هند الطيبي الحاصلة على جائزة المرأة في العلوم 2021.. رحلة كفاح تُوجّت بنجاح
توفي والدها، وهي بعمر 3 سنوات، لتلعب والدتها الطبيبة الصيدلانية دور الأم والأب بإتقان، وتغرس في ابنتها الدكتورة هند الطيبي؛ حُب العلوم الطبية والصيدلة، كما زرعت فيها الإصرار، وقوة التحمل والصبر، لتحقيق الأهداف، وهو ما جعلها فخورة بها اليوم، لما وصلت له من مكانة علمية، بداية من عملها بالجامعة الألمانية بالقاهرة، عقب تخرجها بتفوق، حيث استطاعت أن تقدم العديد من الأبحاث والمشروعات حول سرطان الكبد والثدي ومرض التصلب المتعدد، بجانب حصولها على العديد من الجوائز.
التحقت الدكتورة هند الطيبي منذ صغرها بمدرسة السلام الخاصة؛ التابعة لكلية رمسيس بالشهادة البريطانية IGCSE، ووصولا للمرحلة الثانوية، حتى قررت، الدخول في الشعبة العلمية، حُبًا في مجال العلوم، لتنهي الثانوية بالنظام البريطاني بمجموع 98 %، وتبدأ بعد ذلك؛ أولى الخطوات في دراسة مجال الصيدلية مثل والدتها، التي تعتبر المثل الأعلى لها، وكانت ضمن أول دفعة تلتحق بكلية الصيدلة بالجامعة الألمانية عام 2003، لتتخرج عام 2008 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.
وعقب التخرج؛ قررت الجامعة الألمانية، أن تُعين أول 20 طالبا وطالبة على دفعة 2003 بكلية الصيدلة، إلا أن ترتيبها كان 21 على الدفعة، لكن ذلك لم يفقدها حلمها، وقالت: كان حلمي التدريس في الجامعة، لذلك لم أيأس، وأمي شجعّتني، وسجلت ماجستير دون ما أكون مُعيدة، ولم أكن أعرف ما هو مصيري بعد تحضير الماجستير، لكن الحمد لله عُينت مدرس مساعد، بعد مناقشة الماجستير مباشرة، وكانت رسالة الماجستير، حول اكتشاف الجينات المسئولة عن الإصابة بسرطان الكبد.
رحلة عقب التخرج
وبعد الانتهاء من رسالة الماجستير عام 2009، والتي انتشرت في مجلات دولية، وعُرضت في مؤتمر بإسطنبول؛ اتجهت الدكتور هند إلى تسجيل الدكتوراة في ذات العام، من خلال مشروع تعاون بين الجامعة الألمانية بالقاهرة، ومعهد الباثولوجي بجامعة هايدلبرغ بألمانيا، حيث اكتشفت خلالها؛ جينات مسئولة عن تدهور سرطان الكبد، لذلك نُشرت على جزئين في مجلتين دوليتين، وعرضت في أكبر مؤتمر للكبد في أوربا EASL ببرشلونا بإسبانيا عام 2012.
وبعد مرور عامين؛ ترقّت وظيفيًا، لتُصبح مُدرسًا في كلية الصيدلة بالجامعة الألمانية عام 2014، إضافة إلى أن شغفها بالبحث العلمي؛ جعلها تنشئ فريقًا بحثيًا من طالبات الماجستير والدكتوراة عام 2015؛ يتمحور عن سرطان الكبد والثدي، من خلال البحث عن الجينات المسئولة عن تقوية المناعة لمحاربة الخلايا السرطانية، بجانب العمل على تحسين نتائج العلاج الكيماوي للسرطان، مع تقليل أعراضه من خلال تقوية الجهاز المناعة بالأدوية بجانب الكيماوي.
كما أن الطيبي؛ أضافت إلى مجال بحثهم؛ مرض التصلب المتعدد Multiple sclerosis، حيث قالت، إنه مرض يُصيب المناعة، ويتسبب في مُهاجمتها للأعصاب وخلايا المخ، لذلك نحاول البحث عن أسبابه، لأنه لا أحد يعرف سببه إلى الآن، وبالتالي لم يُعرف له علاجًا، نظرا لأن الأدوية الخاصة به إلى الآن؛ وظيفتها تحسين أعراضه، لذلك نحاول البحث عن علاجات بغرض الشفاء منه، عبر البحث عن الجينات المسئولة عن الإصابة بمرض التصلب المتعدد.
وأشرفت أيضًا خلال السنوات الماضية على 26 بحثا من رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة كلية الصيدلة؛ جميعهم نُشروا في مجلات دولية، وعُرضوا في مؤتمرات عالمية مثل: EASL، ESMO، EMBL، وذلك بجانب عملها حاليًا على 17 رسالة أخرى؛ تبحث في مجالات سرطان الكبد، سرطان الثدي، والتصلب المتعدد.
بجانب ذلك؛ عملت هند الطيبي، على تطوير ذاتها في مجالات أخرى، حيث قدّمت على ماجستير إدارة الأعمال MBA عام 2016، لتنتهي منه عام 2020، أعقبه دبلومة في الاقتصاديات الدوائية بين الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، والنقل البحري في مصر، وجامعة أوتريخت في هولندا عام 2020، وعلى إثرها؛ حصلت على المركز الأول على مستوى الدبلومات بهذه السنة.
وفي فبراير عام 2021؛ ترقّت إلى أستاذ مساعد بالإدارة الألمانية، وأيضًا المجلس الأعلى للجامعات بمصر، وبنهاية العام؛ حصلت على جائزة المرأة في العلوم Women In Science من قبل BioScience Scientists Awards.
وتخلل عمل الطبيبة، على عِدة مشاريع؛ تُثمر بنتائج علمية تفيد البشرية في مجال سرطان الكبد وسرطان الثدي، حيث حصلت على تمويل 3 مشاريع من الجهة الألمانية DAAD، منهم مشروع بالتعاون مع معهد الباثولوجيا بجامعة كولن بألمانيا عام 2009، عن التعزيز الجيني للخلايا المناعية في سرطان الكبد، وآخر بالتعاون مع مستشفى Charite، و MDC في برلين بألمانيا عام 2022 عن اكتشاف بروتينات جديدة؛ تساعد من فاعلية العلاج الكيميائي، وتعزز الخلايا المناعية لمحاربة سرطان الثدي، بالإضافة إلى حصولها على تمويل مشروع من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا المصرية ASRT عام 2021، حيث تمكنوا لأول مرة عالميًا من اكتشاف مُركبات جديدة؛ تُنشط الخلايا المناعية لمهاجمة سرطان الكبد، ما جعل البحث يحصل على 3 جوائز، منها جائزة من أكبر مؤتمر كبد في أمريكا AASLD، وجائزتين من مسابقة falling walls lab في ألمانيا.
لم تكن الدكتورة هند الطيبي؛ تقتصر فقط على الحياة العلمية، بل هي زوجة وأم لطفلتين، لذلك تعمل بحرص وجهد على تنظيم وقتها بين عملها بالجامعة والأبحاث، وبين أعمال المنزل واحتياجات أسرتها، قائلة: الأمر يتخلله صعوبات ومجهود وقلة نوم، لذلك النقطة المحورية؛ تتمثل في تنظيم الوقت، متابعة: لكي يكفي اليوم؛ أستيقظ الساعة 5 أو 6 الفجر، لإنهاء أعمال المنزل، وتلبية احتياجات البنات إلى الساعة 8.30 صباحا، وبعد ذلك أذهب إلى العمل بالجامعة، لإعطاء المحاضرات، وعقب الانتهاء، أعود إلى المنزل في الساعة 4 عصرا؛ ثم يتم تقسيم اليوم بين أعمال المنزل والمشاريع والأبحاث، وفي حالة أيام تسليم بحث أو مشروع؛ أعمل عليه حتى إنهائه، وأما عن مُكالمات فريق البحث من طلاب الماجستير والدكتوراة، فهي لا تنقطع صباحا ومساءً، حتى في أيام الإجازة، لأنهم يعملون في المعمل يومي الإجازة الجمعة والسبت أيضًا.
