أرملة ياسر رزق: الراحل تعمّد إهانة الإخوان.. ودعم الرئيس السيسي له جاء من عشرة واقتناع | حوار
ياسر رزق، أحد أساطير بلاط صاحية الجلالة، منذ تخرجه مع دفعة إعلام القاهرة 86، عمل بعدها محررًا عسكريًا ومحررًا لشؤون رئاسة الجمهورية بجريدة الأخبار، وذلك على مدار أكثر من 22 عامًا وعين رئيسًا لتحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون من عام 2005 إلى عام 2011، ليعود إلى بيته، كرئيس لتحرير جريدة الأخبار قبيل أسبوع من قيام ثورة 25 يناير، حتى عزله نظام الإخوان المسلمين في أغسطس من عام 2018.
ليتولى بعد ذلك رئاسة تحرير جريدة المصري اليوم، أثناء عام حكم المرشد، كي يكون رئيسًا لمجلس إدارة أخبار اليوم، من 2017، إلى عام 2020، حسب ما ذكره في كتابه سنوات الخماسين.
في حوار صحفي خاص لموقع القاهرة 24، تتحدث أماني ضرغام، أرملة الكاتب الصحفي ياسر رزق، الذي فارق الحياة في أواخر يناير الماضي، عن تفاصيل لقائها الأول بزوجها الراحل ياسر رزق، وتفاصيل حياته المهنية، مرورًا بأزمته التي تسببت في إقالته من رئاسة تحرير أخبار اليوم، فضًلا عن بدايات علاقته بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وإلى نص الحوار:
بداية.. حدثينا عن كواليس اللقاء الأول بينك وبين ياسر رزق، مرورًا بالزواج؟
في الحقيقة أنا مقدرش أنسى تفاصيل اللقاء الأول، مع ياسر، لأننا دائمًا في البيت كنا بنضحك سوا، وكان بيقول لأبنائنا إن أمكم كانت بتجري ورايا عشان تتجوزني.
جمعنا اللقاء الأول في شهر أكتوبر عام 1994، في مؤسسة أخبار اليوم، كان وقتها معايا جائزة مصطفى وعلي أمين، لأفضل تحقيق صحفي، بترشيح من القُراء، قلتله بجرأة كبيرة، إن في واحدة، باعتالك جواب وبتقولك يا حبيبي، فمسكه وقطعه قدامي.
بعد ذلك اللقاءات انقطعت بينا لمدة 3 أشهر بسبب سفر ياسر إلى اليابان، وبعدين اتقابلنا في الجورنال وقعدنا سوا لمدة 4 ساعات، قاللي بعدها هتجوزك قبل نهاية السنة، وطلب رأيي، فترددت كثيرًا لأن معظم الأشخاص اللي تحدثت معاهم قالولي ياسر رزق متجوز الصحافة، وقالولي هيخلف جرايد ومجلات، لكن حدث الزواج في نهاية عام 1994..
وهل كان لياسر رزق طقوس خاصة خلال ممارسة الكتابة؟
كان دائمًا ياسر بيحب الكتابة يوم الجمعة، خاصة بعد الغداء، فكان يبكتب وكأنه رايح يقابل حبيبته، كان في منتهى الشياكة، ودائمًا كان بيكتب بقلم حبر.
كان ينتهي من كتابته في وقت متأخر من الليل، يصل إلى الساعة الثانية صباحًا، يتضمن ذلك عددًا من التليفونات مع المسؤولين، لإ مفيش رقم ياسر كان بيكتبه أو معلومة إلا لما يتأكد منها من خلال مصدرها الأساسي.
وماذا تحوي مكتبته؟
مكتبة ياسر تحتوي على مجموعة متنوعة من الكتب في مختلف المجالات الأدبية، السياسية، المسرح، الموسيقى، من مختلف بلا العالم، مع الأرشيف الخاص به بداية من وجوده في الأخبار إلى فترة المصري اليوم، ورجوعه مرة أخرى إلى الأخبار، مرورًا برسائله ومقالته، الخارجية في حرب العراق، ودار فور.
وهل كان يفضل كُتبًا بعينها؟
ياسر كان يهوى قراءة جميع الأصناف والأنواع من الكُتب، فكان لا يستطيع العيش دون القراءة، قبل ما ينام كان متعود يقرأ جزء من أي كتاب، ويتركه ليكمله في اليوم التالي.
كما أنه كان بارعًا في التقاط الأخطاء الإملائية والنحوية في صفحة الجرنال، لدرجة إن أبنائنا كانو بيذهبوا له من أجل أي استشارة نحوية، على الرغم من كوني خريجة لغة عربية.
وهل كان للراحل علاقات متشعبة داخل الوسط الفني؟
ياسر كان له العديد من الأصدقاء من نجوم الوسط الفني، وعلى رأسهم المطرب محمد مُنير، فكان من أكثر الناس قربًا من العائلة، يمكن أتذكر كنت بغني لياسر الأغنية الشهيرة لمحمد منير، المدرسة فاتحة على الشارع، والشارع فاتح على بيتنا، أنا قلبي مساكن شعبية، فكان بيقولي هشكيكي لمنير، وأقوله فيه واحدة بتقلدك".
وبالفعل قابلنا محمد منير في فطار في أحد أيام رمضان مع أصدقاء مشتركين بيننا، وشكاني ياسر له، فرد منير وقال: فعلًا قلبك مساكن شعبية.
وهل ما تزال هذه العلاقة قائمة إلى الآن؟
محمد منير لا يزال في تواصل معانا، ومن قريب جمعتنا مكالمة، وذكرني بعدد من الذكريات المشتركة بينا، لما كان ابني عُمر مسافر إلى البرازيل، من أجل دراسته، وجاءت إقامته في بيت أحد من العائلات اليهود، فكان هناك صعوبة في استمراره معهم، فتدخل منير من أجل تواصله مع عمر لإقناعه بالعودة بسبب تعلق الأخير بمنير.
لماذا لم يكن ياسر رزق من المقربين للرئيس مبارك؟
كان ياسر قد التقى ـالرئيس الراحل محمد حسني مبارك في نهاية التسعينيات تقريبًا في مدينة شرم الشيخ بمحافظة البحر الأحمر، وحينها كان يحب مبارك أن يجلس مع الصحفيين ويتحدث معهم.
وكان بيسألهم شوية أسئلة مختلفة، فـ كان ياسر من نصيبه سؤال مبارك له أنت بتقبض كام مثلًا؟ فـ ياسر رد عليه وقاله بـ الأقساط ولا من غير الأقساط؟ والكلام ده عجب الرئيس الراحل مبارك أوي وقعد يضحك معاه وفضل فاكرها لوقت طويل ويقعد يقوله بـ الأقساط ولا من غير أقساط.
لذلك أستطيع القول إن ياسر كانت علاقته جيدة بمبارك، فكان يغطي شئون الرئاسة لـ سنين طويلة جدًا، لكن ياسر من النوع اللي بيقول على الغلط غلط، واللي يهمه في الأول وفي الآخر هي مصر ومش بيهمه إنه على علاقة بحد وهيستفيد منها، وياسر لم يستفد من أي علاقة كان فيها مع حد مسئول.
وماذا عن علاقة الراحل بشباب 25 ويناير وحملة تمرد؟
الراحل كان له دور كبير مع شباب ثورة 25 يناير وكذلك حركة تمرد، فكان من أول الناس الذين طبعوا ورق تمرد هو ياسر رزق، ولما تقعد مع أي واحد من دول وحتى الآن يحسسك إن ياسر رزق كان صديقه الشخصي المقرب، والناس الحلوة دي كان ياسر بيكمل حياته بيهم، والجزء اللي الناس ماتعرفهوش عن ياسر إن له عدد من الأصدقاء سواء فنانين أو أدباء كانوا هما اللي بيكملوا الجزء التاني من حياته، وعلى الرغم من إنه كان بيشتغل كتير إلا إنه كان عنده وقت يروح قهوة الزمالك، اللي مرسي قال عليهم بيقعدوا على القهوة وعاوزين يغيروا مصر.
فلم يكن مُنحاز في كتاباته لأحد الأطراف، فكل اللي كاتبه كان مؤمن بيه وبيقول اللي مقتنع بيه.
ومتى قرر كتابة سنوات الخماسين؟ ولماذا؟
اتخذ ياسر قرار كتابة سنوات الخماسين، من أجل توثيق الفترة العصيبة التي شهدتها مصر، خلال الفترة بين ثورة يناير من عام 2011، مرورً بيونيو في عام 2013، فكان شاهدًا على الكثير من المزايدات عن الدولة المصرية والجيش، خلال هذه المرحلة من قبل الإخوان، خاصة عند سفره إلى فرنسا للعلاج.
ياسر فكًر في كتابة سنوات الخماسين بعد عودته من فرنسا في 2018 من أجل العلاج، فقابل خلال هذه الفترة عددًا من المصريين المقيمين في فرنسا، وبعض المسؤولين المصريين هناك، فكان شاهدًا على وجود الكثير من الأخطاء عن تاريخ هذه الفترة.
الناس هناك في فرنسا كانوا بيقولوا حاجة، وفي مصر بيقولوا حاجة تانية، والإخوان بعدها كانوا هيقولوا حاجة تالتة خالص، فكان الشغل الشاغل لياسر هو توثيق لتاريخ هذه الحقبة، من أجل شباب مصر، فكان بيقول لازم ولادنا يعرفوا تاريخ مصر بشكل صحيح.
وهل تشارك معه أحد في كتابة سنوات الخماسين؟
سنوات الخماسين عمل شخصي لياسر لم يأخذ رأي أحد عند كتابته، فالكتابة عنده عالم خاص به.
وماذا عن الجزء الثاني؟
الجزء الثاني من كتاب سنوات الخماسين، ياسر كان في طي الانتهاء منه، وكذلك الكتاب الثالث رجال حول الرئيس، تم الانتهاء من تفريغ بعض الأحاديث.
وماذا عن خططه المستقبلية التي كان ينتوي تنفيذها؟
ياسر كان بيحلم بإنشاء مركز لتوثيق تاريخ مصر في المرحلة ما بين ثورة 25 يناير 2011، مرورًا بعام 2013، علشان كده سنعمل على تحقيق هذا الحلم.
وهل تدخل الإخوان في رحيل ياسر رزق من الأخبار في عام 2012؟
بالتأكيد الإخوان هم من تسببوا في إقالة ياسر رزق، من الأخبار، في شهر أغسطس من عام 2012، وقع حادث رفح الإرهابي، الذي راح ضحيته 16 شهيدًا، وحضر جنازة الشهداء جموع كبيرة من المصريين، باستثناء محمد مرسي، بعدها خرج مانشيت الأخبار: حضر الشعب وغاب الرئيس، وكان من أهم المانشيتات في هذه الفترة لياسر رزق.
وماذا حدث بعد ذلك؟
في مساء هذا اليوم، تآمر مرسي وجماعته، من أجل إقالة ياسر رزق من رئاسة تحرير الأخبار، كانوا فاكرين إنها عشان جرايد حكومة يبقى خلاص بتاعتهم.
وبالفعل في اليوم التالي تمت إقالة ياسر رزق، من رئاسة تحرير الأخبار، ومعه مجموعة من الزملاء الصحفيين الذين لم يثبتوا ولاءهم للإخوان، لذلك خرج مجموعة من الصحفيين للتظاهر من أجل منع رحيل ياسر عن الأخبار، لكن الإخوان كانوا فاكرين إن البلد بلدهم، فياسر كان قاصد يهين الإخوان وهو ما حدث بالفعل.
وهل واجه الراحل أي تهديدات من قبل الإخوان؟
ياسر من خلال عمله كـ رئيس تحرير في جريدة المصري اليوم، كان بيستهدف ألا تظل جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية متولية حكم مصر، لذلك واجه العديد من الصعوبات.
كنا بنسكن في شقة مجاورة لـ أحد الأماكن التي يخرج منها أنصار جماعة الإخوان المسلمين في مظاهرات بعد أداء صلاة الفجر، فكان قيادات الإخوان المسلمين بيخرجوا يرموا على البلكونة بتاعتنا شماريخ، لدرجة إننا من شهر فبراير في عام 2013 لـ شهر يونيو في نفس السنة اضطرينا إننا نسيب البيت، ووقتها ياسر اسمه كان على قوائم الاغتيالات اللي عملاها الجماعة الإرهابية.
لذلك عينت وزارة الداخلية قوة من الحراسة حتى تحميه من أمام المنزل وأيضًا من أمام مقر جريدة المصري اليوم، إلا أنه رفض هذه الحماية، وقال الأولى إنكم تحموا الشعب أنا وسط ناسي وأهلي، بس طبعًا شكرهم جدًا.
وماذا عن كواليس علاقة ياسر رزق بالرئيس عبد الفتاح السيسي؟ متى وكيف بدأت؟
كانت بدايات علاقة ياسر رزق، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل أن يتولي الرئيس حكم مصر، وكان يعرفه الرئيس معرفة شخصية، وتحديدًا بعد يناير 2011، بحكم عمل ياسر كمحرر عسكري، وحضوره لعدد من الأعمال والمناورات العسكرية.
ومع ذلك لم يكن لدي تفاصيل كاملة حول علاقة ياسر رزق بالرئيس عبد الفتاح السيسي، فكل ما أعرفه أنني في أحد الأيام قد تعرضت إلى كسر في القدم، وقام الرئيس السيسي بإرسال شكولاته ومعاها كارته الشخصي، مع مكالمة تليفونية، وذلك قبل أن يتولي رئاسة الدولة.
وكيف كان يرى ياسر رزق مصر في عهد الرئيس السيسي؟
كان ياسر دائمًا مقتنع بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وآمن بما سيحققه لمصر، فكان بيكتب من منطلق الثقة في الرئيس السيسي، والإيمان برؤيته المستقبلية.
وهل تواصل معه الرئيس السيسي خلال مرضه؟
بالتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كان داعمًا قويًا لياسر خلال رحلة علاجه في فرنسا، قبل السفر تلقى اتصالا هاتفيًا من الرئيس وقال له هترجع إننا مستنينك، كمان بعد العودة من فرنسا، اتصل بينا الرئيس وقاله أنا قولتلك هترجع. فكانت هذه المكالمة داعمة جدًا لياسر، خاصة أنه كان سيجري عملية جراحية تستمر لمدة 8 ساعات، الدعم دا مجاش من فراغ، دا جاي من عٍشرة واقتناع.
- وماذا عن تفاصيل بدايات أزمته الصحيةـ؟
ياسر أُصيب بالسرطان، في عام 2018، وبدأ معها رحلة العلاج، في فرنسا، وعلى الرغم من أن آخر تقرير طبي لحالته الصحية، كان قبل الوفاة بأيام قليلة، وسط اختفاء الورم تمامًا، وتأكيدات من الأطباء أن اللي حصل دا معجزة، لكنه عانى أيضًا من وجود مشاكل في القلب، لذلك نصحونا الأطباء، بضرورة إجراء عملية القلب المفتوح، لكنه لم يحدث.
وهل صحيح أنه أخفى مرضه عن أهله وأقاربه؟
بالفعل هذا صحيح، فقد أخفينا أزمة ياسر الصحية ومرضه عن جميع من حوله، خوفًا على حالة والدته الصحية، فضلًا عن خوفه من انهيار أبنائه.
وماذا عن تفاصيل آخر ساعات ما قبل وفاته؟
كانت آخر أمسية لياسر، رجع من الشغل وقتها الساعة 11 بالليل للبيت، وذهب إلى مكتبه للعمل أيضًا، حتى الساعة الثانية مساءً، لكن إرادة الله هي ما حدثت، في اليوم التالي.