المراهنة بورقة المصالحة.. هل تنجح مساعي الجزائر للوفاق بين الفصائل الفلسطينية قبل انعقاد القمة العربية؟
مع بدء انطلاق اللقاءات والمباحثات بين الفصائل الفلسطينية بالعاصمة الجزائر، يحبس الشارع الفلسطيني أنفاسه ترقبا لنتائج تلك المشاورات والتي يعتبرها الفلسطينيون بداية ترتيب البيت الفلسطيني.
مراقبون للشأن العربي والفلسطيني تحدثوا، مع القاهرة 24، عن أسباب إصرار الجزائر على إنجاح ملف المصالحة الفلسطينية قبيل انعقاد القمة العربية المقبلة، وكشفوا أبرز نقاط التلاقي والخلاف داخل الملف الفلسطيني الشائك.
المؤرخ السياسي الفلسطيني عبد القادر ياسين قال، لـ القاهرة 24، إن المصالحة الفلسطينية التي تشهدها الأراضي الجزائرية الآن لن تتم ولن تنجح تلك المباحثات، لافتا إلى عدم وجود رؤى بين الأطراف الفلسطينية من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني بشكل عملي.
توقيع 8 اتفاقيات سابقة
وأوضح المفكر الفلسطيني أن 8 اتفاقيات تم توقيعها من قبل بين حركتي فتح وحماس واحتضنتها القاهرة، وللأسف لم تنفذها الفصائل الفلسطينية وكانت كالحبر على الورق، وكانت نتائجها الاستمرار في الانقسام.
وأضاف ياسين أن المصالحة الفلسطينية لن تمر ولن تتم إلا بموافقة إسرائيل، تحديدا على الجانب التابع للسلطة الفلسطينية، ومن ثم لا نتوقع أي تقدم في هذا الملف.
الحقوقي الفلسطيني عهد أبو صالح قال، لـ القاهرة 24، إن دبلوماسية الجزائر تراهن على إنجاح ملف المصالحة الفلسطينية قبيل انعقاد أعمال القمة العربية المقبلة، كونها ورقة مهمة في لم شمل كل فلسطين لما للفصائل من أهمية كبرى داخل الشارع الفلسطيني والبلدان العربية.
العودة للمربع صفر
وعن نسب نجاح أو فشل المصالحة بالجزائر، أوضح الحقوقي الفلسطيني أن الأمر سيرجع للفصائل نفسها، إن أرادت إنهاء الانقسام فسيكون هناك تنازلات من الجانبين، لكن إن تمسكوا بشروطهم السابقة فسيكون عودة للمربع صفر، وحينها سيبقى الوضع لما هو عليه الآن.
وتابع: الشارع الفلسطيني لم يعد يكترث، فهمومه وأوضاعه الاقتصادية الصعبة جعلته ينسى السياسة والأحزاب والفصائل، لذلك لم يعد يفكر سوى في كيفية تحسين أوضاعه فقط في ظل التضييق الإسرائيلي على السلطة من جانب وعلى قطاع غزة من الجانب الآخر.
المحلل السياسي الجزائري والباحث في علم اجتماع التنظيمات يحيى خنفوف قال، لـ القاهرة 24، إن القضية الفلسطينية بالنسبة للجزائر هي أم القضايا وتاريخ الجزائر مع فلسطين غائر في التاريخ حتى إن باب المغاربة الواقع على أرض فلسطين هو وقف للجزائريين، كما أن الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة كما عبر عن ذلك الرئيس الراحل هواري بومدين، لذلك فإن الموقف الرسمي لحكومتنا متناغم ومتجانس مع توجه الشعب الجزائري وهو رافض لأي تطبيع على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة، على الأقل مع قرارات الأمم المتحدة.
تأثير دبلوماسي جزائري في الفلسطينيين
وأوضح المحلل السياسي الجزائري أن الجزائر تعد من البلدان العربية القليلة التي تلتزم إلى اليوم بدفع اشتراكها المالي للسلطة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، كما أن ممثلي الفصائل الفلسطينية يتحركون بكل حرية في الجزائر على اختلاف توجهاتهم، ما دام يحترمون القوانين الوطنية، ومن ثم فإن للجزائر وزن وتأثير على زعماء تلك الفصائل وربما على الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي زار الجزائر مؤخرًا التي تمت دعوة الفصائل للمصالحة خلال هذا اللقاء الذي جمع الرئيس الجزائري ونظيره الفلسطيني، منوهًا بأن المشاورات الحالية بين الفصائل ستخرج باتفاق قد يجمع الكلمة الفلسطينية لصالح قضيتها العادلة.
وقبل ساعات، أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، انطلاق اللقاءات والمباحثات التي ترعاها الجزائر بين الفصائل الفلسطينية من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني.
ووفق وسائل إعلام جزائرية محلية وأخرى دولية، قال وزير الخارجية الجزائري، في مؤتمر صحفي في الكويت، إن مشوار المصالحة الفلسطينية انطلق والجزائر لها خبرة طويلة في جمع الشمل الفلسطيني.
دعوة الجزائر للمصالحة بين الفلسطينيين
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أعلن، مطلع ديسمبر الماضي، بعد استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس أبو مازن في العاصمة الجزائر، اعتزام بلاده استضافة مؤتمر جامع لجميع الفصائل الفلسطينية من أجل لمّ الشمل الفلسطيني، وإنهاء الانقسام السياسي الذي يضرب فلسطين منذ سنوات.
ومنتصف الشهر الجاري وصل إلى الجزائر العاصمة وفد من حركة "فتح" بدعوة من الرئاسة الجزائرية ليلحق به بعد ذلك وفد من حركة "حماس" ثم وفود أخرى لفصائل فلسطينية أخرى.
وكانت وجهت الرئاسة الجزائرية أيضًا دعوات إلى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"الجبهة الديمقراطية" و"القيادة العامة-الجبهة الشعبية" وبعض المكونات الفلسطينية الأخرى.
وتعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي منذ نحو 14 عامًا، تحديدًا منذ عام 2007، حين سيطرت حركة حماس على قطاع غزة؛ الأمر الذي أدى إلى مزيد من الانقسام الفلسطيني، أعقبه انعقاد العديد من اللقاءات والاجتماعات بين الفصائل من أجل إنهاء الانقسام كان أغلبها برعاية مصرية.