حرب باردة جديدة في أوكرانيا.. مناورات سياسية وعسكرية بين روسيا والناتو لوقف الصراع
حرب باردة جديدة تدور رحاها بين شرق العالم وغربه على الأراضي الأوكرانية، فالحشود العسكرية والصراعات السياسية المتزايدة ما بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية وباقي دول حلف الناتو دعمًا لأوكرانيا من جهة أخرى، تعيد إلى الأذهان الحرب الباردة، خاصة بعدما شهدت مدينة جنيف محادثات بين وزيري الخارجية الروسي سيرجي لافروف والأمريكي أنتوني بلينكين، بشأن الأزمة الأوكرانية، وهي ذات المدينة التي استضافت محادثات الحرب البادرة بين الطرفين الأمريكي والروسي، إلا أن الصراع الحالي شهد على مدار الأيام القليلة الماضية مناورات عدة توحي باستعداد كلا الطرفين لإنهاء الصراع بشكل عاجل، تجنبًا لاندلاع الشرارة الأولى للحرب.
أوكرانيا تناور من بريطانيا
أوكرانيا التي تمثل ساحة الصراع الدولي الذي يخشى جميع الأطراف الوصول إليه، بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، راحت تناور أمس الاثنين باستخدام سفيرها لدى المملكة المتحدة البريطانية، إذ قال إن بلاده قد تتخلى عن الانضمام لـ حلف شمال الأطلسي الناتو، لتجنب الحرب، وذلك في ظل تصاعد التوتر بين الجانبين، والمخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مُواجهة عسكرية في أي لحظة.
تصريح السفير الأوكراني لم يكن بشكل خاطئ أشارت إليه الخارجية الأوكرانية بعد الإدلاء به بساعات، وإنما يمكن وصفه بمناورة سياسية للتأكد من نوايا روسيا شن حربها الضروس تجاه جاراتها أوكرانيا، والتي تشير التخوفات إلى إمكانية وصولها إلى حرب عالمية ثالثة، فقد أعلن المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية نفي تصريحات سفير بلاده في بريطاني - إحدى دول حلف شمال الأطلسي، مؤكدًا ان انضمام بلاده لحلف الناتو، وهو ما ترفضه روسيا مؤكدا في دستور البلاد، ولا يجوز اتخاذ أي قرار مناهض لأحكامه، مختتمًا حديثه لوسائل إعلامية بأن كييف مستعدة للموافقة على كل أشكال الحوار من اجل الحفاظ على السلام وعلي حياة المواطنين.
وعقب التصريحات الأوكرانية بساعات قليلة، جاء الرد الروسي بمناورة عسكرية تمثلت في تحريك للقوات التي كانت على مدار أشهر تمثل هاجس خوف لأوكرانيا ودول حلف شمال الأطلسي، في إشارة منها إلى عزمها عدم نشوب حرب على الأراضي الأوكرانية إذا ما رضخت كييف وأمريكا والدول الأوروبية لشروطها الأمنية، والتي من بينها عدم انضمام الدول المجاورة لها إلى حلف شمال الأطلسي.
مناورة عسكرية روسية على حدود أوكرانيا
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن بعض قواتها الموجودة بالقرب من الحدود الأوكرانية؛ بدأت في العودة إلى تمركزاتها السابقة، بعد انتهاء تدريباتها، مؤكدة أن قوات المنطقتين العسكريتين الجنوبية والغربية بدأت في إجراءات العودة اليوم الثلاثاء، إلى نقاط تمركزها، عقب الانتهاء من تدريبات عزيمة الاتحاد 2022، بين روسيا وبيلاروسيا، والتي كان يتم إجراؤها في أراضي بيلاروسيا، بالقرب من الحدود الأوكرانية.
مناورات روسيا لم تنتهي عند ذلك الحد بل امتدت لمناورات في قاعات اللقاءات السياسية إذ أشار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في حوار تليفزيوني، أمس الاثنين، في اجتماع مخصص للتليفزيون مع الرئيس فلاديمير بوتين، إلى أن روسيا مُستعدة، لمواصلة الحديث عن المظالم الأمنية التي أدت إلى الأزمة، ما يهدف إلى وإرسال رسالة بأن موسكو تتيح إمكانية تجنب الحرب، حتى مع استمرار واشنطن ولندن وحلفاء آخرين في تحذيراتهم؛ أن القوات يمكن أن تتحرك في أوكرانيا، وفقًا لوكالة أسوشتيدبرس الأمريكية.
وقال لافروف، إن المحادثات لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى، لكنني أقترح استمرارها وتوسيعها في هذه المرحلة، مشيرًا إلى أن واشنطن عرضت مُناقشة قيود نشر الصواريخ في أوروبا، والقيود المفروضة على التدريبات العسكرية، وغير ذلك من عمليات بناء الثقة تدابير.
اجتماع حرب في حلف الناتو
مناورات روسيا جاءت أيضا بالتزامن مع عقد وزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية، اجتماعات موسعة في العاصمة البلجيكية بروكسيل، على مدار يومي 16 و17 فبراير، لمناقشة التداعيات العسكرية في شرق القارة الأوروبية استعدادًا لغزو روسي للأراضي الأوكرانية قد تقدم عليه موسكو في أي لحظة.
ليأتي رد الولايات المتحدة الامريكية ودول حلف الناتو على المناورات الروسية، على لسان كييف التي أعلنت وفقًا لوسائل إعلام روسية أنها نجحت مع الغرب في تخفيف التصعيد الروسي على الحدود الأوكرانية الروسية، لتعيد التوترات القائمة ما بين روسيا وحلف شمال الأطلسي إلى الأذهان حقبة الحرب الباردة وما شهدتها من مناورات عسكرية وسياسية خاصة مع وجود أوجه تشابه كبيرة كونها قائمة ما بين موسكو ودول الغرب، كما كان الوضع في السابق، وحشد القوتان حلفاءهما وللدفاع عن مناطق نفوذهما في عرض تقليدي للحرب الباردة.