسلطين إلى السودان.. الفيتوري يعبِّر عن هويته العربية في شعره
الشاعر محمد الفيتوري، شاعر العروبة الذي مثلت أشعاره الكثير من الدول العربية، مثل مصر، والسودان، والعراق وفلسطين، الثائر من أجل الحق والهوية العربية أبدًا، المولود في مثل هذا اليوم عام 1936.
ولد الفيتوري في السودان ونشأ بالإسكندرية، وتعلم في الأزهر الشريف، وعُيِّن محررًا بالصحف السودانية والمصرية، ومستشارًا للإعلام بجامعة الدول العربية.
كيف أثرت نشأته العربية في شعره؟
عاش الشاعر محمد الفيتوري حياةً مليئة بالعلم والثقافة، هذا غير انتمائه الشديد لهويته العربية وثقافته الإفريقية، الأمر الذي أثّر على شعره، وأكسبه القوة والجمال، واعتبر جزءًا من الحركة الأدبية العربية المعاصرة، ويركز شعره على الجوانب التأملية.
تزامنًا مع احتفال محرك البحث جوجل اليوم بالذكرى الـ85 لميلاده، يعرض القاهرة 24 أهم القصائد العربية التي تناول فيها الشاعر الأقطار العربية وأزماتها ومميزاتها.
شرفة التاريخ.. الفيتوري يُنصِّب السودان عروسًا
كتب الفيتوري عن السودان ووصفها بـ الشرفة التي تطل على التاريخ، وعبر عن عشقه الأبدي لها في قصيدته المسماة بـ عرس السودان، والتي يقول فيها:
في زمن الغربة والارتحال
تأخذني منك وتعدو الظلال
وأنت عشقي
حيث لا عشق يا سودان
إلاّ النسور الجبال
يا شرفة التاريخ
يا راية منسوجةً
من شموخ النساء
وكبرياء الرجال
لمن تُرى أعزف أغنيّتي
ساعة لا مقياس إلاّ الكمال
إن لم تكن أنت الجمال
الذي يملأ كأسي فيفيض الجمال
فدًا لعينيك الدماء
التي خطّت على الأرض
سطور النضال
داست على جلاّدها
وهي في سجونه
واستشهدت بجلال
فدًا لعيني طفلة
غازلت دموعها
حديقةً في الخيال
شمسك في راحتها
خصلة طريّة
من زهر البرتقال
والنيل ثوبٌ أخضرٌ
ربّما عاكسه الخصر
قليلًاَ فمال
كان اسمها أم درمان
كان اسمها الثورة
كان العرس عرس الشمال
كان جنوبيًّا هواها
وكانت ساعة النصر
اكتمال الهلال
فدًا لك العمر
ولو لا الأسى
لقلت تفديك
الليالي الطوال
فدًا لك العمر
يأتي العاشقون إليك.. رائعة الفيتوري عن بغداد
و كتب الفيتوري أيضًا عن بغداد، البلد الذي احتل مكانة مهمة ورفيعة في قلبه، وما كان منه إلا أن كتب عن بغداد بكل شعوره وإنسانيته قائلًا:
أرأيت يا بغداد
يأتي العاشقون إليك
مثقلة حقائبهم بماء البحر..
والصدف الشتائي القديم..
وزنبق الأمطار
يأتي البحر ذو الرايات
فوق خيوله الزرقاء
مسبوقا بأجنحة مباغتة من الأنوار
تأتي الشمس حاملة كؤوس رحيقها الأزلي
ليل نهار
يأتي الشعر والشعراء
في زمن انشطار الضوء، يأتي الشعر والشعراء
شاخصة نواظرهم، إلى بغداد
كعبتنا التي سجدت على عتباتها
شمس المجوس
سلمت يا ياقوتة المنصور
لكن المجوس الآخرين هناك
في تلمودهم يتقلبون
يلونون جلودهم فوق الرمال
ويقضمون أصابع الأطفال والموتى
و يرتجفون مقرورين لاسمك
هل علمت؟
هناك تحت سقوفهم، وبطون دباباتهم
يتعبدون خرائب الماضي
وترتجفون مقرورين لاسمك
أنت يا بغداد
يا بغداد..
وأكاد لولا وجه بغداد العظيم
متوجا بالنصر
أسقط في الذهول
وأكاد أوقن أن شمسا فوق هذي الأرض
أدركها الأفول
وأكاد أحفر فوق جدران الخرائب والطلول
لم يتركوا لك ما تقول
لم يتركوا لك ما تقول
شوارع القدس الإلهية.. قصيدة الفيتوري عن فلسطين
عزز شعر محمد الفيتوري من مكانة فلسطين في نفوس العرب، على رغم كثرة القصائد التي كُتبت عن فلسطين، إلا أن هذه القصيدة لها وقع خاص في الشعر العربي والقضية الفلسطينية، ويقول فيها:
مَن ذلك المشدود للحائط
مثل قلعة مسلحة؟
عيناه صخرتان في ساحلك العظيم
تصارعان الموج والرياح من قديم
يداه حارسان من رابية لرابية
نظرته فوق رؤوس قاتليه
ضحكة مدوية
شموخه جيش كثير الألوية
من ذلك المشدود للحائط
مثل قلعة مسلحة؟
تقاوم الغزاة في إصرار
حتى إذا ضاق بها الحصار
وضرج الأفق دخان المذبحة
قاتلت القلعة من دار لدار
شوارع القدس الإلهية
تصفر في أرجائها الريح الرمادية
وعطر راشيل اليهودية
وتستحم الأرض بالدماء
حيث مشى الأنبياء
خدت إيه مصر في وجودك؟ شعر الفيتوري عن مصر
كتب الشاعر عن مصر، القطر الذي عاش فيه وارتوى من نبع نيله، حيث عبر عن استيائه من وجود الاستعمار وتمنيه رحيله بقصيدة رائعة منها:
خدت إيه مصر في وجودك
يا فاتح للعدو حدودك
دا مصر عمرها كبيرة
يا نطفة قذرة وحقيرة
يا قاتل عمرو وأميره
ظلمت كتير
يا فاجر إحنا كارهينك
يا بايع ملتك ودينك
وكل الدنيا بتهينك
ياما إنت حقير
ما تقول إيه العبارة
يا ندل وديل
مصر كبيرة يا معلم
لكل عدانا بتسلم
وقولى إزاى هتتكلم
ما دمت عميل
مسيرنا نهد دستورك
ونخلص من زمن جورك
ونهد سورك وقصورك
وتجينا قتيل.
