الجمعة 29 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مدته 50 يومًا.. مسار العمال والمهاجرين غير الشرعيين من مصر إلى ليبيا

عمال مصريون في ليبيا
تقارير وتحقيقات
عمال مصريون في ليبيا
الإثنين 14/مارس/2022 - 07:31 م

 رحلة طويلة يقطعها المهاجرون غير الشرعيين من مصر إلى ليبيا تبدأ من السلوم وصولا إلى الكفرة بدولة ليبيا، سعيا وراء الرزق، وأملا في توفير حياة كريمة لهم ولأبنائهم، ونرصد فيما يلي مسار حركة العمالة المصرية التي تدخل ليبيا عن طريق التهريب والتي تستمر 50 يوما على التوالي، بعضهم يصل بسلامة وأمان، والبعض الآخر يُقتل أو يقع أسيرا بين أيدي العصابات المسلحة التي تختطفهم وتطالب بدفع فدية لإطلاق سراحهم. 

يلجأ كثير من المصريين إلى دخول الأراضي الليبية عن طريق التهريب خاصة في الوقت الذي عُلقت فيه حصول المصريين على تأشيرات دخول إلى الأراضي الليبية، وتمر رحلة التهريب بـ10 مراحل مختلفة، نستعرضها فيما يلي.. 

 

مسار تهريب العمالة من السلوم حتى الداخل الليبي 

البداية من منطقة الهضبة حتى السلك الحدودي وتستغرق 10 ساعات تقريبا، تلك المسافة يقطعها المهاجرين سيرا على الأقدام وبعد الوصول إلى الحدود الليبية يستلمهم جنود الجيش الليبي، وهنا تنتهي مهمة الدليل الموفد معهم من قبائل السلوم.

بعدها يستقل العمال والمهاجرون عربات دفع رباعي تقطع مسافة 20 كيلو حتى تصل العمالة إلى مخزن بمنطقة مساعد كل مخزن عبارة عن غرفة بالبلوكات، وهناك يتم استقبال المهاجرين بالضرب من قبل أفراد العصابة المشكلة من جنسيات عربية مختلفة، حيث يتم تقسيم المهاجرين لمجموعات وكل مجموعة يكون مسؤولا عنها ما يسمى بالعميل، كل عميل يكون معه كشف بأسماء مجموعته التي يكون مسؤولا عنها منذ تحركهم من السلوم ويناديهم بأسمائهم فردا فردا، يُطلق العميل على أفراد مجموعته اسم محدد مثل (السلطان - الدبوس - العفريت - فرعون )، ويظل كل عميل ينقل أفراد مجموعته من مخزن لآخر في أماكن سرية.

الانتقال إلى مخازن في صحراء طبرق هي المرحلة التالية، حيث يُنقل المهاجرون عبر عربات تسير في المناطق الجبلية فقط، وبعدها يستقلون كساحات الأسمنت، وتبدأ الرحلة من منطقة طبرق للبيضاء والمعروفة تاريخيا باسم "بلاغراي"، وتستغرق هذه الرحلة ما بين 6 و9 ساعات، يجلس المهاجرون وفوقهم شكائر أسمنت، ويفصل بين كل فرد لوح خشبي بعرض 50 سم.

يستقل العمال بعدها رحلة الانتقال من البيضاء إلى المرج وهي إحدى المدن الليبية القديمة، حيث يستقل المهاجرون عربات دفع رباعي يجلس المسافرون وراء كرسي السائق كل 3 فوق بعضهم البعض، بعدها ينتقلون إلى مدينة السلطان، ثم إلى إجدابيا ومنها إلى زلة، ثم يسافرون إلى زلة، ومنها إلى الكفرة.

العمالة المصرية تنتقل من مدينة إلى أخرى وفقا للموقع الذي يقصدونه للعمل، لكن المهاجرون ينتقلون في النهاية إلى مدينة بني وليد، وهناك يقسمون كل على حسب الوجهة التي يريد الذهاب إليها. 

 

رحلة مبارك عبر دروب السلوم 

يقول مبارك محمد، 35 عاما من محافظة الفيوم، إنه سافر إلى ليبيا بطريقة غير شرعية تحديدًا عام 2018، تعرض خلالها لمخاطر عدة، ويحمد الله أنه نجا منها، يقول: عرفت الشقا منذ نعومة أظافري خاصة أن رحلتي الأولى إلى ليبيا  كانت في أواخر التسعينيات، حينها لم يكن عمري قد تجاوز الـ 12 عاما، بعد أن استخرجت جواز سفر بشهادة ميلادي بضمان والدي ومساعدة أشقائي الكبار الذين يعملون في ليبيا، حيث سافرت قبل 23 عاما لأعمل شيف حلويات أسوة بأخواتي.

يكشف مبارك تفاصيل رحلة الموت التي عاشها على مدار شهر كامل، قائلا: اضطررت للسفر بشكل غير شرعي لأن شغلي وسيارتي كانوا هناك، وكان لا بد من السفر لاستئناف العمل ومتابعة مصالحي التي أفنيت عمري في تكوينها، موضحًا أنه اتفق مع مهرب على السفر بطريقة غير شرعية، وتسلمه بمدينة السلوم في محافظة مطروح، لتبدأ رحلة السير على الأقدام في منطقة جبلية حتى الفجر، استغرفت رحلة مبارك شهرًا كاملًا في الطريق يتنقل ومعه آخرون من مخزن لمخزن، تعرضوا خلالها للضرب والإهانة والتهديد بالسلاح بين الحين والآخر على يد مهربين ليبين.

يقول مبارك: وسيلة النقل الوحيدة كانت سيارة ربع نقل يستقلها ما يتراوح من 25 لـ 30 فرد بالصندوق تحديدا، لتسير بنا في الجبل بسرعة 160 كيلو في منطقة وعرة للغاية، متابعا سيارات التهريب عادة ما تتعرض للإنقلاب ويموت ما بها من أشخاص  نتيجة الكثافة والسرعة الزائدة والطريق الجبلي الوعر ومن يسقط ويموت لا أحد يسئل عنه وبالفعل خلال رحلتي سقط أحد الركاب يأتي هذا في وقت ظللنا لأيام دون طعام خلاف عدم مقدرتنا على الاستحمام طوال فترة السفر التي قد تزيد عن الشهر.

 

يحكي مبارك معاناتهم قائلا: لو غسلت وشك الصبح تبقى ربنا كرمك من وسع وقد يحدث في الطريق خطف وبيع وشراء لك ولزملائك "، وقد تتعرض للخطف هتدفع أكثر من 75 ألف جنيه وهناك أشخاص وصل سعرهم لـ 100 ألف جنيه نتيجة بيع الخاطف المختطف لآخر والخاطف الثاني يبيع المختطف لخاطف ثالث والأخير هو من يحدد سعر المختطف.

ويتابع مبارك: كل عمليات الخطف تتم على أرض ليبيا ورغم ذلك فإن الليبيين من أفضل الناس في التعامل معهم، ويتذكر مبارك الوضع في ليبيا، قائلًا: "لا أنسى ما حدث عام 2017، حينما قامت كتيبة تتبع بشير الحفيان باختطاف مصريين كعادته حيث كان تخصص اختطاف وتعذيب مصريين، حيث قام في العام السابق ذكره باختطاف وضرب وتعذيب مصريين وطلب مبلغ 5000 دينار ليبي  عن كل مختطف حيث قامت الكتيبة  باختطاف بعض معارفي مرة واثنين  وثلاثة  وكل مرة ملزمين بالدفع ومن لا يدفع يضرب  بالرصاص في قدمه أو قطع قطعة من أذنه  رغم ذلك لا يوجد حاليًا   خطف داخل طرابلس لكن  مليشيات غنيوة لا زالت  مسيطرة حيث يتم الخطف في المنطقة الشرقية التي تتم عمليات التهريب بها.

ووفقًا لمبارك فالوظائف المتاحة فقط لمن لهم معارف فحسب، أما من يأتي وليس له معارف فليس له مكان، مشيرًا إلى ارتفاع نسبة الأفارقة العاملين في ليبيا عن المصريين نظرًا لانخفاض الأجور التي يحصلون عليها للنصف عن المصريين أما عن النصب فلا يعد ولا يحصى فهناك الكثيرين ممن تعرضوا للنصب في العمل ورفض أرباب العمل إعطائهم أجورهم المتفق عليها وهذا الأمر ليس بجديد.

 

شركات وهمية تعلن تسفير مصريين إلى ليبيا مقابل 20 ألف جنيه

تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي إعلانات عن توفير رحلات سفر من مصر إلى ليبيا بأسعار تتراوح من 17 إلى 20 ألف جنيه، مؤكدين في إعلاناتهم المزعومة عبر وسائل التواصل أنها شرعية حيث يعلن هؤلاء عبر الجروبات الخاصة بالعمالة المصرية في ليبيا.

 

محمد يدفع فدية مرتين 

لم يتوقع أحمد محمد، 26 عاما، عامل معمار من محافظة الفيوم، أن يقع في يد المليشيات تارة وتارة أخرى في يد الحكومة ليقضى أشهر طويلة رهن الاحتجاز والتعذيب، وعن رحلته من محافظة الفيوم إلى ليبيا يقول: اتفقت مع أحد الأشخاص على تسفيري لليبيا بطريقة غير شرعية مقابل 25 ألف جنيه وفي منتصف الطريق وتحديدا في بني غازي قامت المليشيات بإحتجازنا مقابل مبلغ مالي يتراوح من 90 لـ 100 ألف مصري حينها تداين كل من الـ 15 فرد وأنا أحدهم في تلك المبالغ لكي يُخلي سبيلنا بعد احتجازنا في منطقة بني وليد، لمدة تزيد عن الـ 10 أيام حيث تعرضنا للسباب ولم يقدم لنا سوى طعام ومياه غير آدميين.

يضيف محمد لـ القاهرة 24: لتعويض المال الذي اقترضته اضطررت للاستمرار في ليبيا للعمل مدة 6 أشهر إضافية تقريبا في سبيل تدبير المبلغ الذي تداينت به ليخلي سبيلي، متابعا هناك من باع أرضه وأملاكه ليدفع للمليشيات الفدية، ولم أعلم أن معاناتي ستتجدد بعد احتجازي مجددا على يد السلطات حيث ظللت رهينة لثلاثة أشهر بتهمة الدخول بطريقة غير شرعية ليخلي سبيلي وآخرين بعد تدخل السفارة المصرية ومنظمات حقوقية، مختتما حديثه قائلا: لا يمكن أن أذهب مجددا لليبيا مهما حدث بعد ما تعرضت له من عذاب. 

أما محمد أبو علي الذي يعمل مبيض محارة، فيقول: سافرت ليبيا عبر رحلة هجرة غير شرعية عن طريق السودان قبل عامين فله رأى آخر قائلا " لا يوجد في ليبيا عمل حاليا الدنيا واقفة منذ بداية كورونا خاصة وأن سعر الصرف متراجع، متابعًا نظرًا لقلة الشغل انخفض الدخل إلى حد كبير بنسبة تزيد عن الـ 40% فضلًا عن الوضع الاقتصادي المتدهور في ليبيا يأتي ذلك في وقت شهدت أسعار الغذائية زيادة تتجاوز الـ 30% ، متابعا لم يعد هناك أي جدوى من السفر لليبيا حاليا عدد كبير من المصريين يعودون إلى بلدهم مصر أكثر ممن يأتوا إلى ليبيا.

 

باحث سياسي ليببي: المرتزقة الأجانب تعدادهم 20 ألف مقاتل

من جانبه يقول حسين مفتاح، محلل سياسي ليبي، إن عدد الميليشيات الأجنبية النشطة في ليبيا يقدر بنحو 20 ألف مقاتل، وذلك حسب التقديرات الحكومية، أما المقاتلون المحليون فلا يوجد حصر بتعدادهم، ولكنهم قد يتجاوزون عشرات الآلاف وفقا لتقديره، خاصة وأن هؤلاء يزداد تعدادهم أو يتناقص حسب الأحداث حيث يعملون بنظام المقاولات ويتقاضون مبالغ مالية كبيرة وهؤلاء عددهم كافي ليجعلوا البلد غير مستقرة.

يضيف مفتاح لـ القاهرة 24: للأسف الدولة الليبية سقطت في الفوضى منذ عام 2011 بعد سقوط نظام القذافي والتدخل الخارجي دخلت مجموعات تحت غطاء ثوار وهم في حقيقة الأمر من الجماعات الإسلامية من جنسيات مختلفة، متابعا: بعد سقوط النظام السياسي في ليبيا اعتبر هؤلاء أن القتال مع المتطرفين مصدر رزق لهم، وهؤلاء ممارستهم غير منضبطة ووجودهم يمثل خطر على أي عملية سياسية أو أي نشاط اقتصادي، متابعا: لكن الآن تراجع نشاط الميليشيات عن ذي قبل إلى حد كبير فالمناطق التي يسيطر عليها الجيش أكثر أمان واستقرار عن غيرها وخاصة في المنطقة الشرقية ومناطق الجنوب ولكن لا يوجد ضمانات لاستمرار الوضع الآمن ما دام وجدت المليشيات.

وأشار إلى أن العاصمة طرابلس التي تعد مركز السلطة والسيادة للدولة الليبية لا يزال يوجد فيها ميلشيات، فثلث سكان ليبيا يقيمون بالعاصمة، أما مصراته فيوجد بها أقوى الجماعات المسلحة كما يوجد بها مرتزقة أتراك. 

تابع مواقعنا