عروسة ماريونيت
في يوم قرروا يروحوا لمُهرج المدينة ويقولوا له: "احكم بين الاتنين يا قاضي"، فساعتها المهرج استغرب وقال لهم: "قاضي مين يا جماعة؟، ده أنا معييش عباية القاضي، أنا المهرج"، فالناس قالت شوف تواضع القاضي الحكيم المنصف، رافض يكون مُتكبر أو يكون مش شبهنا.
والغريبة أن الناس بقت مصدقة ومقتنعة اقتناع تام مليون في المية أن المهرج بقى هو القاضي، لدرجة حد من أعيان البلد كان واقف قرر أنه يخلع عبايته الغالية النضيفة ويلبسها للمهرج، لأ قصدي لقاضي المدينة.
لكن الأكبر، أن المهرج أقتنع مجرد ما لبس العباية أنه بقى فعلًا القاضي وأنه بقى الشخص المؤهل للحكم بين الناس، علشان بس الناس قالتله أنت القاضي، ولبسوه عباية نضيفة، مع أن عقله وخبراته وهو من جواه، لسة المهرج اللي كان بيلف في شوارع البلد ويحاول يضحك العيال الصغيرة والناس الكبيرة، علشان يقدر يروح بيتهم آخر اليوم بشوية أكل صغير، يكفوه هو ومراته وابنه وبس.
وعدت الأيام، وابتدوا أعيان البلد يستغلوا المُهرج اللي جابوه علشان يحكم لهم قدام ناس تانية علشان ياخدوا منهم أي حاجة هما عايزينها وهو هيحكم بسهولة، ما هو في الأساس مش فاهم، ولا عارف ايه اللي المفروض يحصل، ما هو في الأصل مهرج مش قاضي.
لكن اللي يزعل بجد على حال المُهرج القاضي، أنه عاش مصدق الوهم والعباية الواسعة عليه، لحد ما جه اليوم ومهمته في عيون الناس اللي جابوه علشان بس يكون عروسة لعبة في ايديهم خلصت، ووقتها سابوه منه للناس، وساعتها اكتشف أنه بطوله، ولما قال لهم أنا محدش يقدر يعمل لي حاجة، ساعتها قالوا له لا وقف عندك، أنت صدقت ولا ايه؟، أنت مجرد مهرج، وخلاص المسرحية خلصت.
ناس كتير ممكن تلبس توب مش توبها، وتبقى في مكان أكبر من مكانها الطبيعي أو اللي تنفع تكون موجودة فيه، هل ده هينفي أن حقيقتهم أهل من المكان اللي هما فيه، أو أن الشخص ده اتغير فعلًا وبقى شخص تاني يستاهل المكانة اللي هو فيها؟، الإجابة باختصار لا.
وقت ما تدي لحد أو تدي لنفسك أكبر من القيمة الحقيقية اللي تقدر تعيش بيها أو تقدم فيها حاجة فعلًا، متزعلش لو بقيت مجرد «عروسة ماريونيت» في ايد الأكبر منك وفي ايد الشخص اللي قدامك، ومجرد ما دورك ينتهي هتلاقي ضهرك مكشوف وواقف لوحدك ومفيش حد يسندك، بس وقتها هيكون فات الآوان عن أنك تفوق أو تلحق نفسك أصلًا.