قصواء الخلالي تكشف أسرار ظهور المخرج القدير داوود عبد السيد في برنامجها
كشفت الإعلامية قصواء الخلالي، كواليس لقاء المخرج الكبير داوود عبد السيد، والذى أثار ضجة كبيرة في الأوساط الفنية والعاملين في المجال الفني بسبب تصريح المبدع الكبير حول اعتزاله الإخراج نهائيا دون رجعة، وكذلك تناول الصحف العالمية والعربية نبأ الاعتزال وسط رفض العديد من الفنانين والنقاد للقرار.
ونشرت قصواء الخلالي، عبر صفحتها على الفيس بوك، قائلة: إن المبدع العظيم الذي اختار أن يتحدث معي وفى برنامجي، بعد أن آثر التزام الصمت لسنوات طوال رافضًا الظهور في أضخم البرامج التلفزيونية تكلفةً وإنفاقًا، رافضًا أن يتلقى أكبر المبالغ المالية مقابل ظهوره الإعلامي، رافضًا حتى المداخلات الهاتفية أو الحوارات الصحفية المكبرة، رغم تلقيه عروضًا بمبالغ ضخمة على مدار السنوات الماضية، والجميع يعلم هذا تمامًا.
وسائل إعلام عالمية وعربية ترصد خبر اعتزال داوود عبد السيد في المساء مع قصواء | صور
وتابعت قصواء الخلالي: لم يكترث هذا الفنان العظيم للمغريات، ولم يتبع شهوة المال أو الاستعراض الصاخب أو الضجيج الأجوف؛ كعادته إبداعًا وسلوكًا، وحين تواصلنا معه منذ سنوات دون سابق معرفة شخصية وطلبت ظهوره أكثر من مرة كان يقول: إنه لن يظهر إلا في برنامج يحمل فكرًا ورؤيةً.. وبعد فترة أكد لنا أن اختياره في هذا سيكون برنامجي، معللًا هذا بأنه سيكون إيمانًا منه بأهمية المعول الثقافي والفكري الذي أتشبث به منذ سنوات، وتقديرًا منه لما أبذله من مجهود في البحث والانتقاء والتدقيق بصفتي رئيسة تحرير البرنامج ومذيعته، وأنني أتحدث من خلاصة أفكاري وقراءاتي دون إملاء، وكان الأستاذ يتابع الحلقات جيدًا، ويُعلِق لنا عليها أحيانًا، وحين نُذَكّره برغبتنا في استضافته، إلا أن «داوود عبدالسيد» كما كان مبدعًا زاهدًا مترفعًا في فنه؛ ينتظر لسنوات حتى يقدم ما يؤمن به فقط، فقد آثر أن يختتم مسيرته الفنية بإعلانه اعتزاله نهائيًا وهو على حاله الدائم من الترفع وتقدير القيمة، مُؤْثِرًا أن يخرج بحديثه وأفكاره وإعلانه بعد صمت طويل في «توك شو ثقافى» متحدثًا فيه عما يشاء، ساردًا ما يريد، معلنًا اعتزاله ببساطة بعد سؤالى في الختام، وحوار فكرى فنى فلسفى مطول على مدار حلقتين اقتربت مدة إذاعة الحلقة الواحدة من ساعتين من الحديث والمادة الموثِقة لفلسفته ورؤيته، ظل فيهما متحملًا طول الحديث وتنوع الموضوعات والإرهاق، وحتى حين سألته عن أمور يحب تسليط الضوء عليها عدا الاعتزال، قال:
داوود عبد السيد اختار الظهور مع قصواء الخلالي
وأكدت قصواء الخلالي: الملاحظة المهمة التي يجب تقديرها أيضًا أن المخرج القدير داوود عبد السيد، اختار الظهور معي وهو يعلم تمامًا أن هذا البرنامج بحكم طبيعته الإنتاجية والفكرية لا يندرج تحت بند البرامج الترفيهية والخفيفة الجاذبة للإعلانات التجارية، فهو برنامج توثيقي تثقيفي تنموي، لا يتبع سياسات إعلانية، وإنما يدخل ضمن بوتقةٍ مدعومةٍ كبيرةٍ متنوعة، حفاظًا على الأمن القومي الثقافي والفكري، وبالتالي لا يقدم مقابلًا ماليًا، مثل فئات برامجية أخرى يدركها العاملون في حقل الإعلام، وكان هذا قناعتي الراسخة أيضًا ضمانًا لجودة المنتج.
وأكملت قصواء الخلالي: حين حدثنا الأستاذ في هذا؛ لم يكترث، معلقًا أن تاريخه ليس للبيع، وأنه يوافق على الظهور ويرغب في إعلان اعتزاله في برنامجي، لأنه تابع ودرس الأمر جيدًا ويرى أن هذا هو المنبر الإعلامي والفكري الذي يناسبه لإعلان ختامه لمسيرته الفنية العظيمة، ويتسق مع تنوع وجدية اهتماماته الإنسانية والفكرية والثقافية، وبالتالي سيكون المنبر المناسب لإعلان اعتزاله رسميًا دون أي اعتبارات أخرى، ورغم أن هذا الخبر يُقدّر بملايين الجنيهات إعلاميًا وتسويقيًا وهو أستاذ الأساتذة، ويعلم هذا الأمر جيدًا، وكان من الممكن أن يبيع خبر اعتزاله لمن يدفع سعرًا أعلى من البرامج الإعلانية أو غيرها من الممولين خارج مصر وداخلها، وهذا أمر منتشر مؤخرًا، ثم يحضر بعدها لبرنامجي ضيفًا كريمًا بعد ذلك ليجري الحوار الفكري الذي يلائمه بعد أن يكون حصل على مقابل مجزٍ.
وأضافت قصواء الخلالي: أن المخرج قال أنا أتابعك جيدًا مع ضيوفك من مفكرين ومثقفين، وأثق في إدارتك للحوار، بل أصر هذا العظيم على أن يعلن في ختام الحلقة عن تقديره لمجهودي، وأنه تشرّف بالحضور إلى برنامج والحوار معي، في شهادة لي من صانع فنى قدير ليس له مثيل في السينما المصرية والعربية، وجب لي أن أفخر بها وأسعد بتأطيرها بعد أن أوفى بعهده للإنسانية كلها، وليس لي فقط، وكان رمزًا عظيمًا لسينما المؤلف وإبداعها المتماسك، لقد انتصر داوود عبد السيد للقيمة، وانتصر للفكر وانتصر للثقافة بإنسانية لا تقارن، وانتصر لمجهودات إعلامية شابة تقاتل لسنوات في سوق كبيرة محلية وعربية، محملةً بمحتوى تلفزيوني من أصعب ما يمكن أن يُقدّم وأن يُتَلّقى، وسط جمهور كثيرًا ما يتعرض لمفسدات الذائقة والذوق، ولكنّ نسبةً كبيرةً من هذا الجمهور يُصرّون على أن يشاهدوا برامج ووسائط تقدم وعيًا، وأن يتابعوا برنامجًا ثقافيًا، فلسفيًا، وفكريًا.
التصوير داخل منزل داوود عبد السيد
وأشارت قصواء الخلالي: أن المخرج سمح لنا للمرة الأولى في تاريخه بأن نرسل الكاميرا تتطفل على استحياء إلى منزله، وأن نلتقط صورًا من أدراجه ونفحص قراءاته، ونتحدث عنه مع زوجته الذكية المهذبة الواعية الأستاذة كريمة كمال، والتي ظهرت وكأنها حبيبة وبهجة وصديقة داوود عبد السيد، متحدثةً عنه بفخر وتقديرٍ وحُبٍ ينبع من وعى وثقة.. بل حين سألناه عن مواد مصورة خاصة لإضافتها إلى توثيق مسيرته في الحلقتين، ساعدنا متواضعًا مهذبًا بكل مودة، وحتى وقت الإذاعة التلفزيونية تواصل معنا؛ ممتنًا ومحبًا ومعلنًا ارتياحًا وسعادة لتقديم أعماله وآرائه معنا كما يحب أن تظهر، لقد حضر داوود إلى مدينة الإنتاج الإعلامي للتصوير في استوديو البرنامج، رغم حالته الصحية غير المريحة، التي تحدث عنها في تصريحات بعد ذلك، وحضر رغم سنوات عمره التي تجاوزت خمسة وسبعين، وتحمّل الجلوس على مقعد طوال ساعات التصوير، وبرودة استوديو البرنامج دون أي امتعاض، بل بأحاديث وضحكات وابتسامات ودودة في الفواصل والاستراحات، ولم يطلب أي شيء، عدا كوب من مشروب ساخن يتجاوز به هذا الطقس المزعج؛ كنا نحن من أصر على تقديمه بعد أن رفض كل شيء آخر وفى الختام، وبعد إصرار شديد منى، وافق في خجل عظيم على أن نقوم جميعًا بإيصاله إلى باب القناة، وودعنا مبتسمًا، مبتسمًا.. ومنتصرًا، منتصرًا لنا ومنتصرًا بنا.
ما وراء لقاء داوود عبد السيد
وتابعت قصواء الخلالي: لقد جمعني برنامجي على مدار السنوات الماضية، بأعظم القامات العلمية والفكرية والفلسفية والفنية، وكنت كثيرًا ما أكتب عنهم اعتزازًا وتقديرًا وفخرًا، ولكن هذا الحوار وبعد تصدره وسائل الإعلام الإقليمية وتناقله في العالمية أيضًا، وتتويجه لترشيحات الأفضل إعلاميًا لعام 2021، كل هذه الأيام يستحق منى أن أفتخر، وأن أقول لداوود عبد السيد؛ الذي كان للفن عِمادًا، والذى لم يُبدع مِثلَه في البلاد شكرًا، لأنك منحتنا وعلمتنا وأمتعتنا صغارًا، وأضفت لنا من مقامك الرفيع وقدرك العظيم كبارًا، بل سمحت لي استثنائيا أن أكون في صميم حضرتك جهارًا، لقد أخبرتك أنني سأكتب عن ما وراء اللقاء، بعد أن ينتهى الضجيج حول ظهورك، والملاحقات الاستقصائية الاستعمالية لحوارك، ولكن صدى فلسفتك وأفكارك وإبداعك لن يصمت أبدًا، لأنه كان أعمق من الصمت، وأذكى من الإفصاح، لذا وجب الآن بعض من البوح المكتوب بصدق مشاعري، وتقدير قلمي، وخالص محبتي، والذى تستحقه مكانتك بأعمال مثلت نمطًا عبقريًا من الفواصل الإبداعية الارتقائية في السينما المصرية، في أوقات متنوعة الدقة والحدة.
واختتمت قصواء الخلالي: شكرًا داوود عبد السيد بعيدًا عن كل تنظير أو امتطاء للحدث، أو اصطياد في رواسبه، أو عدم وعى حقيقي بأهميتك أو أهميته، أو إجحاف بحقك، أو تسطيح لعمق وأبعاد رؤيتك.. فهذا كله لا ولم يمثل قطرة في محيط، ويكفى أنك حين قررت أن تتحدث بعد سنوات من الصمت، كان ظهورك الصادق مؤثرًا على كل ذي وعى، شكرًا لأنك كنت معنا هناك في ذاكرتنا، وكنت معنا هنا في واقعنا، وستبقى رسائلك من قوة صدقها وبساطتها عميقةً على من لا يدرك، غامضةً على من لا يعي أن الإنسانية هي الأبقى، وهى الأشرف ولقد غلبني قلمي إسهابًا ومحبةً وفخرًا بلقاء مختلف مع مبدع فريد، ولكن مهما كتبنا فلن نمنحه نزرًا مما تستحق قيمته، وأتمنى أن أكون قد قدمت بين سطوري ما يتبينه الفطن.