في الذكرى الـ51 لرحيله.. كيف وثّق البابا شنودة صلوات قداسات نظيره كيرلس قبل نياحته؟
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الـ9 من مارس بالذكرى الـ51 لرحيل القديس البابا كيرلس السادس، البطريرك الـ116 من بطاركة الكرازة المرقسية.
ويعد الراحل البابا شنودة الثالث، البطريرك الذي يلي القديس البابا كيرلس السادس، وبعد مرور عامًا على وفاة البابا كيرلس، تحدث البابا شنودة قبل نياحته قائلا: مضى عام على نياحة البابا كيرلس السادس ولست أدري.. كيف مضى هذا العام على الآلاف والملايين من محبيه، الذين لم يكن في استطاعتهم أن ينسوا بركاته كل يوم، والذين كان صعبًا عليهم أن يُحْرَموا من شخصيته ومحبته وصلواته وقداساته.
وتابع البابا شنودة، نحنُ بعد هذا العام نقف لنلقي كلمة وفاء بسيطة، ومهما كانت هذه الكلمة فلا يمكن أن تَفي أو تَرْتَفِع إلى المقام العظيم الذي يجلس فيه البابا كيرلس السادس.
وأضاف البطريرك الـ 117 في كلمته: إن البابا كيرلس، أمضى ما يقرب من 40 عامًا في خدمة الكهنوت، وفي خلال تلك الفترة، حرص في كل يوم أن يقيم القداس الإلهي، لقد كان يحلو له أن يصلي جميع الصلوات ويترنم بألحان التسبحة ويصلي المزامير، ولا يوجد في تاريخ الكنيسة كله إنسان مثل البابا كيرلس، استطاع أن يقيم مثل كل هذه القداسات.
ولقد حاولت أن أُحصي عدد القداسات التي أقامها في حياته، فوجدت أنه قد صلى ما يزيد عن 12000 قداس (باستثناء الخمس السنين الأخيرة التي مرض فيها)، وهذا أمر لم يحدث في تاريخ أي بابا من باباوات الإسكندرية أو العالم أو الرهبان.
البابا كيرلس السادس تَتَلْمَذ على يد ماراسحق السرياني
وتابع البابا شنودة في حديث له قبل نياحته: البابا كيرلس السادس تَتَلْمَذ على يد أكبر أستاذ هو ماراسحق السرياني، ومن محبته للصلاة اختار حياة الوحدة فعاش متوحدًا مدة طويلة، وتتلمذ على أكبر أستاذ كتب في الوحدة في تاريخ الرهبنة كلها وهو القديس مار اسحق.. لقد قرأت مئات من الكتب النسكية، فلم أجد أعظم من كتابات مار اسحق عن حياة الوحدة والسكون.
ولقد كان البابا كيرلس يحب مار اسحق، ويقرأ كلماته ويحفظ الكثير منها، ونَسَخَ بنفسه كتاب مار اسحق على ضوء شمعة في مغارته وعلى ضوء لمبة غاز، عاش في وحدة في مغارة قرب دير البراموس. يسهر الليل في قراءة أقوال الآباء ويصلي في الفجر ويُقيم القداسات، وعاش في طاحونة قرب مصر القديمة، ثم في الكنيسة التي بناها بنفسه في مصر القديمة، ولم يخرج من بابها إلا للضرورة القصوى، وعندما اعتلى كرسي مارمرقس لم تتركه حياة الوحدة بل كثيرًا ما كان يذهب إلى دير مارمينا بصحراء مريوط.. وكان يريد أن يمتلئ من ثمار الوحدة لنفسه.
المرشد الروحي لكثيرين
واستكمل البابا شنودة حديثه عن البطريرك الـ116 قائلا: عاش كمرشد روحي للكثيرين فترة طويلة. وقبل أن يصير بابا الكرازة المرقسية كان أبًا في الاعتراف لمئات من طالبي إرشاده الروحي، وقد عرفت قداسته في سنة 1948 م حينما كنت أتردد على كنيسته في مصر القديمة، وانتهى بي الأمر إلى أن سكنت هناك أتمتع بقداساته وصلواته ورعايته وإرشاده في ذلك الجو الجميل في كنيسة مارمينا بمصر القديمة.
البابا شنودة يتحدث عن فضائل البابا كيرلس السادس
وتحدث البابا شنودة عن البابا كيرلس قائلا: كان البابا كيرلس رجلًا تتمثل فيه فضائل عديدة. فقد كان إنسانًا بسيطًا هادئًا وديعًا. وكان حكيمًا عميقًا في التفكير، وكان يتميز أيضًا بالبكاء في صلاته وفي قداساته بل أنني أذكر أنه عندما وقعت القرعة الهيكلية على قداسته ليكون بطريركًا جاء لزيارة وادي النطرون، وعندما أتى إلى دير السريان طُلِبَ مني إلقاء كلمة تحية للأب المختار للبابوية، فتكلمت قليلًا وإذ به يمسك منديله ويمسح عينيه من الدموع، وتأثرت كثيرًا ببكائه أمام جميع الناس.
لذلك عندما تنيح البابا، تعطلت الشوارع المحيطة بالبطريركية من كثرة الناس الذين أتوا لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، عشرات الألوف سدوا كل الطرق، حتى أن رجال البوليس وبذلوا مجهودًا كبيرًا يُشْكَرون عليه من السادسة صباحًا حتى الحادية عشر مساء والوفود لا تنقطع.. الكل يريد أن يأخذ بركة البابا الراحل.
البابا كيرلس السادس ونشر الكرازة خارج مصر
وأردف البطريرك الـ117: نشر الكرازة في خارج القطر، سَيُكتب في تاريخ الكنيسة القبطية أن أول كنيسة بُنيت في استراليا وفي كندا وفي الولايات المتحدة والكويت ولبنان وغيرها كانت في عهده.