بين السنة والشيعة والأكراد.. التحالفات السياسية في العراق تحدد شكل الحكومة الجديدة
تتجه الأنظار نحو العاصمة العراقية بغداد، لمتابعة أولى جلسات البرلمان العراقي، وما قد ينتج عن أول جلسة، بعد فترة استثنائية لم يتوقف فيها الشارع العراقي عن الاحتجاجات الرافضة لنتائج تلك الانتخابات، وما أعقبه من انقسامات سياسية وحزبية بين مكونات الشارع العراقي.
جلسة الأحد، ربما تكون أهم جلسات البرلمان العراقي، والذي بموجبها ستتضح الرؤى والاتفاقيات السياسية حول الحكومة الجديدة، لتثار معها التساؤلات حول اسم رئيس الحكومة الجديدة، وهل سيتم الإبقاء على رئيس الوزراء الحالي المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي ودعمه بورقة الرئيس التوافقي، أم سيتفق نواب البرلمان حول اسم جديد؟.
عراقيون أكدوا في تصريحاتهم لـ القاهرة 24، أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، يقترب من الفوز بولاية ثانية، في ظل الخلافات الحزبية، وأيضا في ظل الاصطفافات الحالية حول اسمه من الجانب الآخر، ووصفه كونه أحد رجالات العراق التوافقيين، ممن لا ينتمون لأي من المكونات والأحزاب السياسية.
حكومة ذات أغلبية
الكاتب والمحلل السياسي العراقي، الدكتور عماد الدين الجبوري، قال لـ القاهرة 24 إنه على الرغم من أن مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي ومسعود البرزاني، بأن الجانبين السني والكردي يتفقان مع مقتدى الصدر بأن تكون الحكومة ليست توافقية، بل أغلبية، لكن مع وجود تجاذبات بين تلك الأحزاب، وبما أن الصورة كما هي منذ 19 عاما، لذلك على الأكثر لن يخرجوا بهذه الطريقة، وهي طريقة تجعل الحكومة وتشكيلها الجديد ذات أغلبية، رغم كونها من حيث المبدأ في صالح هذه الطبقة السياسية بشكل أكثر من السابق، ولكن لا ننسى النفوذ الإيراني، رغم أنه الكتلة المحسوبة على إيران وهي الإطار التنسيقي للقوة الشيعية الرافضة لنتائج الانتخابات.
وأوضح الجبوري، أن إيران بلا شك أوصلت تحذيراتها إلى مسعود البرزاني وإلى محمد الحلبوسي، بأن اتفاقهم من حيث المبدأ، لا يمس الأمن القومي الإيراني، لذلك فمن المتوقع في افتتاح الجلسة الأولى من البرلمان العراقي، أن تكون تقليدية، ولن تكون حاسمة، ولن تكون بالطريقة التي يراد لها، نعم هناك نحو 40 نائبا عراقيا مستقلا، لم يشتركوا مع الحوارات والنقاشات التي دارت قبل افتتاح البرلمان، لكن هل سيكون لهم تأثير؟.. هم قرروا أن يكونوا جهة محافظة تحت سقف البرلمان، حسب تصوري أن الجلسة الأولى للبرلمان ستكون تقليدية، سيترأسها الأكبر عمرا وهو النائب محمود المشهداني.
وتابع الدكتور عماد الدين الجبوري: على الرغم من وجود تحالفات جرت في الكتلة السنية ما بين خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي، وإبقاء الحلبوسي في رئاسة البرلمان، إلا أن مقتدى الصدر لا يزال يرفض هذا التجديد، فضلا على ذلك، أن الكتلة الكردستانية، حيث أن الاتحاد الكردستاني يريد مرشحا لن توافقه عليه الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة البرزاني، وبالتالي لا تزال هناك ضربات تحت الحزام، لم تصل إلى نقطة معينة.
وأشار السياسي العراقي إلى أن ما طلب داخل الغرف الخاصة والمغلقة، أن مقتدى الصدر يفضل التجديد إلى مصطفى الكاظمي، وهناك توافق مبدئي على إبقائه، سوى كانت من قبل الكتلة الكردية، أو الكتلة السنية، لكن هل ستظهر هذه النتيجة أم لا؟، في كل الأحوال لاتزال أرجوحة تشكيل الحكومة العراقية متجاذبة.
الكاظمي أقرب لنيل ولاية ثانية
الكاتب الصحفي الكردي، إسماعيل البدراوي، قال لـ القاهرة 24، إن رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي أقرب للاستمرار في منصبه ونيل ولاية ثانية لعدة أمور، أنه الوحيد الذي لم يعلن انتمائه لأي الأحزاب والمكونات السياسية، الأمر الآخر أن الرجل يضمن دعم كتلة الصدر والكتلة الكردية والسنية أيضا، لذلك فهو الأقرب في ظل عدم وجود أسماء يتفق عليها القوى السياسية.
وأوضح الجبوري أن التحالفات واضحة في العراق، وهو ما ظهر جليا بين التيار الصدري، وتحالف تقدم، والحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث اجتمعت هذه الأطراف خلال الأيام الماضية مرات عديدة، ويبدو أنهم اتفقوا على اسم رئيس الوزراء الجديد وحكومته، خصوصا مع ظهور خلافات حادة بين الأطراف، التي سترفض تقديم مرشح حزبي لرئاسة الحكومة.
مسار التحالفات
ووفق الوضع العراقي الحالي بالعراق، فيتجه مسار التحالفات داخل الكتل السياسية هناك، نحو معسكرين، الأول يضم التيار الصدري، وتحالف تقدم، والحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث اجتمعت هذه الأطراف خلال الأيام الماضية مرات عديدة، وتبادلت الزيارات، لينتهي المطاف بإعلان الصدر، بنشوء هذا التحالف.
وقال الصدر في تدوينة عبر تويتر قبل يوم: إن إرادة الشعب الحر فوق كل الضغوطات الخارجية، وإرادة الشعب هي حكومة أغلبية وطنية، وأن أي ضغوطات خارجية لن تثنينا عن ذلك، وأي تهديدات ستزيدنا تصميما وتقدما وعزما، نحو ديمقراطية عراقية أصيلة حرة ونزيهة.
وبذكر الصدر، لتلك الكتل، العزم وتقدم، وتصميم، والديمقراطي الكردستاني، فإن هذا التحالف يضم أكثر من 163 نائبا، ما يعني إمكانية تمرير الحكومة، دون الحاجة إلى الكتل الأخرى.
شخصية تابعة للصدر لتشكيل الحكومة
ووفق تقارير عراقية، فقد يرغب الصدر، بترشيح شخصية من أتباعه لرئاسة الحكومة المقبلة، لكنه قد لا يتمكن من ذلك، بسبب رفض الكتل المقرّبة من إيران، وهو ما يدفعه إلى تقديم مرشح مقبول من جميع الأطراف، على أن يكون متوافقا معه في الرؤية.
والتقى الكاظمي بالصدر، قبل أيام، في محل إقامته بمنطقة الحنّانة بمحافظة النجف، حيث مُنع الصحفيون من تغطية لقاء الطرفين، الذي دام أكثر من ساعة، وأثار التكهنات، بشأن الاتفاق على ولاية ثانية للكاظمي، خاصة وأن مشرق عباس المستشار السياسي لرئيس الوزراء، كان حاضرا في اللقاء.
ولدى الكاظمي تقارب واضح مع التيار الصدري، توّجه بهذا اللقاء، الأمر الذي طرح تساؤلات عن "ضوء أخضر" لتكليفه مرة أخرى بتشكيل الحكومة.
وحفّز وصول الكاظمي إلى أعلى منصب في الدولة، لإعادة تموضعه سياسيا، والتوغل داخل العملية السياسية، مدفوعا بجملة عوامل ساهمت في تعزيز مكانته، خلال الأشهر الماضية، وأظهرت قدرته على إدارة زمام الأمور في بلد يعاني اضطرابات سياسية عاتية.
والكاظمي، مستقل لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، تسلّم منصب رئيس المخابرات في يونيو 2016، خلال فترة تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة بين عامي 2014 و2018.
الصدر يتصدر على إيران في الانتخابات
ونتج عن الانتخابات العراقية الأخيرة، في العاشر من أكتوبر الماضي، فوز التيار الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر، بحصوله على 73 مقعدا وهو عدد أكبر مما حصل عليه أي فصيل آخر في المجلس الذي يضم 329 مقعدا، في حين فاز التكتل الموالي لإيران بما يصل إجمالا إلى 17 مقعدا نزولا من 48 في 2018.
وسيعقد البرلمان العراقي أولى جلساته، غدا الأحد، برئاسة أكبر الأعضاء سنا محمود المشهداني، وسط توقعات وتكهنات لما ستؤول إليه التحالفات السياسية حول مسمى رئيس وزراء العراق الجديد.