وزير الأوقاف يتحدث عن الزهد الحقيقي والتزهد المصطنع
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف: شتان بين الزهد الحقيقي الذي يعني السعي والعمل والجد في عمارة الكون والأخذ بأسباب الحياة مع طمأنينة القلب ورضاه بما قسم الله عز وجل، وبين تصنع الزهد وادعائه على خلاف الحقيقة والواقع.
وأضاف جمعة في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي الله وَأَحَبَّنِي النَّاسُ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ الله، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبّوكَ، أخرجه ابن ماجه والحاكم.
وتابع وزير الأوقاف: وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ، أخرجه مسلم والترمذي.
الزهد أمر قلبيّ وليس أمرًا شكليًّا
أردف: فالزهد أمر قلبيّ وليس أمرًا شكليًّا، وهو لا يعني أبدًا الانعزال عن الحياة، ولا ترك الأخذ بالأسباب والتقاعس عن عمارة الكون وصناعة الحياة، غير أن بعض الناس قد يفهمون الزهد على غير وجهه الحقيقي، حيث يرتبط الزهد في أذهان بعضهم بجوانب شكلية لا علاقة لها بحقيقته، فيتوهمون خطأً أن الزهد رديف الفقر أو حتى الفقر المدقع، فالزاهد في تصور البعض شخص بالضرورة قليل المال، وربما قليل الحيلة، وربما رث الثياب أو مخرقها، صوته لا يكاد يبين، ويده لا تكاد تلامس مصافحها، ثم تطور الأمر إلى سلبية أشد بهجر العمل، وربما ترك الدراسة العلمية أو عدم الاكتراث بها، والخروج من الدنيا بالكلية إلى عالم أقرب ما يكون إلى الخيالات الخاطئـة منه إلى دنيا الـواقـع، في تعطيـل مقيت وغريب وعجيب وشاذ للأسباب، مع أن ذلك كله شيء والزهد شيء آخر.
وتابع: وقد قال أهل العلم: ليس الزاهد من لا مال عنده، إنما الزاهد من لم تشغل الدنيا قلبه ولو ملك مثل ما ملك قارون، وسئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: أيكون الرجل زاهدًا وعنده ألف دينار؟ قال: نعم، إذا كان لا يفرح إذا زادت، ولا يحزن إذا نقصت، ولذا كان من دعاء الصالحين: اللهم اجعل الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا.