الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

المستشار محمد خفاجي: الفنانون بحاجة إلى إعادة صياغة مفهوم حرية الفن 

المستشار الدكتور
حوادث
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي
السبت 29/يناير/2022 - 11:51 ص

نشر المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، دراسة تناول فيها الفن وحرية الإبداع، والحدود المنوط اعتبارها في هذا الإطار، ومسئولية كل الأطراف تجاه هذه الصناعة.

وقال في دراسته: إن الفن لا يمكن أن يعيش بلا حرية، مشيرًا إلى أنه وثيق الصلة بالصراع بين الخير والشر والقبح، والجمال قوام الحياة الإنسانية، وتثير بعض الأعمال الفنية بين الحين والآخر صخبا مجتمعيا كبيرا إذا ما مست تقاليد المجتمع وأخلاقياته من وجهة نظر الرأي العام ولا يراه الفنانون كذلك، مما يثير التشابك بين الطرفين ويلزم فض هذا التشابك من طرف محايد بسياج القانون المنظم لحياة المجتمعات.

 إعادة صياغة مفهوم حرية الفن 

وتابع: إن للفن أهلًا يتحملون تبعاته، ولا بد للفنانين أنفسهم أن يتفقوا على إعادة صياغة مفهوم حرية الفن في ضوء معطيات العصر بين جميع أطراف العملية الفنية، بدءًا من كاتب السيناريو حتى الممثل والمخرج، وصحيح قول البعض إن السينما الذهنية خُلقت قبل السينما الواقعية للدلالة على أهمية الخيال في حياة السينما، إلا أن ترك تلك الحرية دون تحديد إطار لها من أهل الفن ذاتهم يؤدي إلى التغول على خيال الإبداع.

وأضاف خفاجي: أن هناك فرقًا وخيطًا رفيعًا بين الحرية الإبداعية والديكتاتورية الفنية، فالأولى لازمة من لوازم الحياة في المجتمع، والثانية تتصادم مع حدود العقل أو تتجاوز أخلاق المجتمع التي لا يقوم إلا بها، وما يرتبه ذلك من تشويه ما تعارف عليه  أهل الفن والإبداع عبر أجياله من حدود دنيا تكفل له التفاعل والتأثر والتأثير في كل مناحي حياة المجتمع، والرأي عندي أن الحرية مثل السلطة لها مدى دون إطلاق والفرق بينهما أن الحرية لها مدلول معنوي يرتقي بالمجتمع في معالجة أهم مشكلاته وتحقيق حياته، بينما السلطة لها مدلول مادي مغاير يفرض النظام واحترام القوانين في المجتمع، وكلتاهما -الحرية والسلطة- يجب ألا تكون مطلقة، وإذا قيل إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، فالحرية المطلقة مفسدة مطلقة، فإذا ما تجاوزت حدًّا يتجاوز أخلاق المجتمع سرت في العقول فأفسدتها واستشرت في النفوس فأسكرتها.


مسايرة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان  

 

وأوضح المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، أن الدستور المصري مساير في ذلك الاتفاقيات الدولية المقررة لحقوق الإنسان، فقد كفل حرية التعبير عن الرأي بمدلوله العام وحرية الفكر والفن والإبداع، وفي مجالاته المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما يتفرع عن هذه الحرية من حقوق، على رأسها حق النقد للظواهر والمتغيرات التي يمر بها المجتمع وباعتباره ضرورة لازمة للسلوك المنضبط في الدول الديمقراطية، ولا يقوم أي تنظيم ديمقراطي إلا به، وحق الفرد في التعبير عما يراه لازمًا لممارسة حقه الدستوري لا يرتبط  من حيث تقريره وواجب التمكن منه بقيمة هذا الرأي  ولو عارضه الغير، وإلا كان حظرًا غير مباح وإهدارا للقيمة الدستورية لحرية التعبير الذي يدور في فلكها معصوما من أي أغلال أو قيود إلا تلك التي تفرزها تقاليد المجتمع وقيمه وثوابته.


الفن من وسائل التنوير للمبدع بلا حدود


واستكمل نائب رئيس مجلس الدولة: أن الإبداع -في مستقر القول- ينصرف إلى كل مختلف عن المألوف من الأمور، ولكون الاختلاف سمته فإن الاتفاق عليه يغدو مستحيلا، وهو بصوره المختلفة حق من الحقوق التي حرص الدستور على تقريرها، وأوجب على الدولة كفالتها على وجه يحقق حمايتها المتمثلة في كونها أداة التقدم والنمو في كل المجالات، وصون الإبداع السينمائي وحمايته باعتباره إحدى صور الإبداع لا يستقيم أمره أو يستوي على صحيح مقصده إلا بتقييمه في إطار كونه عملًا فنيا، والسينما بأدواتها المختلفة وسيلة من وسائل التنوير بكل فكر جديد يجلي ماضيا لم يفاخر ويرسم خطوطًا لمستقبل حسبما يتخيله المبدع بلا حدود إلا رقابة ذاتية من القائمين على هذا الحق، يقدرون أطرها بما لا يحد من طاقات المبدع ولا يمنع طرح الأفكار والإبداعات على المتلقين مع تباينها واختلافها ليكون لهم حق الرفض والقبول في إطار احترام فکري متبادل، حتى ولو تناولت الأعمال الفنية والسينمائية الواقع الاجتماعي للأسر المصرية بالنقد تصريحا أو تلميحا، فالمهم في المادة الفنية أن تتضمن احترامًا لفكر المشاهد ولو كان بسيطًا من أوساط الناس.


وتابع المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، أن عبقرية الإنسان المصري وقدرة مفكريه وكُتابه وأدبائه على صوغ الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية داخل مصر وخارجها وفي كل المحافل الدولية، تتجلى عند تمكينهم من القيام بدورهم في إطار مفهوم لا يغيب، يتمثل في أن الحرية المسئولة هي دواء كل الفتن وإنقاذ إفساد الذوق العام، خاصة أن الأديان والعقائد السماوية تدعم وترسي حرية الفكر والإبداع ما دام لا ينال من الأصول الثابتة للأمة المصرية التي تعارفت عليها عبر أجيالها ومبادئها الراسخة اللازمة لبقائها.

تابع مواقعنا