صراع الموت والحياة على شواطئ ليبيا.. ننشر تفاصيل رحلة ضحايا غرق مركب الهجرة غير الشرعية | خاص
أيام صعبة وساعات قاسية تعيشها مدينة تلا بالمنوفية، فقد اكتست المدينة منذ أمس بالأسود حزنا وحدادا على أبنائها، الذين سافروا منذ أسابيع ليست ببعيدة، بحثا عن لقمة العيش، والحياة الهانئة، وعادوا جثثا هامدة.
وبين ضواحي مدينة تلا، تقطن عائلة، تبيع الوهم للشباب، عن طريق خدعة السفر لدولة أجنبية وحلم الثراء، مغلفا بغطاء الهجرة غير الشرعية، وقد احتجزت تلك العائلة، وفقا لتصريحات الأهالي، أكثر من 700 شاب من شباب المنوفية في مخزن بأحد صحاري ليبيا، قبل قتلهم عن طريق تهريبهم من خلال مركب صيد، بعد حملهم عليها نحو الطريق إلى إيطاليا.
واستطاعت قوات حرس السواحل المصرية، رصد مركب صيد يوم الجمعة الماضي، تغرق بين أمواج سواحل ليبيا، وعلى متنها أكثر من 20 شابا مصريا، أنقذت قوات الحرس ما استطاعت منهم، وفقد بعضهم بين مياه البحر المتوسط، ووصل البعض الآخر إلى شواطئ طبرق جثثا متحللة.
تواصلت القاهرة 24 مع أهالي 5 من ضحايا الهجرة غير الشرعية، ليحكوا مأساة أبنائهم في رحلة الموت.
طائرة وسفينة وأوهام.. خدوعنا في تفاصيل السفر
قال أهالي الضحايا قبيل استلام جثث ذويهم بسويعات قليلة، لـ القاهرة 24، عاش أولادنا مأساة حقيقة خلال رحلة السفر، فقد تم احتجازهم داخل مخزن، مؤكدين أن البداية كانت من خلال سمسارين في شارعهم، السمسارين هم أخوة، ويمتلكون ورشا في مدينة بنغازي بليبيا، وإذا نظرنا إلى كمية الثراء الحديث الذي اكتساهم فسنتأكد من صدق حديثهم، خاصة أنهم اتفقوا مع أكثر من مئتي شاب من نفس المدينة على السفر وتم تهجيرهم بالفعل.
وتابع الأهالي: لم نكن نعلم ما يكنونه في داخلهم خلال بداية الأمر، فقد اتفقوا معنا على مبالغ متفرقة وذلك وفقا للمقعد الذي يريده أبناءنا في الطائرة، والسفينة، فقد أكدوا لنا أنه سيتم تسفير أولادنا من خلال طائرة إلى ليبيا، وبعدها بالسفينة إلى إيطاليا، وتفاوتت المبالغ المدفوعة لهم بين 150 ألف جنيه، إلى 200 ألف جنيه.
وأوضحوا، أن أبناءهم، لم يسافروا إلى ليبيا في يوم واحد، بل تمت على فترات متفرقة، كان الفرق بينهم من أسبوع إلى أسبوعين، مؤكدين أنه بعد تسفيرهم وجد الأهالي صعوبة كبيرة في التواصل مع ذويهم، وكانوا يلجأون وقتها للسمسار باعتباره هو خيط التواصل بينهم وبين أبنائهم، والذي من جهته كان يطمئنهم.
رحلة الموت
وأكدوا، أنه بعد فترة حوالي شهر من سفرهم، استطاعوا أخيرا التواصل معهم، وبكل فرح لسمعاهم صوت فلذات أكبادهم، وكانت الصدمة، فقد قال لهم أبنائهم أنهم محتجزين منذ شهر في مخزن غريب بمكان مجهور بأحد صحاري طبرق.
وتابع أهالي الضحايا: لم يسافر أبناءنا على متن طائرة، بل تم تهريبهم بالسيارات من خلال طريق بري، بالرغم من أنهم استخرجوا فيزا مدتها شهر للسفر بأمان إلى ليبيا، مؤكدين أن أبناءهم كانوا يتعرضون للضرب والتعنيف من قبل مجموعة من البلطجية الذين لم يسمحوا لهم بالتواصل مع ذويهم، حتى أنهم لم يسمحوا لهم بالخروج من المخزن، خشية أن يراهم أحد فيفضح أمر السمسار وعصابته، الذين يحتجزون في المخزن أكثر من 700 شاب من محافظات متفرقة من مصر، وهؤلاء الشباب بالمخزن لفترة تتجاوز الـ6 أشهر.
قتلوا عيالنا واتصلوا يعزونا
وأكد الأهالي، أن أبناءهم تواصلوا معهم يوم الجمعة، وأكدوا أنهم على متن مراكب صيد متفرقة كل مركب على متنها أكثر من 20 شابا، في طريقهم للخروج من ميناء طبرق بليبيا، وبعدها بساعات رأينا الأخبار عن غرق مركب هجرة، هرولنا وتواصلنا مع السمسار لنطمئن على أبنائنا فأكد لنا أنه ليس لديهم شبكة حاليا لأنهم على متن السفينة في طريقهم إلى إيطاليا.
وتابع الأهالي: تواصلت معنا الجهات المختصة، قائلين هنبعتلكم صورة جثة، عليها بيانات الاسم، يا ريت تتعرفوا عليها دا ابنكم ولالا؟، وكانت تلك من أصعب وأقسى لحظاتنا، وكانت الصدمة عندما وصلت الصورة إلى هواتفنا وتأكدنا أنهم أولادنا، مؤكدين أنه بعد علمهم وإعلان الخبر اتصل بهم السمسار ليعزيهم.
وأكدوا، أن أولادهم كانوا في صراع بين الموت والحياة، كما أن السمسار كذب عليهم وخدعهم، مطالبين بحق أبنائهم، وإنقاذ الشباب المحتجزين.