بوتين يتحدى الغرب!
روسيا القوية مشهد أضحى حديث العالم الآن، لا أحد يستطيع أن يردع القيصر الروسي بوتين في أزمة قد تنتهي لغزو أوكرانيا الأداة التي أراد الغرب من خلالها تهديد روسيا من خلال جر أوكرانيا نحو الغرب، هنا الأمر تحدٍّ مباشر لبوتين في ظل أن اختراق أوكرانيا يمس الأمن القومي لروسيا العظمى على يد بوتين.
إذًا لماذا روسيا تسعى لهذا الغزو؟ هذه القضية معقدة وتعود إلى انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، فقبل هذا التاريخ كانت أوكرانيا جزءا من الاتحاد السوفيتي، وبعد الانهيار استقلت لكنها أصبحت موالية لروسيا حتى جاء عام 2014 لتنفجر فيها ثورة كبيرة ليتغير نظام الحكم ويصبح مواليا إلى حلف الناتو، ويسعى لاستقلال أوكرانيا في الغاز وكل الصادرات عن روسيا لأن أوكرانيا تلقب بـ "سلة الخبز في أوروبا بل والوطن العربي لأنها مسؤولة عن 10% من صادرات القمح للعالم، فالحديث ليس فقط عن الغاز وإن كان الغاز أهم ما تسعى إليه الإدارة الروسية، هذا ما دفع بوتين لضم شبه جزيرة القرم وعمل استفتاء لكي يبرهن على أنه لم يغزُ هذه المنطقة، وتم الاستفتاء وتمت الموافقة على الانضمام إلى روسيا.
إذًا بعد هذه السنوات لماذا نرجع إلى هذه النقطة؟ هنا روسيا ترى أن أوكرانيا تحاول أن تكون جزءا من حلف الناتو، وحلف الناتو يتحرك باتجاه أوكرانيا ويريد أن يجعل أوكرانيا جزءا من حلف الناتو، وبالتالي من يشاهد خريطة الحدود الروسية الأوكرانية يعلم أن روسيا تعتبر أن أوكرانيا خط أحمر بالنسبة إليها، فبضم أوكرانيا إلى روسيا ستصبح كل الحدود الروسية الأوكرانية ضاغطة على أوروبا لتصبح أوروبا وحلف الناتو في موقف ضعف.
هنا روسيا تمتلك نقاط قوة قد تكون هي الأقوى، والسبب اعتماد أوروبا على نحو 50% من الغاز القادم من روسيا، إذًا لو قررت روسيا قطع الغاز ستقع أوروبا في مشكلة خطيرة جدا، ليس هذا فقط ما تمتلكه روسيا في الضغط بل هناك ما هو مهم وهو خط نورد ستريم 2، ولمن لا يعرف هذا الاسم فهو عبارة عن خط أنابيب لنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق مباشرة، وتم الانتهاء منه لكن لم يدخل الخدمة حتى الآن، لكنه غيّر موقف ألمانيا بأكملها تجاه روسيا، فمعظم دول أوروبا والولايات المتحدة تساند وترسل الأسلحة إلى أوكرانيا إلا ألمانيا لم تبادر بتقديم أي نوع من الأسلحة، لكن بعد ضغط من الإدارة الأمريكية قدمت خمسة آلاف خوذة وإنشاء مستشفى ميداني، وقالت إن البرلمان لم يوافق على إرسال أي أسلحة إلى أوكرانيا.
هنا روسيا أصبحت تكتسب حلفاء جددا بجانب الحلفاء القدامى، فوجود روسيا بقوة في سوريا والحفاظ على حكم الرئيس بشار الأسد من أجل أن تبقى موجودة على سواحل البحر المتوسط وتحديدًا على السواحل السورية على البحر المتوسط وهذا يعني أن أوروبا إذا حاولت أن تأخذ متنفسا آخر للغاز لن تتمكن من القيام بذلك، فمشروع الغاز الذي يأتي من إيران إلى العراق إلى سوريا متوجهًا إلى البحر المتوسط إلى اليونان هو في قبضة الروس يمكنهم اعتراضه في أي وقت، وخطوط الغاز التي تأتي من الخليج إلى العراق إلى سوريا إلى تركيا إلى أوروبا ستواجه نفس المشكلة وستعترضها روسيا.
هنا روسيا موجودة بقوة فهي تمسك المفاتيح المتعلقة بالغاز، وأوروبا مرهونة بالغاز إلى روسيا، والولايات المتحدة لم تثبت حتى الآن أنها قادرة على سد هذه الاحتياجات إلى أوروبا.
الأزمة الروسية الأوكرانية تفتح الباب على مصراعيه أمام مزاعم وأطماع بعض الدول الكبرى في أجزاء من دول أخرى، تدّعي أنها جزء من أراضيها منها الصين، وأحقيتها في تايوان وتمرد كوريا الشمالية على انفصال كوريا الجنوبية والهند وباكستان، ومن الأحق بإقليم كشمير وغيرها.
وتستمر الأزمة والعالم يراقب، وتبقى روسيا القوية صاحبة القول الفصل في وضع نهاية لما يحدث في أوكرانيا، وهنا بوتين سوف يفعل ما يشاء، والعالم بأسره سوف يلتزم الصمت، وسوف يقتصر الأمر على الإدانة عند غزو روسيا لأوكرانيا.