في ذكرى معاهدة غرناطة.. تاريخ المدينة العريقة من الازدهار إلى الانهيار
نشهد اليوم الخميس ذكرى توقيع معاهدة غرناطة التاريخية، والتي بمقتضاها تم تسليم آخر معاقل المسلمين بالأندلس، والتي توافق الـ 25 نوفمبر من العام 1491.
واستمر حكم المسلمين للأندلس لمدة 8 قرون متواصلة، تحقق خلالهم الكثير من المعارف والتقدم الحضاري والعلمي، وأيضا حدثت الكثير من الصراعات والنزاعات بين الأندلسيين، وبين الأعداء الخارجيين، وبين الأندلسيين وبعضهم البعض، بسبب أطماع الكثيرين منهم، في فرض سيطرته على أكبر جزء ممكن.
وتعد غرناطة من أهم معاقل المسلمين في الأندلس، والتي قال عنها الشقندي، إنها دمشق الأندلس، ومسرح الأبصار، ومطمع النفس، وتعد البداية الحقيقة لقيام غرناطة فترة حكم بني الأحمر.
ونشأت دولة بني الأحمر في غرناطة على يد محمد بن يوسف بن نصر، ولقبه ابن الأحمر، والذي سارع بالاستيلاء والسيطرة على حكم غرناطة بعد وفاة ابن هود، وواجه ابن الأحمر العديد من الهجمات التي وجهها إليه ملوك النصارى، لزعزعة استقرار دولته، وقام فرديناند الثالث ملك قشتالة، بمهاجمة وحصار غرناطة عام 1244 ونجح في السيطرة على حصن أراجون، لكن ابن الأحمر استطاع إلحاق الهزيمة الكبيرة به بعد ذلك، كما تحققت العديد من الإنجازات في فترة حكم بني الأحمر في مختلف المجالات، منها المدارس والقصور، وأشهرها بالطبع قصر الحمراء.
فترات الضعف والانهيار
حكم غرناطة بعد بني الأحمر العديد من الملوك الضعاف، وأبرزهم أبو الحسن الزغل، الذي رفض دفع الجزية لفرديناند، ورد على النصارى بهجوم مباغت، واستولى على إثره فرديناند، على حصن الحمة، ووضع قواته بالقرب من غرناطة ليصبح التهديد أكثر قربا من غرناطة.
كان آخر ملوك غرناطة، أبو عبد الله محمد الثاني عشر، والذي واجه ملوك النصارى في مناسبات عديدة، وألحق بهم هزائم كبيرة، لكن في إحدى تلك المعارك هزمت قواته، وتم قتل الكثير من جنوده وأسر العديد من قواده وهو منهم.
وظل أبو عبد الله في أسر ملك قشتالة فترة طويلة، واستغل الاضطرابات التي حدثت في غرناطة بعد أثر الملك، وسيطر على العديد من الأماكن الهامة، واستولت قواته على العديد من الحصون والقلاع الهامة، ولم يطلق سراحه إلا بعد أن وقع على معاهدة، يخضع بمقتضاها إلى ملك قشتالة.
وفي عام 1491، هاجم ملك قشتالة غرناطة، التي دافعت عن نفسها بشكل كبير، حتى أنهكها الحصار واشتد على أهلها الجوع، والعطش، فاضطرت إلى التسليم، ليدخل جيش القشتاليين في يناير 1492، وغادر أبو عبد الله قصره، وقدم مفاتيح الحمراء لفرديناند، وبكى بكاء مريرا كما تقول الرواية الشهيرة.