سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان.. تحويل قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى البيت الحرام
سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان هو موضع بحث الكثير من المسلمين حول العالم، فقد جرت العادة على الاحتفال ليلة النصف من شعبان لما في هذه الليلة من خيرات وبركات قد لا يعلمها البعض ليتساءلوا ماذا حدث في ليلة النصف ممن شعبان وما فضلها؟ وهو ما نوضحه لكم بالتفصيل مع تسليط الضوء على حكم الاحتفال بـ ليلة البراءة.
سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان
قبل توضيح سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان، لا بد من التنويه بموعد احتفال ليلة النصف من شعبان 2022، والمقرر بالتقويم الهجري الثابت يوم 15 شعبان، بينما في التقويم الميلادي ستوافق هذه الليلة لهذا العام يوم الجمعة 18 مارس 2022، على أن يبدأ الاحتفال بعد صلاة مغرب يوم الخميس 17 مارس ميلادية، 14 شعبان 1443 هجرية.
أما سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان تحديدا يكمن في تحويل قبلة المسلمين نحو المسجد الحرام بمكة المكرمة في ذلك اليوم، فبعدما صلى رسول الله والمسلمين قرابة 16 شهرًا نحو المسجد الأقصى، أراد الله تلبية نداء رسوله الكريم في السنة الثانية للهجرة بتغيير القبلة نحو البيت الذي وضع قواعده أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم بمساعدة ابنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام.
وقبلة المسلمين هي الجهة التي يتوجهون إليها أثناء الصلاة، وفي نفس توقيت تغيير القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، كان رسول الله يصلي إماما في مسجد بني سلمة، ولما صار في الركوع الثاني أتاه الأمر الرباني بتغيير القبلة فتحول النبي بوجهته إلى الكعبة المشرفة، وتحول أصحابه معه، ولذلك سُمي هذا المسجد فيما بعد بمسجد القبلتين لأن النبي جمع في صلاته فيه بين القبلتين، وأصبح ذلك اليوم عيدا في السماء للملائكة مثله مثل ليلة القدر.
بالتزامن مع الحديث عن سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان، لا بد من التنويه بأهمية ذلك الشهر عند رسول الله صل الله عليه وصلم، وقد قال عنه شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، ففي رجب ينشغل الناس بحرمة الشهر ويمتثلون لأوامر الله بالتوقف عن الحروب، وفي رمضان ينشغل الناس بركن الصيام والاستزادة من الطاعات، وفي شعبان يغفل الناس عن هذا وذاك، ولذلك كان النبي يكثر فيه من الصيام.
شهر شعبان هو الشهر الذي ترفع فيه أعمال العباد، حيث أعمال السنة كلها، ولم يرد في السنة النبوية اختصاص رفع الأعمال في ليلة النصف من شعبان فقط، إنما روي عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه سأل النبي صل الله عليه وسلم بقوله: لم أَرَكَ تصوم من شهر من الشهور، ما تصوم من شعبان قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع علمي وأنا صائم.
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
تحويل قبلة المسلمين والتي تعد سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان كان ورائها الكثير من الدروس والعبر لكافة الخلق، أولها جبر خاطر النبي محمد بتغيير القبلة نحو أحب الأماكن إلى قلبه فعندما أخرجه قومه من مكة إلى المدينة وقف الرسول الكريم على مشارف مكة المكرمة، قائلا: "والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" رواه الترمذي
كما جاء تحويل القبلة أيضا اختبارا ليقين وإيمان الناس فمن منهم يمتثل لأمر الله ورسوله، ومن منهم يعرض ويشكك في الأمر، ولذلك كانت لهذه المناسبة الدينية العظيمة مكانة مقدسة في القلوب، يتساءل البعض على إثرها ما حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، خاصة إنه لم يرد في السنة النبوية أي احتفال أو شعائر معينة لإحياء هذه الليلة.
ما جاء في السنة النبوية عن حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان يتضح في الصيام والقيام فقط فعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلا كَذَا أَلا كَذَا...؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» رواه ابن ماجه.
جواز الاحتفال بليلة النصف من شعبان
لا بأس من إحياء ليلة النصف من شعبان هو القول الأرجح في حكم وجواز الاحتفال بليلة النصف من شعبان، فقد وردت بعض الأقاويل التي تنهي عن الاحتفال بهذه الليلة المباركة على اعتبارها بدعة محدثة، ولم ترد عن رسول الله، وفقا لما جاء في قول الإمام ابن باز رحمه الله، بينما رأى آخرون من علماء الدين جواز الاحتفال بليلة النصف من شعبان على اعتبارها استزادة من الخيرات والبركات، وتقرب بالطاعات من الله عز وجل، كما أن الاحتفال ليلة النصف من شعبان سيكون تعظيما لشعائر الله، وتذكيرا بأيام الله، وذلك هو القول الفصل لدار الإفتاء المصرية.
مشروعية الاحتفال بليلة النصف من شعبان
بعد أن أوضحنا لكم سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وأوردنا لكم رأي جمهور العلم في جواز الاحتفال، يبحث البعض ممن يرغبون في إحياء هذه الليلة المباركة بالاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن في جماعة وترديد الأدعية بصوت جهري في معرفة مشروعية الاحتفال بليلة النصف من شعبان على هذه الكيفية.
روي عن علي رضي الله عنه، قوله رسول الله صل الله عليه وسلم: من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة رواه الأصبهاني في الترغيب والترهيب، والليالي الخمس هي ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان.
ولذلك ذهب أهل العلم إلى مشروعية الاحتفال بليلة النصف من شعبان سواء فرادي أو جماعة في المساجد، فلا يصل تقييد الاحتفال بوجه دون وجه إلا بدليل حتى لا يكون ذلك تضييق لما وسعه رسول الله، بل يفضل الاجتماع للذكر وتلاوة القرآن في هذه الليلة شرط عدم التشويش على المصلين عملا بالحديث الشريف: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا رواه البخاري.
كيفية الاحتفال بليلة النصف من شعبان
يفضل إحياء ليلة 15 شعبان 1443 بعد معرفة سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان كما أوضحناه لكم في الأعلى، وذلك حتى تتعلق القلوب بالأسرار الربانية وراء تحويل قبلة المسلمين في هذا الليلة، ولعظيم شأن هذا الشهر عند رسول الله فهو شهر ترفع فيه الأعمال ويفضل فيه الإكثار من الصيام والقيام، ولا ينبغي فرض كيفية الاحتفال بليلة النصف من شعبان على وجه واحد لجميع المسلمين.
بل يستحب الاحتفال ليلة النصف من شعبان وفقا لمقدرة كل مسلم ومسلمة، مع مجاهدة النفس على الاستزادة من الخيرات والطاعات، ومعرفة أحب الأعمال إلى الله وهي أدومها وإن قل، لذلك لا بد من تثبيت ورد يومي من الاستغفار والصلاة على النبي، وورد يومي من قراءة الأدعية التي فيها توسل إلى الله لقضاء حوائج الدنيا والآخرة.
وستصادف ليلة النصف من شعبان 2022 هذا العام ليلة الجمعة، وهي خير أيام الأسبوع، يستحب فيها الغسل وارتداء أحسن الثياب والتعطر بالمسك، وقراءة سورة الكهف، والإكثار من الصلاة على النبي، مع إمكانية الاجتماع بأهل البيت لتلاوة القرآن معا، أو القراءة عن فضل ليلة النصف من شعبان والاطلاع على الأحاديث النبوية الواردة عنها.
ونقدم لكم الأحاديث النبوية عن ليلة النصف من شعبان كالتالي:
"إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه" رواه الإمام أحمد في مسنده.
"إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" رواه البيهقي.
"إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها؛ فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر" رواه ابن ماجه والبيهقي.
"إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب" رواه الترمذي وابن ماجه.
"من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان" رواه إسماعيل الأصبهاني.