4 سنوات اكتئاب وانقطاع عن الامتحان.. تفاصيل انتحار طالب بكلية الهندسة حزنًا على والده
لم يتحمل أحمد الشاب اليافع الذي بالكاد أتم ربيعه الأول بعد العشرين، حياته بعد رحيل والده منذ أربع سنوات عاشها الفتى في حزنٍ واكتئاب دفعه إلى التخلي عن حضور امتحانات كليته لعامين متتاليين، قبل أن يحسم أمره بعدما بلغ الحزن منه مبلغًا ليُقرر بين طرفة عينٍ وانتباهها أن يختار الموت ويُفضله عن الحياة للخلاص مما يُعانيه، فيما كان مشهد الختام مؤثرًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
على بُعد أمتار من وسط بندر مركز ومدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية، وبينما يعُم الصمت الأنحاء، فوجئ الجميع بجلبة كبيرة أحدثها ارتطام بالأرض كما لو كان أحد قد ألقى بشيء ثقيل من ارتفاع، لكن ما هيّ إلا لحظات والتف الجميع حول أحد المنازل المعروفة في المنطقة ليقف الكل عاجزًا عن النُطق أو الإشارة وهم يرون منظر الدماء تنسال من جسد الفتى الذي عاش بينهم سنوات في صمتٍ، لم يتسبب يومًا في إيذاء أحد، لكن ها هوَّ يؤذي نفسه أشد الإيذاء ويتخلص من حياته بالقفز من الطابق الرابع ليُدون اسمه في سجلات ضحايا الاكتئاب والحزن والموت بأيديهم.
دقائق قليلة فصلت بين سقوط الشاب أحمد عاطف بدوي، الطالب لكلية الهندسة جامعة الزقازيق، وبين حضور عربة الإسعاف يسبقها رجال مركز شرطة أبو كبير، ليتم نقل الجثمان إلى العربة ومن ثمَّ إلى مشرحة مستشفى أبو كبير المركزي، فيما بدأ رجال الأمن جهودهم لفحص الواقعة وبيان ملابساتها.
دلت التحريات عن وفاة والد الشاب قبل أربع سنوات، حين كان الفتى بالكاد قد أتم عامه السابع عشر في الحياة، لكن وفاة الوالد كان لها بالغ الأثر في نفس الفتى كونه كان على ارتباط وثيق وشديد بوالده المتوفى، لينتهي به المطاف وقد دخل في نوبة اكتئاب بدأت تتصاعد حدتها ووتيرتها يومًا بعد الآخر، ورُغم نجاح وتفوق الشاب على الصعيد العلمي إلا أن ما في النفس والقلب رفض الحياة كل الرفض في غياب الأب بعد رحيله.
نجح الفتى بتفوق في مرحلة الثانوية العامة، وبلغ مجموع درجاته نسبة تفوقٍ مرتفعة وضعته في الصفوف الأولى بين طلاب كلية المهندس جامعة الزقازيق، لكن الاكتئاب كان في تزايد طردي مع التفوق، وساء حال الشاب لـ يتخلف ويمتنع عن امتحانات الكلية لعامين متتاليين، قبل أن يُفاجأ به الجميع وقد أنهى حياته بيده وقفز من أعلى البناية التي يصل ارتفاعها لربعة طوابق، بعدما عاش فيها وحيدًا في عالم حُبست نفسه داخله بدافع الاكتئاب.
انتقلت جهات التحقيق إلى المنطقة الكائنة ببندر مركز أبو كبير، قبل أن تُصرح بدفن الجثمان عقب الانتهاء من الصفة التشريحية، ويوارى الشاب الثُرى بجوار من فقده وافتقده وعاش تعيسًا بعد رحيله.