ثلاثية الأبعاد 1.. كارثة هيلزبره بين تغيير كرة القدم الإنجليزية والرقص على قبر رئيسة الوزراء
كرة القدم هي الشيء الأكثر إثارة في عالمنا على مر العصور، دائمًا لها عناصرها التي تميزها عن كل وأي شيء من حولها، لذلك يمكن أن نقول إن لها أبعاد مختلفة وكثيرة، أو نقول إنها ثلاثية الأبعاد.
سنقول إن كرة القدم ثلاثية الأبعاد، لأنها يمكن أن تجد فيها الفرح ويمكن أن تجد الحزن ويمكن أن تجد الطرائف أو العجائب، وبالرغم من ذلك فإن حب الجماهير لها حول العالم لا يتغير بل يزداد كل يوم عن سابقه.
سلسلة ثلاثية الأبعاد
ولهذا سنتحدث في سلسلة ثلاثية الأبعاد في شهر رمضان المبارك، عن أبرز القصص حول أبعاد كرة القدم التي سبق ذكرها، وستكون البداية من حادثة هيلزبره الشهيرة والمحزنة بشكل كبير جدا.
صدمة حادثة هيليزبره
تلقت جماهير كرة القدم بشكل عام والكرة الإنجليزية بشكل خاص، صدمة كبرى وذلك يوم 15 أبريل عام 1989، قبل مباراة ليفربول ونوتينجهام في الدور نصف النهائي من بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي على ملعب هيلزبره الخاص بنادي شيفيلد وينزداي.
وكان ملعب المباراة لا يسع إلى حضور أكثر من 35 ألف متفرج، ولكن بالطبع حضر عدد أكبر بكثير من هذا الرقم، بسبب شعبية نادي ليفربول وأهمية المباراة، وكانت النتيجة حدوث تدافع ودهس تسبب في كارثة كبرى بسبب السياج الحديدي الفاصل بين المدرجات وملعب المباراة، لينتهي الأمر بوقوع 770 إصابة توفي منهم 96 شخصًا، وكانت صدمة كبيرة ألغيت على إثرها المباراة وتم فتح التحقيقات.
تحقيقات الحادثة وتغيير في كرة القدم وعداء تاتشر
وفتحت الحكومة البريطانية تحقيقا حول الحادثة، والتي تسببت في حالة هيجان كبيرة في الشوارع الإنجليزية، بسبب تصريحات مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء في ذلك الوقت، حيث رفضت تحميل الحكومة الخطأ وحملته للجماهير قائلة: السكارى الهَمج تسببوا في كارثة.
وكان وقع التصريحات شديد جدا، على المشجعين، أن يتم وصف موتاهم في الواقعة بهذا الوصف.
ومن جانب الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، فقد قرر إلغاء فكرة وجود السياج الحديدي الفاصل بين المدرجات وملعب المباراة، في كل الملاعب الموجودة في إنجلترا، وتم إلغاء المباراة وإعادتها في 7 مايو على ملعب أولد ترافورد وفاز ليفربول بثلاثية مقابل هدف، بل وحصد اللقب في الدور النهائي على حساب إيفرتون وارتدى لاعبو الفريقين شارات سوداء يوم المباراة.
وخلال التحقيقات ألقت الحكومة البريطانية اللوم على الجماهير، حتى جاء اللورد تايلور للتحقيق في الحادثة، وأعد تقرير أطلق عليه تقرير تايلور، وألقى فيه اللوم بالكامل على الحكومة لأنها تهاونت بشكل كبير في تأمين المباراة ذلك اليوم، وكانت السبب الرئيسي في الحادثة.
أما الجماهير، فكان عليهم جزء من الخطأ، ولكن لم يكونوا سكارى مثلما تم وصفهم.
وأغلقت التحقيقات، وظلت الجماهير تطالب بإعادة فتحها حسرة منهم على ضحاياهم، وذلك طوال 27 عاما وخرجت الجماهير في الشوارع ترفع لافتات مكتوب عليها العدالة من أجل الـ96، واكشفوا الحقيقة قبل أن تموت تاتشر.
وبالفعل في ديسمبر عام 2012، صدر تقرير يؤكد أن التحقيقات كشفت أن الخطأ بالكامل يقع على الحكومة وليست الجماهير لعدم تأمين المباراة وحدوث إهمال كبير منهم، ليخرج ديفيد كاميرون رئيس الوزراء في ذلك الوقت ويبدي أسفه بشكل كبير للجماهير عن الواقعة وإهدار حق المتوفين طوال السنوات الماضية.
الهجوم على تاتشر وموقف الاتحاد الإنجليزي
وكانت تاتشر صاحبة لقب المرأة الحديدية، تعاني من المرض الشديد في ذلك الوقت، وخرجت الجماهير في الشوارع رافعة لافتات سنحتفل عندما تموت العجوز الشريرة تاتشر، حتى توفيت بالفعل، وسادت فرحة كبيرة بين جماهير ليفربول، ولكنها كانت مختفية خلف ستار الحزن المسيطر على البلاد في ذلك الوقت.
ولكن بمرور الوقت، خرجت بعض الجماهير في الشوارع تحتفل بموت تاتشر، ورفعت جماهير ليفربول لافتات في أول مباراة لهم عقب وفاتها مكتوب عليها لم تهتمِ عندما كذبتِ، ونحن لا نهتم بموتك، وماتت عجوز الشر، شمعة الـ96 تشتعل بفخر، بل وصل الأمر إلى قيام البعض بالرقص على قبرها نفسه.
وكان الرد الأقوى من جانب الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، حيث رفض الوقوف دقيقة حداد في المباريات على وفاة تاتشر، ورفعت الجماهير لافتة مكتوب عليها دقيقة الحداد هي فترة طويلة جدًا، فترة لا تستحقها الحديدية التي تنصهر في الجحيم الآن، وتمت إقامة العديد من النصب التذكارية للمتوفين في الحادثة، لتكتب كرة القدم قصة حزينة جديدة بين سطورها، ولكن نهايتها كانت سعيدة بعض الشيء للجماهير بسبب مجيء حقوق موتاهم.