هُنا التاريخ وتُراث الأجداد.. معايشة لمعرفة أصل صناعة الفخار بالفيوم | صور

شعلة ياقوت زي الخدود وقت الخجل، بتقول يا نايم قوم بدأ وقت العمل، دي الدنيا خيرها وعزها للشقيانين يسعد صباحكم كلكم يا شغالين، يا مشمرين عن السواعد كلها.. هذه الكلمات الشهيرة من أغنية طلع الصباح لـ الشيخ إمام، قد تصف رجال الفخار بقرية النزلة التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم وهم يؤدون عملهم من مطلع شروق الشمس حتى الغروب.

هؤلاء الرجال يستيقظون في الصباح الباكر كل يوم، يذهبون إلى ورشهم حاملين آمالا جديدة، يعملون في صمت، ليبدعوا في صناعة الفخار، من أهم طقوسهم الشاي على الكانون، يتناولون الشاي ويبدؤون عملهم، منهم من يُدندن أغاني زمان أثناء عمله، ومنهم من يعمل على صوت الست كوكب الشرق.

بمجرّد دخولك إلى القرية، تُلاحظ نشاطا من الجميع، يجهزون أدوات عمل الشاي على الكانون من منتجات الفخار، يشعلون النار داخل الأواني الفخارية، بواسطة قوالح الذرة الناشفة، ليتناولوا الشاي على الكانون أسفل الشجرة، تطل عليهم شمس الشتاء الدافئة، منظر مُبهج للطبيعة الخلابة يأخذك بعيدًا جدا داخل أجواء القرية.

هذه القرية، شهدت العديد من تصوير الأعمال الفنية السينمائية، أشهرها البوسطجي، ودعاء الكروان، زارتها سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وزهرة العلا، وأمينة رزق وأحمد مظهر، وغيرهم من الفنانين.

عدسة القاهرة 24.. تجولت في قرية النزلة والتي تعد من أقدم قرى المحافظة، لرصد صناعة الفخار وطقوس الفخارين:

في بداية دخولك القرية، تجد وادي النزلة الشهير، والذي يخطف نظرك من شدة جماله، ثم تجد منطقة الفخارين الأشهر بالقرية، منطقة فريدة من نوعها على مستوى العالم، بها أكواخ مبنية من فخار القرية، داخلها صور معلقة على الجدران تحوي تصوير الأعمال الفنية السينمائية داخل القرية، يجلس بجانبها الفخارون، ومن داخل الأكواخ تُشاهد منظرا خلابا للطبيعة.

في ورشة هادئة، يجلس ناصر السيد، 53 عامًا، ابن قرية النزلة التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، ورث مهنة الفخار عن والده، ويعمل بها مُنذ 10 سنوات، ورشته متواضعة، يُبدع في تصميمه في صمت، يُحدق عيناه جيدًا فيما يصنعه، يصنع المنقد، من الفخار للتدفئة من صقيع الشتاء.

في حديثه لـ القاهرة 24، قال: أبدأ العمل في الفخار يوميا مُنذ الثامنة صباحًا حتى غروب الشمس، ورشتي متواضعة، ومُعرشة بالعفش، ومع دخول الشتاء تتساقط الأمطار عليّ وعلى ما أصنعه، دخل الحرفة اختلف عن الأول وأصبحت غير مجازية ولا تؤتي ثمارها: لو كانت مجازية كنت عرشت سقف الورشة بالأخشاب.

على هذا النهج، التقينا عم حُسني والشهير بـ حُسني الكبير بالقرية، والذي له تاريخ طويل في مهنة الفخار، يقول: شغال في الفخار من 40 سنة، ورثتها عن أجدادي، فورثتها عن والدي، ووالدي ورثها عن والده.

وأضاف عم حُسني، مهنة الفخار من تاريخ قرية النّزلة، وتعتبر أقدم حرفة على مستوى الجمهورية والعالم.

وتابع عم حُسني، نحتاج لتعريشة لأسقف الورش، في الشتاء المطر يغرقنا، وفي الصيف حرارة الشمس تُضايقنا، كما ينقص المهنة ماكينة طحن النشارة، إذا توفرت هذه الماكينة ستوفر علينا الوقت والجهد، في سرعة العمل، فهي تساعد على طحن مخلفات الأخشاب.