باب متوارب

• مدام «شرويت عزمي» كانت مديرتي في فترة من الفترات في شغل قديم.. شخصيتها قوية.. من الناس القليلة اللي بيعرفوا يفصلوا كويس بين الأمور.. عادي إنها تدردش معاك وتسمعك وأنت بتاخد رأيها في أمور شخصية بمنتهى الود وعادي جدًا بعدها تعملك خصم عشان اتأخرت في تسليم شغل! النوعية دي من الناس أنا احتكيت بيها كتير في حياتي العملية، ومع إني كنت مش بعرف أكون متفق معاهم في البداية، بس مع الوقت اكتشفت إنها أفضل فئة تقدر تتعامل معاهم في الشغل.. بعد ما عرفنا إن جالها ترقية، وإنها هتمشي وتسيب المكان عملنالها كموظفين حفلة وداع في كافية في مول سيتي ستارز.. وهى قاعدة معانا فيه راجل وست عدوا جنب الترابيزة فهي شافتهم، وقامت سلمت عليهم بفرحة وود حقيقي.. رجعت كمّلت قعدتها معانا، والكلام جاب بعضه، وفجأة اتكلمت عن حياتها الشخصية.. إزاي إنها كانت بتحب زميلها في الكلية، ولما اتخرجوا اتخطبوا فورًا.. صمموا بيتهم ركن ركن، وحتة حتة، وفرشوه على الفرازة.. اتجوزوا.. استمر جوازهم 3 سنين، وكانت العقبة الوحيدة اللي ناقصاهم عن الحياة المثالية اللي كانوا مخططين لها؛ إن ربنا مارزقهمش بأطفال.. بسبب الموضوع ده، وحبة حبة دبت الخلافات بينهما، وقبلها الملل في علاقتهم ببعض، وخصوصًا أنها كانت حاسة إن جوزها عايز يتجوز تاني عشان يبقى أب.. اتطلقوا.. هو جري بسرعة اِتجوز.. هي عرفت بعدها بأسبوع على طول إنها حامل!.. حاول يرجعلها بس كرامتها ماكنتش مستحملة.. قررت تكمل لوحدها أو مع راجل تاني بس هو بالذات لأ.. خلفت «آدم».. اتجوزت راجل تانى.. «آدم» بقى عايش بين بيتها وبيت زوجها الأول.. حاولوا ونجحوا إنهم يربوا الولد على استيعاب انفصالهم دون ما يتأثر.. قالت لنا: «جوزي الأول ده اللي أنا سلمت عليه وعلى مراته من شوية!».. واحدة زميلتنا قالتلها: «إيه ده بس حضرتك سلمتي عليهم عادي جدًا دا أنا افتكرتهم قرايبك».. قالتلها: وفيها إيه؟.. زميلتنا قالتلها: طب والكرامة؟ سوري يعني دا أنا لو مكان حضرتك كنت قطعتهم بسناني.. مدام «شرويت» قالت: الكرامة موجودة مارحتش في حتة، بدليل إني عشت حياتي عادي؛ بس يمكن هما شوية الود اللي فضلوا في علاقتنا دول هما اللي بيخلونا لما نشوف بعض نبتسم، وهما اللي هيخلّونا لما آدم، يكبر ويتجوز يلاقي نفسه بين أبوه وأمه بيشاركوه فرحته حتى لو منفصلين.. حتى لو السما انطبقت على الأرض خلّوا الباب متوارب لشوية ود.

• صديقتي «ماجي أشرف» كان عندها لفترة كبيرة مشكلة مع والدتها في فكرة خروجها بره البيت لوحدها أساسًا.. بتقول أمي كانت ناشفة في تعاملها معانا على أساس إن أبويا لما مات ساب 5 بنات فبقت أمي تقوم بالدورين مع بعض في تربيتنا.. كانت تبان قدامى رافضة لـ خروجى ومحمرة عينيها وتحلف مليون يمين إني مش نازلة.. وأنا شكلي بقى زفت قدام صاحباتي؛ لا بزور حد ولا بعمل واجبات اجتماعية ولا بقدر أهنى بخطوبة ولا بجواز.. ليل نهار فى البيت!.. نفس المشكلة تحصل كل مرة بنفس الترتيب: أنا عايزة أخرج.. ماما ترفض.. أختي الكبيرة تقول إنها هتخرج معايا فـ ماما توافق.. بس دايمًا كنت بحس إن أختي خارجة غصب عنها ومزمزأة ومش طايقة نفسها.. فكنت بسألها: طب وإيه جابرك يعنى !.. جرجرتها في الكلام وبعد ما حلفت لها إنى مش هقول حرف لـ ماما لقيتها بتقول لى إن أمى بعد كل خناقة معايا كانت بتروح تطلب منها تخرج معايا!.. كنت بقول لنفسى طب وليه الفيلم ده كله؟.. في الآخر عرفت الإجابة لوحدى.. أمى ماشية بمبدأ اضرب وطبطب، اجرح وداوى.. هى بتشد عليا عشان تعرفنى الغلط بس فى نفس الوقت مش بتقفل الباب خالص ولا بتخنقنى زي ما كنت فاكرة لأن هى نفسها اللى بتسيب المساحة اللى بشوف فيها راحتى.. ماجى بتقول: «أمى كانت بتربينى صح؛ أمى بتعرف توارب الباب كويس».

• الإمام على بن أبى طالب، قال: أحبب حبيبك هونًا ما، عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما، عسى أن يكون حبيبك يومًا ما.. بعد ما تاخد قرار بلاش ترزع الباب خالص ولا تسيبه مفتوح.. سيب باب متوارب، لا مفتوح يبردك ولا مقفول يخنقك.. ماحدش عارف بكرة فيه إيه.. كرامتك متشالة على الراس وممنوع لمسها.. لكن لو كان فيه شوية عِشرة حلوة في علاقة انتهت فالباب المتوارب هيسرسب شوية ود هيكونوا لُطاف على الكل وهتثبت لنفسك إنك ابن أصول حافظ للعِشرة.. أو ممكن يتسرسب منه فرصة ماكنتش واخد بالك منها في وقتها.. أو يتسرسب منها انطباع جديد أو فكرة عكس الفكرة اللي كنت واخدها عن حد وفاكرها صح أو غلط.. كلنا إنسان وكلنا بنغلط وهنفضل.. الباب المتوارب فرصة لخط رجعة عن قرارات وارد جدًا تكون غلطت لما خدتها وفي نفس الوقت ممكن تكتشف إنها فرصة لحاجة حلوة تستاهل الباب يتوارب عشانها.